الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا عزاء للسيدات

مرح البقاعي

2007 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


روايال والانقلاب المضاعف

انفصل الشريكان العاطفيان والزعيمان الاشتراكيان، مرشحة الرئاسة الفرنسية سيغولين روايال والأمين العام للحزب الاشتراكي الفرنسي فرنسوا هولاند، كما أعلنت روايال مؤخرا. ووضع هذا الإعلان ـ الذي فاجأ الاشتراكيين عشية الدور الثاني من الانتخابات التشريعية ـ وضع حدا للتأويلات بشأن وضع الشريكين اللذين أخذت خلافاتهما السياسية والعاطفية تطفو بجلاء على سطح الشأن العام الفرنسي.

ورفض هولاند، رفيق روايال الأسبق ووالد أبنائها الأربعة، اقتراحا طرحه أنصار روايال بتقديم موعد مؤتمر الحزب إلى خريف 2007، والتي كانت تنوي روايال، من خلاله توظيف شعبيتها بين الناشطين في هذا المؤتمر المبكر، تولي زمام قيادة الحزب.

وأقر المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الفرنسي بالغالبية الساحقة في اجتماعه الأخير أمس جدولا زمنيا اقترحه السكرتير الأول فرنسوا هولاند من أجل "تجديد" الحزب، مهمِشا، مع سابق الإصرار والعمد، تغيّب أحد أقطابه ـ روايال التي لم تحضر الاجتماع.

وفي المقابل وُجهت انتقادات شديدة إلى روايال التي كانت تدعو إلى عقد مؤتمر "في أسرع وقت ممكن". واعتبر جان لوك ميلانشون، أحد أشرس المعارضين لها إن الحزب الاشتراكي " قد أنقذ ما يمكن إنقاذه" و"تم إحباط الإنقلاب".

هذا ما تناقلته وكالات الأنباء مساء أمس السبت الواقع في الثالث والعشرين من شهر حزيران/ يونيو الجاري. أما في قراءة محايدة ورصينة لما سمي" انقلاب روايال" فأرى أن الأمر يتجاوز كونه صراعا على هوية سياسية للحزب أوعلى شأن تنظيمي، ليتداخل مع كل ما هو غير معلن من "حقيقة" تكافؤ الفرص السياسية ومدى قناعة الناخب والسياسي في آن بالفصام الملزِم بين الذكورة العضوية من جهة، والفحولة السياسية من أخرى، وذلك لتحديد وجهتهما السياسية بموضوعية الحياد البعيد عن الغرائزية البلهاء لتحديد إبرة البوصلة الانتخابية.

مرات عديدة وجّه لي السؤال خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة عن توقعاتي لروايال، وكنت أجيب دائما، رغم قناعتي التامة بتفوقها سياسيا، "إن هذا العالم بشرقه وغربه هو عالم ذكوري، مع بعض الاستثناءات الموضعية و"الطفحية" هنا وهناك، وأن روايال ـ نتيجةـ لن تفوز بمنصب الرئاسة بحكم القياس!". وهاهي اليوم، وإثر خسارتها في الانتخابات الرئاسية، وخسارة حزبها في التشريعية، تصاب بنكسة عاطفية من رفيقها السياسي والحزبي والحياتي الأقرب، الذكر السياسي بامتياز: هولاند!.

هاهو يعلن عليها انقلابه المضاعف الخيانة، سياسيا وعاطفيا. ويختطف منها فورة العاطفة وجهورية السياسة بجولة واحدة في عالم لا عزاء فيه للسيدات. هذا هو "الأقحوان السياسي" يتعرض للبتر والدوس برعونة إرادات ذكورية خالصة في أمة أنجبت شخصية سياسية ومحاربة نسائية كشخصية جان دارك! .

في تاريخ 21 شباط /فبراير من عام 1431، وفي قاعة باردة من قصر روان الفرنسي، حيث جلس بشكل نصف دائري خمسة وأربعون من رجال الكنيسة، بدأت محاكمة جان دراك في مركز الدائرة، حيث على كرسي صغير جلست المتهمة "الساحرة " مكبلة بالأصفاد. ولاحقا، وفي كتاب يحمل عنوان "جان دارك: صورة ذاتية" والذي هو أشبه بمذكرات نسائية نادرة مقتبسة من جلسات محاكمتها بسبب عقيدتها التي تقودها، تؤكد القراءة المتأنية لكتاب المذكرات هذا أن هناك إجماعا "رجاليا" غير معلن على إقصاء نسائي متعمد عن موقع "الولاية" التي يبدو أن المجتمعات المسلمة لا تنفرد وحدها به، وذلك مقاربة بالمجتمعات المسيحية، "بنيويا" في التاريخ، و"نفسانيا"على الأقل في العصر.

خسارات حفيدة جان دارك "السياسية" سيغولين روايال، وإقصاءاتها المتوالية، لا تنبع من استقطابات ومراهنات سياسية فحسب، بل هي تصب في منهجية ذهنية أحادية ترى في المرأة العنصر "الأوهن" في نسيج المجتمعات، أوفي قاموس النخب، أوفي أصول العقائد. جان دارك الأم لم ينصفها الفرنسيون ويمنحونها لقب "قديسة" إلا بعد خمسة وعشرين عاما من إعدامها حرقا مربوطة إلى جذع شجرة.. أما شجرة سيغولين روايال فكانت : رجلا !.

خسارة روايال لكرسي قصر الايليزية الفرنسي جعل الأنظار تنشدّ باتجاه المرشحة الرئاسية الأميركية هيلاري كلينتون، بكل تعقيدات ظروفها السياسية والزوجية، وازدواجية المعياريين المدني والديني الذين يتجاذبان المجتمع الأميركي اليوم. فهل تنجح التجربة النسائية السياسية الأميركية ممثلة بشخص السيدة كلينتون حين خسرت روايال؟ وهل المجتمع الأميركي قد هيأ الأرضية الصلبة للفرز والتصويت لكرسي المكتب البيضاوي في البيت الأبيض على أساس الكفاءة السياسية حصرا، لا التصنيفات العنصرية والتجاذبات الحزبية المنفعية للمرشح، أم أن الأمر لا يتعدى كونه مجرد ادعاء "امتياز أميركي"، وبروباغاندا مروِّجة لمعلبات أميركية هي أصلا منتهية الصلاحية ؟!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قلق في إسرائيل بشأن إمكانية تحقيق أهداف الحرب المحتملة في ال


.. بايدن يقدم دعما طويل الأمد لأوكرانيا | #أميركا_اليوم




.. غارة إسرائيلية عنيفة على بلدة جناتا في قضاء صور جنوبي لبنان


.. إسرائيل تستهدف بلدة جناتا قضاء صور جنوب لبنان




.. الغرب يهدد روسيا بورقة -الأصول المجمدة-.. وبوتين يتوعد