الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صياغة القوانين الانتخابية

محمد زين الدين

2007 / 6 / 26
دراسات وابحاث قانونية


لا تعدو الانتخابات أن تكون سوى آلية لاعمال شيء أهم ألا وهو تكريس الديمقراطية التشاركية؛ بيد أن العملية الانتخابية تبقى من أبرز العمليات السياسية تعرضا للانتقادات نظرا لتعدد محطاتها من جهة وتحكم خلفيات الفاعلين السياسيين من بلورتها على مستوى التنظير والممارسة.
إن السؤال المركزي هنا هو:كيف يمكن صياغة قوانين انتخابية تحقق النزاهة والشفافية؟
يتفرع عن هذا السؤال المركزي أسئلة نوعية من قبيل:
على أية معايير ينبغي الاعتماد لصياغة نظام انتخابي نزيه وشفاف؟
و ما هي الأنظمة الأقل كلفةً أو الأكثر مردوداً في ما يتعلَّق بتسجيل الناخبين وتقسيم الدوائر الانتخابية وتثقيف الناخبين وغيرها من مكوّنات كلّ نظام انتخابي؟
تفرض المؤسسات السياسية قواعد اللعبة التي تحكم ممارسة الديمقراطية؛ وغالباً ما يقال إن العملية السياسية الأكثر عرضةً للتلاعب، بقصدٍ أم بغير قصد، هي العملية الانتخابية؛ ففي تحويل الأصوات المدلى بها يترك اختيار نظام انتخابي معين أثراً حاسماً في الشخص الذي سيُنتخب وفي الحزب الذي سيتولّى السلطة؛ حتى حينما يحصل حزبان على عدد مماثل من الأصوات، فإنَّ نظاماً انتخابياً معيَّناً قد يعطي الأفضلية في هذه الحالة لحكومة ائتلافية في حين قد يمنح تطبيق نظام آخر حزباً واحداً سيطرةً أكثرية.
بل أكثر من ذلك نجد للأنظمة الانتخابية انعكاسات أخرى تتجاوز هذا الأثر الأولي، فلها على سبيل المثال تأثير كبير في نظام الأحزاب السياسية القائم، خاصة في عددها وأهميتها النسبية داخل البرلمان؛ كما أنها تؤثّر في تماسك الأحزاب وانضباطها الداخليَّين: فبعض الأنظمة يشجّع التشتّتية، إذ تكون أجنحة عدة لحزب واحد على خلاف متواصل، في حين أن أنظمة أخرى تشجّع الأحزاب على التحدّث بصوت واحد واستبعاد أسباب الخلاف؛ كما يمكن أن تؤدي الأنظمة الانتخابية دوراً حاسماً في مجرى الحملات الانتخابية وتصرّف النخب السياسية، إذ تساهم في تجديد المناخ السياسي العام؛ بحيث يمكن أن تشجّع أو تؤخّر تكوين تحالفات بين أحزاب، كما يمكن أن تحفّز الأحزاب والجماعات على امتلاك قاعدة واسعة وإبداء نزعة توفيقية، أو على العكس، يمكن أن تستثير شعور الانتماء الاثني أو القبلي.
ومع ذلك نشير على أنه ليس من الضروري أن يفضي نظام انتخابي مُعيَّن إلى النتائج نفسها بحسب البلد الذي يطبَّق فيه. فعلى الرغم من وجود تجارب مشتركة،
فإن آثار أي نظام انتخابي يتوقف إلى حدّ كبير، على الوضع الاجتماعي- السياسي القائم حيث يطبَّق هذا النظام، فتدخل هنا جملة من العوامل: بنية المجتمع على الصعيد الأيديولوجي ؛الديني ؛الاثني ؛العرقية الإقليمي ؛اللغوي و الاجتماعي؛ ثم نمط الديمقراطية (راسخة، انتقالية أو جديدة)؛ ووجود منظومة أحزاب في حالة تكوّنية أو قيد التكوُّن؛ وعدد الأحزاب "الفاعلة"؛ والتركّز الجغرافي لناخبي حزب معيَّن أو تشتّتهم.
كما أن النمط الانتخابي يتأثر بجوانب أخرى منها ما هو ذو طابع إداري وآخر قانوني، مثل توزيع أنماط الاقتراع، تعيين المرشحين، تسجيل الناخبين، إسناد المسؤولية للإدارة الانتخابية، تقسيم الدوائر، شكل بطاقات الاقتراع وطريقة فرز البطاقات.
ما هو النظام الانتخابي؟
إنَّ النظام الانتخابي، بالمعنى الواسع،هو عملية تحوّل الأصوات المدلى بها في انتخاب عام إلى مقاعد مخصَّصة للأحزاب والمرشَّحين.
أما المتغيّرات الأساسية التي تحكم العملية الانتخابية، فهي كالتالي:
- الصيغة الانتخابية المطبَّقة (مثلاً، هل نحن بصدد نظام أغلبية أو تمثيل نسبي، وما هي القاعدة الرياضية المستخدمة لحساب توزيع المقاعد في الحالة الثانية؟
- وزن الدائرة وهنا لا تقاس بعدد الناخبين الذين يعيشون في الدائرة، بل عدد المقاعد المخصَّصة لها.
فما هي المبادئ الرئيسية التي توجّه لصياغة نظام انتخابي فاعل وفعال؟
لصياغة القانون الانتخابي، من المستحسن البدء بوضع لائحة بالمعايير التي تلخّص ما يُراد تحقيقه أو تجنّبه، وبصورة عامة، نوع البرلمان والحكومة المنشودَيْن.




لكن ماذا نعني بالمعايير المعتمدة هنا؟
إن بعض المعايير تتشابك وتبدو أحياناً متناقضة، وغالباً ما تكون كذلك فعلاً؛ والواقع أنَّ التوفيق بين أهداف متضاربة هو أحد الجوانب الأساسية لمفهوم المؤسسات؛ فمثلاً يمكن السعي في وقت واحد لمنح المرشَّحين المستقلّين الفرصة لانتخابهم، وتشجيع انطلاق الأحزاب السياسية القوية؛ أو أنه يمكن التصوّر بأنه من الحكمة صياغة قانون يتيح للناخبين خياراً واسعاً من المرشحين والأحزاب، إلاَّ أنَّ ذلك قد يجعل بطاقة الاقتراع أكثر تعقيداً ويسبّب مشاكل للناخبين الأقل تعلّماً؛ فحين نختار (أو نعدّل) نظاماً انتخابياً معيّناً، لا بدّ من وضع لائحة بالأهداف الأساسيَّة، بحسب أولويَّتها. ثم نقدّر أي نظام انتخابي أو أيّ تركيبة من الأنظمة هو الذي يخدم هذه الأهداف على الوجه الأفضل.
إنَّ صياغة النظام الانتخابي يجب أن يأخذ في الحسبان الأهداف التالية:
- ضمان قيام برلمان ذي صفة تمثيلية.
- التأكّد من أن الانتخابات هي في متناول الناخب العادي وأنها صحيحة.
- تعزيز شرعية كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
- تشجيع قيام حكومة مستقرَّة وفعَّالة.
- تنمية حسّ المسؤولية إلى أعلى درجة لدى الحكومة والنواب المنتخبين؛
- تشجيع التقارب داخل الأحزاب السياسية؛
- بلورة معارضة برلمانية؛
- مراعاة طاقات البلد الإدارية والمالية؛
الحرص على اجراء انتخابات دورية وهنا نستحضر قرار الجمعية العامة للامم المتحدة الصادر سنة 1991.
غير أنه ينبغي الانتباه على أن هذه المعايير لا تشكل وصفة سحرية لبلورة نظام انتخابي فاعل وفعال وهنا نستحضر تصور مركز حقوق الانسان بجنيف الذي رأى في إطار تقديمه للجوانب القانونية والتقنية للانتخابات بأنه لا يوجد نظام سياسي واحد أو منهجية انتخابية واحدة يلائمان الشعوب والدول كافة ؛ بيد أنه وراء هذا الاقرار لا بد من الانتباه إلى معطيين أولهما يكمن في ضرورة صياغة الاحتياجات والتطلعات والحقائق التاريخية للشعب المعني بالأمر وثانيها ضرورة مراعاة المعايير الدولية لضمان انتخابات نزيهة وشفافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا


.. Thailand: How online violence and Pegasus spyware is used to




.. مداخلة القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في غزة حول تطو