الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غزة تتشابه المعاني وتختلط المفردات ...

محمد أبو مهادي

2007 / 6 / 21
القضية الفلسطينية


ظاهرياً فان ما حصل في غزة هو انقلاب عسكري ، حيث استولت حماس علي مقار السلطة الوطنية الفلسطينية الأمنية ومقر الرئاسة وقامت بتدمير أخري علي رؤوس من فيها كما حصل في "خانيونس" عندما دفن مقر الأمن الوقائي هناك في الأرض، بعد أن استولت سابقاً علي المفاصل الأساسية في الوزارات المدنية المختلفة وشكلت جيشاً من المسلحين، ذلك هو الحدث الذي تناقلته وسائل الإعلام الفرحة منها والحزينة، وهذا ما تناوله السياسيون في العالم وقاموا ببحثه وتحليله ووضع سيناريوهات عديدة للخروج من هذه الورطة التي وضعت حماس وفتح نفسيهما فيها وأجبرت كل العقلاء للتفكير في كيفية إخراج الحجر من البئر؟
الضحايا بالنسبة للكثير من السياسيين مجرد إحصائية من القتلى والجرحى تعلن عنها وزارة الصحة أو الإذاعات المحلية، وقد يصدر عنهم تقرير صغير لبعض منظمات حقوق الإنسان، إضافة لتعليق بسيط حول دستورية ما قام به الرئيس الفلسطيني من إجراءات .....
في غزة الصغيرة المكتظة بالسكان حكايا كثيرة، ولكل مواطن حكاية، وأكثر الروايات دقة وحكمة تلك التي يسردها الكبار من سكانها حيث يروي حكاية تداول الحكومات التي توالت علي قطاع غزة، مستهلا حديثه بعهد الامبراطوية العثمانية مروراً بالانتداب البريطاني والجيوش العربية التي تصدت للاحتلال الإسرائيلي إبان نكبة العام 1948 وتجربة اللجوء، مروراً بالإدارة المصرية التي حكمت قطاع غزة ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967 الذي أعقبه مقاومة أسفرت عن قيام أول سلطة وطنية فلسطينية تحكمها حركة فتح، ومن ثم حماس فيما وصفه بعض قادتها بالتحرير الثاني!! ليختم الكبار حكايتهم بالقول بان "دوام الحال من المحال".
أما أكثر الروايات مأساوية تلك التي ترويها امرأة في منتصف العمر تشاهدها وهي تقرأ الفاتحة كل يوم خميس أمام ضريح ابنها الذي قتل ظلماً وعدواناً، أمام أعينها وسحب من علي سلم بيته وهو مصاب ومن بين أفراد أسرته ليقاد إلي مقبرة في شمال غزة حيث تواري الجثمان بصمت.
اتهم ابنها بالقتل فجاء المحقق ملثماً بالسواد ومن ثم اصدر قراراً بالقتل، فقتل ولدها في لمح البصر ليضيف رقماً في إحصائيات الساسة ومنظمات حقوق الإنسان.
يكرر بعض الساسة وصف غزة بالسجن الكبير، بعد أن جعلها الاحتلال منفي للمناضلين، وهي الآن مقبرة كبيرة للأخلاق والقانون حيث تهاوت كل الشعارات التي اختبأ خلفها القادة الجزارين، هي مسرح عالمي لتجارب مختلفة، " الوحدة الوطنية، الحرية، الديمقراطية، السيادة، الدين، القيم، القانون، والأخلاق، النسيج الاجتماعي، الأمن" والكثير من المصطلحات ذات الطابع ألاستخدامي جميعها تهاوت أمام مشهد شاب يقتل علي شاشات التلفزة، أو أمام جمهرة من الغاضبين.
في غزة هناك شبه كبير قد يصل إلي حد التطابق بين الفدائي وقاطع الطريق، بين قائد في تنظيم سياسي ورئيس عصابة، بين القاضي والجلاد، وبين العالم والأمي الذي حرمته ظروف الحياة من فرصة التعليم، غزة هي بلد القضاة وقاعات المحاكم علي شكل فوهات بنادق، والدقيق فيها لا يختلف عن أل " تي ان تي" فالاثنتان من وجه نظر البعض وسيلة للاستمرار والبقاء.
في غزة نجحوا حيث فشل الاحتلال، وفشلوا عندما نجح الاحتلال، وغاب التسامح عندما كثرت المساجد وعجت بالأئمة والمصلين.
ليس صراعاً علي التحرير ولا علي تقرير المصير، فالشعب الفلسطيني قدم من التضحيات ما يكفيه للتحرر عشرات المرات، وليس صراعاً علي تحرير الأسري أو عودة اللاجئين فقد وضعنا جميعاً في أسرِ جديد ولجوء جديد، وليس صراع المقاومة مع الحلول التصفوية، ولا من اجل تثبيت الهوية.
إنها الفئوية القاتلة، انه انعدام الضمير، إنها تجليات اكبر انهيار لمنظومة القيم والأخلاق والقانون.
قبل أيام تحركت الجماهير للفصل بين المشتبكين، فأطلقوا عليها الرصاص لقتل آخر مشاهد الدعوات للوحدة، وبعد أيام لا نعرف ماهية وشكل تحرك الجماهير، فغزة التي خاضت معارك عديدة ضد الاحتلال ومن اجل الاستقلال بكل تأكيد سيكون لها موقف من اجل حماية أبنائها وقد تكون ثورة علي الأحزاب؟ فعلي من سيطلق الرصاص وتحت أي عنوان يا من تقررون المصير؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة