الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن القسوة الشرقية

فارس عدنان

2007 / 6 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كثيرة هي الأدبيات الغربية التي وصفت القسوة والوحشية في عالمنا العربي ب((القسوة الشرقية)) والتي صارت لأكثر من قرنين مصطلحا له حيز معروف في القواميس الغربية والموسوعات الصادرة عن مؤسسات أكاديمية رصينة. في بداية غربتي القسريه هنا، في الغرب، حاولت رفض هذا المصطلح ودحضه بدواوين الغزل العربي التي حفظت معظمها وبقصص إنسانية من عهد الإسلام الأول قبل دخول الظلام على المفاهيم والممارسات وتحول الجدل الكلامي إلى جدل بالسيارات المفخخة ولا جدوى حيث أن جهودي الفردية لا يمكن أن تغير ما ترسخ في الضمير الجمعي الغربي قبل رفوف مكتبات ستانسفورد وبيركلي.
لنترك التاريخ جانبا ولنبحث عن حوادث جرت في العراق مؤخرا" كانت القسوة هي البطل والوعود الحكومية والمؤسساتية ب((التقصي والتحقيق)) هي ما يسمى بلغة هندسة الكومبيوتر ((معلومات وهمية)).

كانت فضيحة الهتافات التي أعقبت إعدام صدام حسين والتي تناقلتها أجهزة الهواتف المحمولة قد أنتجت تصريحات حكومية بالتحقيق والوعيد بتجريم أبطال الفضيحة الذين حولوا عملية الإعدام من حق قانوني لكل الضحايا من أبناء العراق إلى عملية ثار لفصيل حزبي معروف تحدى ومازال سلطة القانون وهيبة الدولة في غير مناسبة وما زال الوعد الحكومي نائما على رفوف التأجيل ونحن لا يمكن أن ننسى هكذا وعد ولو بعد أعوام.
وفي فضيحة اغتصاب السيدة صابرين، تجاوزت القسوة بعديها القانوني والإنساني لتتحول إلى ملف تفاوضي بين قوائم برلمانية حول مكاسب مؤقتة كمنصب وكيل وزير مثلا وذهبت صابرين إلى رفوف النسيان مع الوعود الحكومية بتقصي الحقائق والاقتصاص من الفاعلين وصار الأمر نسيا" منسيا!!!
تكرر الأمر ذاته في ملف ((جند لسماء)) حيث الحكومة قد زودت الناس بقصة واضحة المعالم عن مؤامرة لتقويض السلطة في بغداد عبر حركة مسلحة في النجف وفي ذات الوقت زودتنا المواقع الأنترنيتية بقصة مختلفة جدا عن مجموعة قبلية حاولت زيارة المراقد المقدسة فوقعت بين النيران الصديقة والنيران العدوّة وضاعت دماء الأبرياء بين القصتين وفوق هذا كله ضاعت الحقيقة بين الروايتين وربما ضاعت مصداقية الحكومة إلى الأبد.
وفي البرلمان العراقي الذي يطمح أن يكون مثالا لبرلمانات منتظرة في المنطقة العربية، هدد السيد الرئيس بضرب القوانين بالحذاء فيما إذا لو تعارضت مع ترجمته الشخصية للنص المقدس ولم يسهم هكذا تصريح بلطجي في رد فعل رسمي أو حزبي أو شعبي كما أن الحادثة الأخيرة، التي جرت في أجواء برلمانية شفافة، (حيث أوعز رئيس البرلمان لحراسه بضرب عضو برلماني آخر) لم تنتج غير سطور قليلة في الصفحات الداخلية للصحافة الحكومية والحزبية ولم يشر لها أبدا" بخبر سريع على الفضائية الرسمية.
وأخر المسلسل الفضائحي هو ميتم الحنان الذي غادره الحنان وحلت فيه القسوة الشرقية بكل معالمها والذي هيأ الفرصة للوزير المتكبر بالتهديد بمقاضاة الأمريكان، مكتشفي الفضيحة، كونهم شخصوا الخلل والتقطوا الصور التي لا تحتاج لخبير نووي ليشخص كمية ونوعية القسوة التي ارتكبت بحق أطفال لا يملكون حتى آليات الدفاع التي تمتلكها القطط بوجه من يحاول إيذائها.
لا يهم من أكتشف الفضيحة وأي شبكة تلفزة قامت بنشر الفيديو الذي يعلن بلا مواربة عن الإيذاء المتعمد لأطفال برزت عظامهم وتم ربطهم لأسرة تم طلائها جيدا وكميات الأغذية التي تم تخزينها في غرف جانبية ليتم استعراضها للضيوف الرسميين حين يحين الوقت ((لاستعراض الرعاية التي تقدمها الدولة لأبنائها))!! كيف تكون القسوة إذن؟ وكيف لنا أن نبرر صمت الصحف العراقية والوزارة العراقية ومنظمات المجتمع المدني أمام هكذا فاجعة لا يضاهيها غير مقابر جماعية تعود للعهد البائد؟؟
على الوزير المسؤول تقديم استقالته قبل كل شيء ويحق له بعدها مقاضاة مكتشفي الفضيحة في محاكم عراقية أو أجنبية إن كان له حق ولكننا نملك حقا في معرفة المقصر الحقيقي الذي أشك في تلقيه العقاب المناسب كونه يعلن وبلا مواربة انتماءه لقائمة احتكرت الحديث بأسم الله في كل مواسم الوطن المفخخ بالموت الديني الذي عرفه العراقيون مؤخرا" بعد عقود من الموت القومجي وختاما أهمس في إذن الوزير وقائمته بالمثل الفرنسي القائل أن الأقرب للكنيسة الأبعد عن الرب.
(Pres de l Eglise est souvent loing de Dieu)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل مستعدة لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة إذا فشلت المف


.. واشنطن متفائلة وإسرائيل تبدي تشاؤما بشأن محادثات هدنة غزة




.. التصعيد العسكري الإسرائيلي مستمر في رفح .. فماذا ستفعل واشنط


.. الصفدي: نتنياهو يتجاهل حتى داعمه الأول.. ومواصلة اجتياح رفح




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا 3 مسيرات من اليمن دون خسائر