الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطور التاريخي للإضراب في فلسطين

سامر أحمد موسى

2007 / 6 / 27
دراسات وابحاث قانونية


كان لظهور الإضراب في فلسطين ارتباطا وثيقا بوجود الحركات النقابية والعمالية على وجه الخصوص، فخلال فترة حكم الدولة العثمانية وتحديدا عام 1908م بدأ تشكيل جمعيات من الحرفيين "الصناع" كان يرأس هذه الجمعيات "شيوخ الكار" وانحصر عمل هذه الجمعيات بالإعمال الخيرية، وفى عام 1909م صدر قانون بتشكيل الجمعيات الأهلية وحدد عملها الابتعاد عن الأمور السياسية والدنية، وبعد أشهر صدر قانون يمنع الاجتماعات العمالية صرفة.
كما نرى لم يكن من الممكن أبدا الحديث قبل الحرب العالمية الأولى عن وجود طبقة عمالية صرفة في فلسطين، وظل هذا الوضع سائدا حتى وضعت الحرب أوزارها وانكفأ الحكم العثماني، وحل محلة الحكم الاستعماري البريطاني في فلسطين.
ومع الوضع المستجد بفلسطين في ظل الاستعمار البريطاني تطورت فيه الصناعات ازدياد عدد العمال، وبدأ يسود أوساط العمال الفلسطينيين المفهوم النضالي ضد راس المال والدفاع عن حقوق الطبقة العمالية من خلال تنظيم نقابي ظهر في عام 1925م حيث تم تأسيس لجنة عمالية لمساعد العمال المرضى والمعوزين أطلق عليها اسم ( اللجنة الأخوية لعمال سكة الحديد الفلسطينية) وراس هذه اللجنة عبد الحميد حميور أحد عمال ورشة محطة سكة الحديد بحيفا، ما إن تطورت الفكرة لتدافع عبد الحميد حميور وسبعه من زملائه إلى تقديم طلب للسلطات المعنية وفق قانون الجمعيات العثمانية والساري المفعول.
حيث شجع الشيخ عز الدين القسام عبد الحميد حميور على هذه الخطوة، وكلفوا المحامى محمود الماضي لوضع مشروع النظام الأساسي، وهكذا تم تقديم الطلب الذي تضمن:
- تنظيم العمال العرب للوصول إلى ما فيه الخير عمليا واجتماعيا وثقافيا.
- الدفاع عن مصالح العمال.
- حماية العمال من أصحاب رؤوس الأموال من خلال:
* تحديد ساعات العمل.
* المعاشات والمكافآت في حال العطل والعجز والإصابة.
* منح الأجازات والترقيات
وبقيت هذه اللجنة في مرحلة البناء والتثقيف حتى عام 1935م، حتى بدأت مرحلة الإضراب في عام 1936في وجه غطرسة أرباب العمل، وقد نجحت موجة الإضرابات وتمكنت من تحقيق المكاسب للعمال منها تحديد ساعات العمل بثماني ساعات فقط، وتحديد الأجرة اليومية بعشرة قروش، والتعويض عن إصابات العمل.
وتولت الحركة العمالية الفلسطينية بقوة ونجاح واتخذت الكثير من المواقف في وجهه الاحتلال الإسرائيلي وفى تاريخ 14-17 ابريل 1965عقد اتحاد عمال فلسطين مؤتمرة الأول وظهر الاتحاد العام لعمال فلسطين تنظيما موحدا يجسد رغبة الشعب الفلسطيني في إبراز كيانه.
وبرز الاتحاد العام لعمال فلسطين كقوة ثورية نشطة تفاعلت مع الحركات العمالية عربيا ودوليا، وقد أعلنت اللجنة التنفيذية للاتحاد إلى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، واعتبر أن الاتحاد قاعدة من القواعد الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد ساهم الاتحاد بقراره في تقوية المنظمة، وبقى الاتحاد راس الحربة في العمل النقابي الفلسطيني إلى أن عاد إلى ارض الوطن عام1994م بعد توقيع اتفاقية أسلو وقد لوحظ في هذه الفترة أن ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد تعمدت تعطيل كافة الجهود والنشاطات الفلسطينية التي كان من الممكن الاعتماد علية، حيث خلق الاحتلال أزمات في وجه الحركة النقابية الفلسطينية.
إما صيغ إضراب موظفين في المرافق العامة في فلسطين نقدر بأنها لم تكن موجودة إثناء فترة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية أي قبل قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية حيث كانت المرافق العامة تتولى أدارتها السلطة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تمنع قوانينها العسكرية مثل هذا الإضراب، رغم أن منظمة التحرر الفلسطينية أسست وأجدت الكثير من المؤسسات التابعة لها والتي كانت تشرف على الحركة العمالية لعمال فلسطين منها الأمانة العامة لاتحاد المعلمين، وكان لها دور متواضع إبان فترة الاحتلال.
إما بعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية واستقرار الأوضاع في المناطق الفلسطينية الخاضعة لسلطة الوطنية بناء على اتفاقية اسلوا للسلام، فقد شهدت الساحة الفلسطينية أكثر من إضراب واحتجاج إما لرفع الأجور أو تسوية وضعية الموظفين وكان أشهدها وأطولها الإضراب الأخير الموظفون العموميين العاملون في دوائر ومؤسسات السلطة الفلسطينية احتجاجا على عدم انتظام دفع رواتبهم بصورة كاملة وذلك كأثر مباشر من أثار الحصار الاقتصادي الدولي الجائر المفروض على السلطة الوطنية بعد تشكيل حركة حماس للحكومة العاشرة، وتم خلال هذه الفترة من عمر السلطة الوطنية أصدرت مجموعه من التشريعات الفلسطينية لها علاقة بموضوع العمال والحق في الإضراب منها النظام الأساسي الفلسطيني، وأيضا وبصفة خاصة قانون العمل رقم 7 لسنة 2000، وصدر أيضا قانون الخدمة المدنية رقم 4 لسنة1988 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2005 الذي جاء للأسف خاليا من اي نص عن إضراب الموظفين كونهم اكبر شرائح المجتمع الفلسطيني العاملة ، ونذكر بان تم أنجاز مشروع قانون النقابات الفلسطيني وينتظر التصديق علية من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني ليحل محل الأمر الإداري رقم 331 لسنة1945 بإصدار قانون نقابات العمال في المنطقة الواقعة تحت الرقابة المصرية في فلسطين.
ونريد في هذا المجال أن ننوه بان حركات الإضراب في فلسطين التي كانت تقودها النقابات العمالية ضد ظلم أرباب العمال كانت دائما تجد لها تأسيس في الشريعة الإسلامية، رغم أن مصطلح أو كلمة الإضراب لم ترد لا في القران الكريم ولا في السنة الشريفة، فالإضراب بمعنى ترك العمل مؤقتا لإظهار الاحتجاج على أمر من الأمور ليس في حد ذاته محرما ما لم يكن منطويا على شيء حرام لان الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يقض نص بغير ذلك، غير انه يمكن أن يكون الإضراب محرما أو غير مشروع في حالة مخالفته لشرط من شروط العقد أوالاتفاق المبرم بين العامل والمستخدم" العقد شريعة المتعاقدين"، ويكون محرما كذلك إذا نتج عنه – الإضراب- تعريض أرواح الناس أو مصالحهم الأساسية للخطر بناء على القاعدة الفقهية المشهورة "لا ضرر ولا ضرار".
ونتيجة لما يترتب عن الإضراب من أضرار بمصالح الناس وتعطيل ولو نسبي بسير المرافق العامة فاللجوء للإضراب يكون مشروعا إذا استند على سبب كظلم وقع أو يوشك أن يقع على المضرب (عامل أو موظف) فمن حق هذا الأخير أن يدفع الظلم على نفسه أو أن يطالب برفعة عنه ويبين مدى استياءه منه.
وقد أجاز الله سبحانه وتعالى للمظلوم أن يجهر بالسوء، فقال جل شأنه: ]لاَ يُحِبُ اللهُ الْجَهْرَ بِالْسُوءِ مِنَ الْقَولِ إِلاَ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ َمِيْعاً عَلِيْماً.[، وقال أيضا: ] وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيْلٍ. [
أما ما جاء في السنة الشريفة، أن أبى هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى إلى النبي(ص) فقال: "إن لي جارا يؤذيني “، فقال له:" اخرج متاعك فضعه على الطريق " فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق وكل من مر به قال:"ما لك؟ “ قال:"جاري يؤذيني " فيقول اللهم اللعنة، اللهم أخزه، فقال الرجل: "ارجع إلى منزلك، والله لا أؤذيك أبداً."
في إشارة واضحة يحملها هذا الحديث بان النهج النبوي الشريف كان يهدف إلى إرجاع الحقوق لها من خلال حثهم على الخروج للاحتجاج و الاعتصام على ما أصابهم من أذى من قبل الغير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين