الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!!!الوطن كله في خطر يا مالك

فرات إسبر

2007 / 6 / 26
الصحافة والاعلام


طلبت مني الصديقة العزيزة نوارة الحرش ،المشاركة بملف الراحل مالك حداد ، وقد اعادتني بذاكرتي إلى ايا م مضت .
كنت فيها أحلم بان أكون كاتبة مشهورة، لها أحلام وامنيات كان عندي أكثر من ديوان وعشرات المقالات التي أكتبها ،عن كتب وروايات أقرأها واحبها .وكانت المصادفة أنني قد حصلت على رواية" ذاكرة الجسد" لأحلام مستنغانمي الرواية الساحرة بسردها، وبشخصايتها ،وكان ما لفت نظري ، ألاهدا ء . إذ كان موجها إلى شخص أسمه "مالك حداد" وفي الحقيقة توقفت عند هذا الأسم كثيرا ، لغاية في نفسي وتسآلت يا ترى من يكون هذا الشخص المهدى له هذه الرواية بكل ما فيها من جمال وسحر للأدب؟
هل هو حبيبها ؟
هل هو صديق؟
يا ترى من هو ؟
بكل الأحوال أن تهدي كتابك إلى شخص ما، هذا يعني ، أنه يعادل في القيمة أهمية كتابك، تجاهك، وتجاه ما تحمله، له ولهذا الكتاب، سواء أكان رواية أم ديوان شعر أو ما شابه من صنوف ألابداع .
في ذلك الوقت وعلى ما أذكر في عام 1993 سنة صدور الرواية . كانت أحدى المجلات السورية قد أقامت حفلة تكريم لأحلام مستغانمي، وفرحت كثيرا، بانها فرصة لانشر مقالتي وأفكاري عن ما تركته في نفسي روايتها " ذاكرة الجسد" ، ومضيت أبحث عن عنوان المجلة المذكورة . صعدت الدرجات بسرعة غزال وأنا أحدث نفسي، اليوم سيتعرف إلي ّ الناس، وساغدو مشهورة، وستكون فرصة لي للنشر ، أحتفاء باحلام والملف الذي سينشر عنها في المجلة .
تجاوزت وعلى ما اعتقد الطابق الثالث ،وليس هناك ما يوحي باي حركة ، بناء مقفر وصامت، برغم أناقته وطابعه الهندسي المميز ، في منطقة مميزة . ولوهلة أرتعدت من خوفي ،وقلت لنفسي، يا لك من متهورة وطائشة ،إلى أين تصعدين؟ إذ ليس هناك ما يشير بالحياة، إلا الحرس في اول الطريق .
طرقت أحد الابواب بدون تعيين ، وبعد فترة وجيزة فتح الباب من قبل شاب . سلمت عليه وسألته ،هل يمكن ان التقي بالسيدة رئيسة التحرير؟ سألني من أنا؟اجبته ببساطة ،ولكن كان قلبي يخفق لسببن أولاهما صعود الدرج، وثانيا الرهبة والخوف .إذ ان الصمت مهيمن على كل البناء الذي دخلته وليس هناك ما يوحي باي حركة صحافية او ثقافية . أعتذر الشاب بلطافة وقال السيدة في اجتماع ولا يمكن أن تلتقيها، عندها وبكل ثقة سحبت المقال من حقبيتي واعطيته اياه وطلبت منه برجاء حار أن يوصله للسيدة المسؤولة.
وما زلت أذكر إلى اليوم كيف نزلت الدرجات كما صعدتها بخفة غزال يحلم بانه يطير في غابة.والى الآن لم ينشر مقالي.
تهدي أحلام روايتها "ذاكرة الجسد": "إلى مالك حداد.. ابن قسنطينة " الذي أقسم بعد استقلال الجزائر إلا يكتب بلغة ليست لغته.. فاغتالته الصفحة البيضاء.. ومات متأثرا بسلطان صمته ليصبح شهيد اللغة العربية، واول كاتب قرر أن يموت صمتا وقهرا وعشقا لها": وتقول أيضا في هذا الاهداء: "والى أبي.. عساه يجد هناك من يتقن العربية"
قرأت الرواية، قراءة محبة، أندمجت بشخصياتها كما لوانني بطلتها .
كان على أن أجد في نشاطي ، وان ألم بكل أطراف الرواية من الكاتبة الى المهدى لهم إلى الاطلاع على الثورة الجزائرية ،وتخيلت نفسي في ندوة أدبية ومازال الحلم قائما، واناأ تحدث عن هذه الرواية الجميلة بشاعريتها وشخصياتها ،وألاهداء الذي هو جزء منها، لانه يوحي بحياة الكاتب أو الكاتبة الشخصية ،وأن تتعرف على جانب من حياة الكاتب ، هذا يعني أنك تعرفه، وهو قريبا منك ،بالرغم من الاميال التي تفصل ، أخذت أسال وابحث، وإذا بي اكتشف مالك حداد من خلال مكتبة بيتنا ،بكتبه المترجمة إلى العربية ، هذا الكاتب الذي أعتبر اللغة الفرنسية منفاه .إذا كتب بها وعاش بها ولكنه كان يحيا بلغة أخرى .
عرفناه جزائريا فرنسيا ولم نكن نعرفه جزائريا عربيا، هذه الامة التي لا تُعّرف، وتعترف بمبدعيها، إلا بعد موتهم وكأن الموت هو علامة الحضور ، الحضور المغفور له في ثقافتنا العربية وواقعنا العربي .
كان عليّ أن أشكر أحلام مرتين ، الأولى لروايتها ذاكرة الجسد، والثانية لتعريفنا بكاتب جزائري ، يكتب بالفرنسية وأكيد هناك الكثير من الكتاب يكتبون بغير لغتهم ألام ، قد ياتي يوم ونتعرف إلى الكثيرين منهم .
مالك حداد وأنت إذ كنت في منفاك الفرنسي ، تكتب بالفرنسية وتتحدث بها وقلبك على العروبة ، العروبة التي تقصي العربي عن العربي، تقصي المبدعين ، تقتل الازهار من على رصيفك الذي لا يجيب .
أحلام مستنغانمي كانت وفية لك، باهدائها ، ذاكرة الجسد ، اهدتك شيئا من الجزائر، ولكنهم لم يرحموها رجموها بحجارة الثقافةالعربية ، ، أتهموها بالزنى الثقافي واتهموها ....ولو كنت حيا لقالوا مالك حداد كتب لها الرواية بالعربية
أهنئك بموتك الغريب ، وبلغتك التي كتبت فيها ، نحن الملايين نتكلم بلغة واحدة ولكن لا أحد منا يفهم ألاخر ، كلنا نعيش في أرض واحدة ووطن واحد من المحيط إلى الخليج ولكن أحلامنا متباعدة ومتنافرة .
وأنا اقول لك من هنا من منفاي البعيد ، لقد تعلمت لغة جديدة ، أقرا بها ولا أكتب بها، ولكني أفهم ما يدور في راسي الصغير الذي يتخبط في هذا الوطن الكبير الذي لم يمنحني إلا البعد والاغتراب
ساقطف لك زهرة من رصيف الازهار وساهمسُ لك بصمت هذا الليل " وطني هو منفاي "
ها انت قد مت بحب لغتك العربية ، وها أنا أموت بسرطان حبي، الوطن كله ، الوطن كله في خطر يا مالك !!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً