الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلم الأهلي .. وليس المزيد من السلاح

جاسم الحلفي

2007 / 6 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اثارت الدعوات الى تسليح العشائر العراقية نقاشا محتدما، ليس حول الجهة المخولة بقرارت التسليح وحسب، بل حول صحة هذه الوجهة في ظل أوضاع أمنية يعيشها البلد توصف أنها في غاية الخطورة، وكذلك حول الجهة المخولة بالاتصال مع العشائر العراقية، هل هي الحكومة العراقية ام القوات الامريكية؟
الجانب الامريكي يصر على تسليح بعض العشائر في مناطق غرب العراق، وينطلق في ذلك من تجربة "صحوة الانبار"، لكن الدفع في هذا الاتجاه قد يسهم في خلق ميليشيات جديدة في الوقت الذي تتزايد فيه الحاجة لحلها، بعد ان اصبحت عامل توتر في الجانب السياسي كما هو في الجانب الامني.
أكدت احداث هذا الاسبوع، وما شهد من صدامات مسلحة في اكثر من محافظة ان الخطوات التي تسير عليها الحكومة باتجاه حل المليشيات لا زالت في بداية الطريق، وربما تكتنفها صعوبات كبيرة، ليس بمقدور الحكومة، في وضعها الحالي، اتخاذ قرارات مناسبة لمعالجة هذا الملف الشائك. لكن اذا ما عجزت الحكومة عن معالجة هذا الملف الان، وكما يجب، فانه لا ينبغي غض النظر عنه، أو التفكير بتسليح الاهالي والعشائر وبطرق غير مدروسة، بما يخلق المزيد من التوتر. ومن هنا فأن التحذير من تسليح بعض العشائر يبدو مفهوماًُ ومبرراً، خصوصاً اذا اقترن بالعزم على المضي قدماً في حل كافة التشكيلات المسلحة غير الرسمية، وتعزيز القوات الوطنية المسلحة والتأكيد على حيادتها واحترامها للقانون والدستور ولحقوق الانسان، أي انسان.
ان اخطر ما يرد من تحفظات واعتراضات على وجهة تسليح العشائر هو الاتصال المباشر بين رؤساء العشائر والقادة الامريكان الميدانيين، والتنسيق والتخطيط معهم. ان مهمة التنسيق هي للحكومة وحدها اذ لا ينبغي الاتصال بالقوات الاجنبية، من قبل اي كان، بمن فيهم رؤساء العشائر. وان كان - لابد – للعشائر من دور في دعم الخطط الامنية فلا يتم الا بالتنسيق مع الحكومة العراقية ومؤسساتها الدستورية لا غيرها، فهي من يمثل العراقيين، وليس لاي شخص الحق في التطوع للاتصال والتنسيق مع القوات الاجنبية، فاستسهال ذلك هو امر في غاية الخطورة.
ان العراق يعاني من انتشار السلاح، واتساع استعماله، وعدم السيطرة عليه، ولا حاجة لنشر المزيد منه. كما ان مسؤولية الأمن هي مسؤولية الحكومة، ومؤسساتها العكسرية بشكل مباشر، وحين نتحدث عن المسؤولية الوطنية في هذا الجانب، ينبغي لكل مواطن ان يؤديها عبر مؤسسات الدولة، وهناك أطر يمكن النشاط من خلالها، منها على سبيل المثال : لجان الدعم الجماهيري لخطة فرض القانون. وليس عبر التعاقد مع القوات الاجنبية واخذ السلاح منها والتعامل معها.
هناك مخاوف جدية من التسليح بهذه الطريقة التي لا تنسجم مع وجهة تعزيز استقلال الدولة وسيادتها، وكذلك تتقاطع مع كل الدعوات التي تؤكد على بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية، وإشاعة ثقافة السلم ونبذ العنف. كما ان هناك مخاوف غير قليلة من ان التسليح بهذه الطريقة قد يفتح الطريق الى مليشيات جديدة، يستهدف من انشائها مواجهة مليشيات اخرى لم تتمكن القوات الحكومة من حلها ولا القوات الامريكية من التعامل معها، وهذا ما يدفع البلد الى مشاكل جديدة.
ان انتشار السلاح الى هذه الحدود الخطرة بعيدا عن اجهزة الدولة يهدد مستقبل البلد، وينذر بمخاطر مستقبلية، ستكون اكبر، بالتأكيد، من المخاطر الحالية التي تدفع الى تسليح العشائر، كما ان خطره ليس على الحكومة وحدها بل ربما يؤسس لتهديد اقليمي يصعب السيطرة عليه.
كما ينبغي، في الوقت نفسه، العمل على ترسيخ الوجهة التي تؤكد: لا سلاح بيد المليشيات والاهالي، بل يجب ان يكون بيد مؤسسات الحكومة، العسكرية والبوليسية والامنية، وان ما يحتاجه شعبنا هو نبذ العنف واشاعة ثقافة السلم والتسامح، والمضي قدماً وبشكل ملموس، في تنفيذ مشروع المصالحة الوطنية، الذي، اذ ينهي كافة اشكال الوجود المسلح غير الشرعي، فأنه يرسي الاسس لتوافق وطني يوفر الاجواء المناسبة لاشاعة الامن والاستقرار واعادة البناء واستكمال الاستقلال والسيادة الوطنيين.
ليس بالسلاح وحده يبنى الامن، كما انه ليس بالتهديد تستقر النفوس، والشعب العراقي ضجر من قعقعة السلاح ويتطلع الى السلم والاستقرار، وكل ما يحتاجه هو دولة آمنة وفرص عمل وتوفير الخدمات وتأمين الارزاق... فهل من مجيب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط إقبال مكثف.. فرنسا تجري انتخابات تشريعية -مختلفة-، لماذا


.. بعد أدائه غير المقنع.. بايدن يجتمع مع عائلته لمناقشة مستقبل




.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف الانتخابات في إيران بـ-عملية


.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل




.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة