الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقة ... جسر متين الى عالم الأطفال

لبنى الجادري

2007 / 6 / 26
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


هناك الكثير من السلوكيات الجميلة التي يسعى الوالدان الى تعليمها لأبنائهم ، ومنها الثقة .. التي هي عملية صعبة إن لم تتوافر فيها عناصر مهمة تكلل مسعاها بالنجاح
وجسور الثقة تبنى بين الآباء والأبناء بمرور الأيام وتراكم الخبرات وبأختبار المواقف التي يمرون فيها ، فتشكل لديهم ذخيرة جيدة يمكن أن تكون محورا ً لحوار بينهما .
إن الثقة المتزنة الدائمة يكتسبها الطفل تدريجيا ، من خلال :

أ – الأحترام المتبادل لآراء الطرفين : إن تعليم الوالدين لأبنائهم صيغ الأحترام ، هو أمر واجب ومهم ، تفرضه الأخلاق القويمة ويريده المجتمع السليم ، وأحترام الكبار لآراء الأطفال ورغباتهم وشخصياتهم يعكس أحترام الصغار لهم .
ب_ المحبة الفياضة : قد يبخل بعض الأولياء في محبة أولادهم أو قد لا يظهروا محبتهم الحقيقية ، فيجدوا أن المحبة تضعف شخصياتهم ، فتملأهم العاطفة وتتحكم بهم وتبعدهم عن الجد والعمل نحو تحقيق رغباتهم وأهدافهم . إن جلّ ما يحتاجه الطفل في بداية مشواره في الحياة ، بالأضافة الى حاجاته الطبيعية ،هو الشعور بالمحبة .. إذ أن المحبة للأطفال كالفيتامين الذي يساعد على النمو الصحيح والجيد ، فالمحبة تدفع الطفل الى التجربة والتحرك والأنتقال والعمل والتركيب والتخريب في سبيل التعلم ، فإذا ما أحطنا الطفل بتلك المحبة الموجهة .. نما نموا ً صحيحا ، وأصبحت لديه الثقة والقدرة على الأختيار والتجربة والعمل .
ج – الوعد وأمكانية الأيفاء به : يتلقى الكثير من الأطفال وعودا من ذويهم ، بعضها يتم الأيفاء به ، ويتم للأسف تجاهل البعض الآخر ، وهذا أحد الأسباب الرئيسية في عدم بناء جسور الثقة الصحيحة ، إذ أن الوالدين اللذان يستهينان بعقل الطفل الصغير وشخصيته ووجوده ، قد يلاقيان صعوبة في توجيه أبنائهما ،.. إذ أن الأيفاء بالوعد يزيد من ثقة الأبناء بقدرات ذويهم ويعلمهم أن الوعد لا يعطى كيفما أتفق ، بل يعطى فقط عندما تتوافر أمكانية الأيفاء به .
د _ ترك المجال المناسب والحرية المحدودة أمام الأطفال للتعرف على ما حولهم من الحقائق والأشياء الموجودة في البيئة وأختبارها ، الأمر الذي يقوي من أواصر الثقة في أنفسهم أولا ، ومع الآخرين ثانيا ، وفسح المجال أمام الأطفال للسؤال والأستفسار وأمكانية الأجابة الصحيحة والدقيقة ، وهي التي تزيد من ثقته بنا نحن الكبار .
ه – الديمقراطية في أسلوب التوجيه : كثير من الأطفال يبتدع أسبابا كثيرة لعدم أنجاز ما يطلب منه .. فأبداء العذر في عدم الذهاب الى المدرسة بسبب مرض مفاجيء قد يصيبه ، يجب أن نتعاطى معه بحرص ومسؤولية ، فنتعرف على المرض وأسبابه ، ثم نستدرج الطفل لمعرفة ما يدور في ذهنه نحو المدرسة ورفضه الذهاب اليها ، و نوجهه بشكل غير مباشر ، فمثلا ، أن الكذب عادة سيئة ، يحاسب عليها ، و يظهره أمام الآخرين بمظهر سيء قد لا يرغب به .. وقد يبعد عنه أصدقاءه ، ألخ .. من الأسباب التي لا يرغب أن تؤدي الى خسارة من حوله ، فيقتنع بما سيواجهه من جراء تخلفه عن الذهاب الى المدرسة ، هذا الحوار بين الأب وأبنه هو الذي يوطد عناصر الثقة ويفسح المجال أمام الطفل للتعبير عن ما يجول في نفسه بحريّة ، طالما يوجد من يقدر كلامه وتصرفاته
و – المحافظة على الأسرار : إن من الأمور التي تزيد من ثقة الأطفال بذويهم ، هي أمكانية حفظ الأسرار التي يقولها الأبناء لذويهم ، فحين يعتبر الأبن والده صديقا ً له ، فأنه يسر له سرا ً ، وجب على الأب أحترام قرار أبنه وعدم البوح بما سَرّه إياه ، حتى ولو لأمّه ، بل العمل على توجيه الأبن ، حينما يحمل السر في طياته مفهوما خاطئا .
إن عملية توصيل المعلومات العامة والأجابة عن أسئلة الأطفال تحتاج الى أن نستخدم الأسلوب الصحيح والواضح في توصيل المعلومات ، فإذا ما سألنا الطفل حين يتألم من وجع في سنه ، هل أن قلعه يسبب ألما ً ؟ ، ونقول له ، كلا ! ، إنه لا يسبب ألما ً ، بينما الحقيقة هي عكس ذلك ، فأننا نكون قد كذبنا عليه وأعطيناه مبررا ً لتتزعزع ثقته بنا ، أما إذا أوضحنا له بأن عملية القلع ضرورية ، وأن الطبيب سيعطيه مسكنا ً قبل عملية القطع ليخفف من الألم ، وقد لا يشعر به ، فسيقتنع بكلامنا ويرى ما قلناه صحيحا ً ، فتزداد ثقته بنا في المستقبل .
كما أن التذبذب في أساليب التربية سيكون سببا ً آخرا ً في تزعزع الثقة ، فالتربية المتذبذبة التي يستخدمها الآباء في توجيه أبنائهم ، ستحطم عناصر الثقة المتبادلة ، حيث يلجأ الأبناء الى التخمين في توقع ردة فعل الوالدين ، فيرى أنهم لا يعارضون ، لو أعطاهم الأسباب التي ستقنعهم .
إن العلاقات الأجتماعية التي تربط الآباء والأمهات بأبنائهم ، هي علاقات مستمدة دائما من محيط المجتمع الذي تتواجد فيه هذه الأطراف ، إنه من غير المسموح لنا أجبار الطفل على التقيد بقواعد معينة تسهم في توطيد الثقة ، من دون أن نقدم له نموذجا ً حقيقيا ً ، يتخذه مثالا له ويسير على نهجه .
فالوالد ،.. الذي يتعامل مع زبائنه في عمله مثلا ً ، ويمارس نوعا ً من التلاعب معهم ، سيعطي ابنه مثالا سيئا ً على فقدان الثقة وأنعدامها . فالطفل حين يرى والده ، يغش زبائنه ، سواء ً بالكلام ، أو بالمادة التي يتعامل بها ، أو بالعمل الذي يقدمه ، ثم يعود هذا الوالد ليعطي لولده نصائحا ً حول التعامل معه أو مع والدته ، وأن يكون صادقا ً في كلامه معهما ، يكون الطفل حينئذ غير مجبر على تقديم الحقيقة ، بل يلجأ الى أسلوب والده في التعامل والتملص من الواجب .
إن الخطأ الأكبر دائما ً ، يقع على الكبار في أعطاء النموذج الأجتماعي المثالي للأطفال ، فالطفل في سنواته المبكرة ، كائن عديم الخبرة والأسلوب ، وأنما يستمد أساليبه وخبراته من التعامل والأحتكاك البيئي مع الآخرين ، سواء ً في البيت أو في المدرسة أو مع مجموعة الأصدقاء .
لذا فالأسرة ، هي المسؤولة أمام الطفل في في أتباعها طريقة التوحيد وتبني الأسلوب الصادق الذي تقدمه لأبنائها لينهلوا منه ، وليعكسوا شخصياتهم وأساليبهم المستمدة من داخل البيئة الأسرية الى المجتمع الواسع الرحب ،.. وسيلقى كل من يسير على قواعد متينة ، طريقا ً مكللا ً بالنجاح الدائم .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل