الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل عملية(فلسطنة)الصراع

محمد سيد رصاص

2007 / 6 / 27
القضية الفلسطينية


كان ياسر عرفات رمزأ لإنتقال زمام القضية الفلسطينية بعد هزيمة1967من أيدي الأنظمة العربية إلى أيدي الفلسطينيين,وقد جاء اعتراف العرب بذلك في قمة الرباط(1974)تتويجاً لعملية انتقالية فشل بعض العرب(الأردن-سوريا) في منع اكتمالها في ذلك المؤتمر الشهير من القمم العربية.
كان النجاح الأكبر لأبي عمار وقيادته متمثلاً في وضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العالمية,في الفترة الممتدة بين عامي1974و1989,إلى جانب قضايا ملتهبة مثل قضية الفصل العنصري في جنوب افريقية وقضية أفغانستان بعد الغزو السوفياتي لها,إلاأنه لم يستطع ترجمة ذلك على صعيد الخارطة الجغرافية لفلسطين في فترة مابعد انتهاء الحرب الباردة(فيمااستطاع الأفغان تحقيق أهدافهم كنتيجة لتداعي الكتلة السوفياتية,وكذلك نيلسون مانديلا بحكم انتهاء الكثير من وظائف نظام الفصل العنصري الاقليمية عند الغرب في أنغولا وموزامبيق ضد الإمتدادات السوفياتية-الكوبية في القارة السمراء)رغم أن(أزمة الكويت),وحرب1991,قد أعطت المؤشرات على تقلص وظائف اسرائيل عند المعسكر الغربي,عندما مُنعت من المشاركة في حرب رسمت ملامح المنطقة القادمة وأُجبرت على الدخول إلى(مؤتمر مدريد) الذي كان من الواضح أنها ستدفع عبره,وعبر لواحقه,فاتورة(التسوية),كثمن لتلاقي عربي-أميركي على أزمة اقليمية كبرى وكثمن لتصور أميركي جديد للمنطقة كان يرى في (التسوية)آنذاك مدخلاً إلى تنظيم أوضاع "ملائمة"للقطب الواحد في الشرق الأوسط على الأصعدة السياسية-الأمنية-الاقتصادية(وربما الثقافية).
كان وقوف(أبوعمار)مع صدام حسين في تلك الأزمة عائقاً أمام قدرة الفلسطيني على استثمار هذا الوضع الجديد,رغم أن(الإنتفاضة الأولى)قد استطاعت,بين عامي1987و1989,أن تضع القضية الفلسطينية على صفيح ساخن في نظر العالم الدولي وخاصة في الغرب,وهو ماذكَر بوضع منتصف السبعينيات عندما كان غرق منظمة التحرير الفلسطينية في أتون الحرب الأهلية اللبنانية عائقاً أمام تثميرها نتائج مؤتمر الرباط وماتبعه في الشهر اللاحق(تشرين ثاني1974)من خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة واعتراف المنظمة الدولية بمنظمة التحرير عضواً مراقباً فيها.
أمام ذلك,اختار أبوعمار حلاً انفرادياً ,كان بمعزل عن(مدريد)وهناك الكثير من المؤشرات على أنه أيضاً كان بعيداً عن الخيارات الأميركية,تمثَل في(اتفاقية أوسلو)للخروج من المأزق الفلسطيني,الذي كان يتعلق أساساً بعلاقة متوترة للقيادة الفلسطينية مع (القطب الواحد) على إثر أزمة الكويت وبخوف فلسطيني من تسويات عربية انفرادية تترك الفلسطيني وحيداً,أكثر ممايتعلق بوضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية الدولية,حيث كان من الواضح منذ(مدريد)بأن الإدارة الأميركية كانت تعي أن القضية الفلسطينية هي مفتاح الحل والإستقرار في المنطقة,وهو ماأعطى مؤشرات على أن ذلك سيترجم لاحقاً على صعيد الجغرافية,الشيء الذي كان يشكل هاجساً ضخماً لإسحق شامير في(مدريد) ثم لرابين الذي حاول الوقاية من ذلك عبر حركات تكتيكية للعب على المسارات العربية بين صيفي1992و1993.
من البداية,كان واضحاً أن(اتفاقية أوسلو)-13أيلول1993- لن تقود إلى شيء على صعيد الجغرافية,حيث اقتصرت على سلطة إدارية في القطاع والضفة لم تتجاوز ماكان للمرحومين رشاد الشوا وكريم خلف في غزة ورام الله بالسبعينيات,كماكان واضحاً بأن استراتيجية اسحق رابين,بين عامي 1984و1988 لماكان وزيراً للدفاع,حول تشجيع(أواغماض العين عن)نشوء تعبير سياسي جديد ينبثق من رحم الحركة الإسلامية,قد أتت أُكلها لماأصبح هناك وضع أصبحت فيه القضية الفلسطينية تقاد برأسين منذ النصف الثاني للتسعينيات وإن كان ظل ياسر عرفات وثقله المعنوي وشخصيته الكاريزمية قد أعطى غلالة غطت على ذلك حتى يوم وفاته.
لذلك,كان من الطبيعي أن ينفجر أوينكشف ذلك كله في مرحلة مابعد وفاة ياسر عرفات,وخاصة إثر فشل مسار(أوسلو) في تحقيق شيء للفلسطينيين طوال عقد من تاريخه,وبعد أن فشلت(الإنتفاضة الثانية),وكذلك بعد أن فشلت القيادة الفلسطينية في التخفيف من آثار(11أيلول)على القضية الفلسطينية لما نجحت اسرائيل في اقناع الغرب على ضفتي الأطلسي بأن ماكان يحصل للمدنيين الاسرائيليين عبر(العمليات الإستشهادية)لم يكن مختلفاً عما حصل للمدنيين الأميركيين في(البرجين).
من هنا,كان الانسحاب الاسرائيلي من غزة قبل عامين "هدية مسمومة" إلى الفلسطينيين,وليس هروباً كماادعى البعض,وهو شيء كان واضحاً الميل إليه في الثمانينيات عند رابين وبيريز إلى أن طبقه شارون في عام2005,فيماأعطت طريقة إدارة الفلسطيني للمناطق المنسحب منها,عبر المثال الغزاوي,صورة كانت عناوينها الرئيسية هي الفوضى الأمنية والفساد ونقص الكفاءة وتضارب الصلاحيات في سلطة هي أقرب إلى مربعات أمنية وميليشيات منفصلة,وهو ماازداد واستفحل مع فوز(حماس)بالإنتخابات في الشهر الأول من العام الماضي,التي لم تستطع,وهي التي من لون مُستهدف عالمياً كما استهدف اللون الأحمر في أيام الحرب الباردة,أن تعطي مثالاً يستطيع القول أنه(البديل)في كل تلك المجالات باستثناء موضوع الفساد.
عاشت فلسطين,خلال العام ونصف الماضي,في ظل عقليتين:واحدة تتجه نحو(التسوية) مع اسرائيل من دون ذهنية ياسر عرفات السياسية التي كانت ترى في موازين القوى على الأرض طريقاً إلى التسويات,وأخرى لونها الأخضر يحمل نفس عقلية أصحاب اللون الأحمر من فلسطينيي أواخر الستينيات الذين كانت"الجملة الثورية"واللاءات هي برنامجهم وأسلوبهم في العمل السياسي,مع شيء جديد عند(حماس)هو مجموعة من الإرتباطات الإقليمية التي من الواضح أنها تسيِر الكثير من أجنداتها,والتي ربما كانت عملية سيطرتها الأخيرة على قطاع غزة لاتخرج عن ذلك من حيث كونها تهدف إلى انشاء حقائق جديدة على الأرض تمنع (أبومازن)من عقد تسوية جديدة ,بانت مؤشراتها الأولى عبر الموقف الجديد لدى بوش وأولمرت حيال(المبادرة العربية),وهومالايمكن عزله عن الأجواء الإقليمية التي تعطي مؤشرات(تسوية)للعرب ومؤشرات(حرب)مع طهران ,في عملية مترابطة ومتسقة الملامح في الاستراتيجية الأميركية الراهنة حيال المنطقة.
الآن,من الواضح أن مرحلة جديدة بدأت في يوم 11حزيران1967,كان عنوانها(فلسطنة الصراع)بعد تعريبه منذ حرب1948,قد انتهت تحت أقدام(كتائب القسام)وهم يجتاحوا مقرات السلطة الفلسطينية في غزة خلال الأسبوع الثاني من شهر حزيران2007:إلى أين سيقود كل ذلك؟..............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف