الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم التاسع من تموز .. بأنتظار صوت المثقفين العراقيين

عبد الجبار السعودي

2007 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


هل يشكل رحيلَ مثقف عراقي مبدع ومعطاء، تحتفظ له بطون الكتب والأبحاث وألسن الناطقين وأذهان الباحثين ومتابعة الدارسين و ذكريات الأقربين والأبعدين، يوماً عابراً في حياة العراقيين بالصورة التي تجعلنا لا نفكر إلا باليوم الذي نعيشه لا غير ؟ وهل يحتفظ أهل القضية التي تبدو شائكة وسط ما يهددها، ألا وهي قضية الثقافة وأهليها على مختلف توجهاتهم، بأسماء هذا وذاك من الذين رحلوا وتركوا كل هذا الكم الهائل من التراث العلمي والأدبي والأنساني المتداول دون أن ينتخوا لأعمالهم وما تركوه من عطاء متداول ؟
هذه الأسئلة وغيرها تتجاذبنا كثيراً ونحن نعيش كل هذه السنوات من المحن والكوارث الدموية التي تعصف بنا يوماً بعد يوم ، ونكاد أحياناً ، إلا القلة منــــّا ، أن ننسى حتى منجزات يوم أو أسبوع أو عام مضى بكل أحداثه وبكل ما تركه هذا أو ذاك !
نعم إنها فعلاً لكارثة كبيرة تهدد لا الذاكرة الشخصية لكل منا، بل تهدد مجمل تأريخنا المكتوب وذاك الذي سيكتب في يوم ما .. !
قرأت جيداً ما كتبه الأستاذ الكاتب والصحفي جاسم المطير حول أهمية أعتماد يوم للمثقف العراقي، إسوة بما أحتفلت به وألحقت ذلك بتأريخها و وجودها و ذاكرتها، بلدان وشعوب كثيرة، أنتفضت لأبناءها المبدعين، لتجعل منهم شموعاً لامعة تضيء الطريق وتحفـــّز الذاكرة، لا شموعاً تحرق البلاد والعباد !
قرأت جيدا نخوته الوطنية الصادقـــــة لأن يكون يوم ميلاد أو رحيل أي مثقف مبدع ومعطاء يوماً للمثقف العراقي، لا أن يكون يوم التدمير والأنتهاك والأحراق ، يوماً لهذه الشريحة المعطاءة التي قدمت ولاتزال للوطن الكثير والكثير.. وأنتجت له كمــــّــاً هائلاً من كنوز المعرفة والثقافة والعلوم والفنون ما تعجز كل دور النشر في العالم عن تدوينه ، رغم ما لحق بكل هذه الثروات الأنسانية من تدمير و تهميش وأقصاء و تحريف على أيدي أعداء الثقافة الواعية وكل ما يمت لها بصلة ما.
ولأن الأيام والأحداث والمعرفة والعلوم التي قدم من خلالها الدكتور الراحل عبد الجبار عبد الله عبر عقود طويلة مضت من القرن المنصرم، لا تزال تأتي بثمارها وتأتي بما يخدم الأنسانية عبر عطاءاته الجليلة وحتى يومنا هذا، ولأن أول رئيس لجامعة بغداد العريقة في ستينيات القرن المنصرم، قد كرّمــه الغرباء المحتلون الذين تطأ أقدامهم أرض الوطن هذه الأيام، عبر دراساته وأبحاثه التي نشرها في جامعاتهم يوم أحتضنوه واحتضنوا تلك المعرفة التي تدرّس ليومنا هذا هناك، فالأجدر بنــــا نحن الذين بدأنا هذه الأيام شيئاً فشيئاً و وسط هذا الزحام من الأحداث المتسارعة وغياب المبدعين عنا يوماً بعد يوم ، أن نلتفت الى تلك الرموز العلمية والوطنية التي لا نريد لها أن تصبح مجرد أرقام في سجل الراحلين، و نعطي لهم وللثقافة ولشعبنـــا بعض من الديمومة والأنتعاش لسجلــّهم الخالد في أذهاننا جميعاً !
دعوة الأستاذ المطيـــــر، لن تأتي بثمارها ما لم ينتخي المثقفون العراقيون لمعانيها الصادقــــة والعميقة وهي تتحدث وتدعو لأن يكون لمنتج الثقافة والعلم العراقـــــي يوماً خالداً يليق بكل ما انتجه الذهن الدافق والمهارة والفطنة التي عُرف بها أبناء الرافدين على مرّ العصور ! وليس أمـــراً صعباً أو محرجــــاً، لمن يريد فعلاً أن تستعيد الثقافة العراقية عافيتها و نضارتها من جديد، بأن يكون يوم التاسع من تموز* ، يوم رحيــــل الدكتور عبد الجبار عبد الله ، عالم العراق الأول في عصره الحديث ، يوماً للمثقف العراقــــي !
ليس صعبــــاً أو أمراً محرجــــاً أن ينتخي المجلس العراقي للثقافة الذي تشكل حديثاً ليأتي ويؤكد في هذا الوقت العصيب من عمر الوطن، لمفهوم المواطنة والوطنية الصادقة والتي أعتقد أنها من أولى مهامه في ضرورة تعزيزها و توطيدها بين عموم العراقيين، كباقي المؤسسات الثقافية والرسمية، بعيداً عن مفاهيم الطائفية المقيتة و شرورها ، التي أبتلى بها يوماً ما عالمنا الراحل الدكتور عبد الجبار، لولا حكمة وفطنة و وطنية القائد الوطني الراحل عبد الكريم قاسم ، والذي أصـــّر ومن بين كل المرشحين الآخرين أن يكون الدكتور الراحل أول رئيس لجامعة بغداد في أيام حكمه وفي تأريخ العراق الحديث، لا لشيء ما، إلا لكفاءته العلمية المعروف عنها محلياً وعالمياً، وبعيداً عن المفهوم الطائفي والعنصري الذي يستنزف أبناء الوطن ومبدعيه منهم هذه الأيام ويضع الجميع على طريق الهاوية التي لا نريــــــــد .

سنبقى بالأنتظـــــــار.. !
* * *
* توفي الدكتورالراحل عبد الجبار عبد الله في التاسع من تموز من عام 1969 في الولايات المتحدة الأمريكية و وري جثمانه في أرض الوطن العراق بناءً على وصيته.

بصــــرة – أهـــــــوار
حزيــــــــــران 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله