الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تآكل المشروع الوطني وضع العراقيين بين النارين

تقي الوزان

2007 / 6 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أدرك الأمريكيون ان الاخطبوط الايراني تمكن من مد اذرعه لأغلب الأطراف المناوئة للوجود الامريكي في العراق , من عراقيين وغير عراقيين , سنة وشيعة . والايرانيون مصممون على كسب الحرب مع الامريكان بكل الوسائل . وبغض النظر عن اهمية المشروع النووي الايراني الذي هو عنوان الصراع الظاهر , يبقى العراق خط الدفاع الرئيسي والدرع الواقي لجسد النظام الايراني . وهذا ما يدفع الايرانيين للتعاون والتنسيق مع أشد اعدائهم " القاعدة" وعصابات السنة التكفيريين , وليس غريبا ان يكشف النقاب ايضاً عن تعاونهم مع القتلة من البعثيين بمن فيهم عزت الدوري اذا اقتضت الضرورة ذلك .

وفي جانب العملية السياسية , والتي تدار بألأشراف الامريكي , تمكن الايرانيون ايضاً ان يكون لهم الصوت المؤثر , ان لم يكن الأقوى في الحكومة , وعن طريق قائمة "الائتلاف" الشيعي كما هو معروف . الا ان هذا لايعني ان كل اطراف "الائتلاف" تم توحيدهم مع المشروع الايراني . ان خروج حزب "الفضيلة" من "الائتلاف" وكشفه للتهديدات الايرانية بالتصفية الجسدية لأبرز قياداته , يدلل على حجم الضغوط الموجهة للأعضاء الذين يفكرون بالأبتعاد , او التمرد على الخط الايراني في قائمة"الائتلاف" . ويمكن ان يفهم على انه نفس السبب في جعل التردد سيد الموقف في قرارات حكومة المالكي . وفي نفس الوقت يكون السبب الحقيقي في نخر قائمة "الائتلاف" ذاتها , ولم يعد الوقت في صالح النظام الايراني على معالجة مشاكل "الائتلاف" بالطرق الدبلوماسية كما كان سابقاً .

الأدارة الأمريكية من جانبها , ارادت من العراق ان يكون الساحة الرئيسية لجذب وتصفية الأرهاب السني , وفاتها تحوله – ليس البطئ – الى الساحة الرئيسية للتنافس بين المشروعين للأستحواذ على المنطقة . وظن الامريكان ان سهولة الأنتصار في الحرب , واسقاط النظام السابق , هو الضمان لنجاح تنفيذ مشروعهم , وهذه "السهولة" هي التي دفعتهم للتماهل , وعدم الجدية في اعادة بناء اجهزة الدولة , والبحث الجاد عن تشخيص مواقع الأرتكاز لمشروعهم . بعد ان اختلفت الموازين مع المعارضة قبل سقوط النظام , الى احزاب حاكمة ومدعومة من دول الجواربعد سقوط النظام .

واذا كان المخرج الامريكي يشعر سابقاً بضرورة اكمال التمارين المسرحية , وتقديم العرض الديمقراطي بصورة مقنعة . وجد نفسه اليوم امام كارثة أفشال مشرعه بالكامل , ومثلما استنفذ النظام الايراني مرونته , واخذ يحرك ادواته بشكل اسرع , ليس في العراق فحسب , بل في كل المنطقة , و" تحسب" له رغبته في تحويل القضية الفلسطينية – بكل ابعادها التاريخية – الى مجرد رافعة في بناء توجهه القومي .
فالأمريكان اليوم ايضاً , ليسوا بحاجة الى ديكورات , و"بروفات" تضبط ايقاع عرض المسرحية , والصراع لم يعد مساعدة شعوب وانظمة الشرق الاوسط في زرع الديمقراطية لتجفيف منابع الارهاب كما يقولون , بل منافس طموح , وعسل المنطقة لايقبل ملكتين في خلية واحدة .

يقول القائد الامريكي لقوات التحالف في العراق ديفيد بتراوس في تصريحه لصحيفة"الشرق الاوسط" يوم 20070622 "التورط الايراني الذي وجدناه كبير , وأكبربكثير مما كنا نعتقد " . والامريكان مثل الايرانيين , لايتورعون من استغلال كل وسيلة تضمن لهم الانتصار , وبعيداً عن الخطوط "الحمراء" للأخلاق , والتضحيات البشرية التي سيدفعها العراقيون . وتسليح العشائر العراقية , ومجاهدي خلق الايرانية , وعصابات البعث , والسنة التكفيريين , من قبل الامريكان يأتي في سياق هذا التوجه . وسيبقون في نفس الوقت على ثوب التشجيع المهلهل لستر جسد حكومة المالكي , لغاية ما يستقيم توجه الاحداث لصالحهم , وعندها لايعرف اي السيناريوهات التي بحوزتهم سيطبقونها .

أن التآكل الذي اصاب المشروع الوطني العراقي نتيجة تشتت القوى الوطنية , وركض كل واحد منهم وراء "انجازاته" , وعدم تمكن اي واحد منهم من النهوض بالمشروع بمفرده . وضع العراقيين تحت رحمة صراع الايرانيين والامريكان وبدون غطاء , مما سيعرضهم للمزيد من المأسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج