الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمات في المهب / الكتابة الجديدة / 2

كمال سبتي

2007 / 6 / 29
الادب والفن


مرة, وقبل حوالي تسع سنوات , وقفت امام لوحة في متحف اللوفر , كان تاريخها يشير الى القرن السابع عشر .

سفينة شراعية في بحر , اعادت الى ذهني فكرة حول فن الرسم قبل ظهور الفوتغراف.. يوم كان الرسام يحاول - وبحرفية مذهلة - ان ينقل الطبيعة - كما هي - الى اللوحة .

لقد كنت واقفاً امام مشهد حقيقي .. رغم الزمن الطويل الذي مرّ على اتمام اللوحة .. سفينة شراعية في بحر.. مشهد حقيقي عليّ ان اسلم به , وقد كنت سأسلم به , لولا سببان :

الاول.. وجودي في قاعة عرض .. اي انني وقتها لم اكن واقفاً على البحر, والثاني .. اطار اللوحة .. الذي ظل يذكر على الدوام كل مشاهد بانه امام لوحة .. انه اداء مستمر لمهمة التعريف باللوحة .. بمعنى اخر .. اداء مستمر للتركيز على الحد من الانفلات ..

وهكذا .. بقي فعل رسام القرن السابع عشر ناقصاً , فبمقدار ما خلق لنا ما يوحي بكمال فعله , خلق لنا ايضاً مبررات لنقض كماله.

هذا المثال - نحاول هنا الاستفادة منه في الشعر .

ان قصدية الدخول الى قاعة عرض , تتشابه الى حد بعيد مع قصدية الذهاب الى قصيدة في الذهن .. الى اتجاه تنامى عبر قرون معرفية ليتجه بمدركاته الحسية و الذهنية الى تكوين ملامح , اصبحت فيما بعد مقاييس , تقاس بها اية قصيدة .. بل ويمتحن بها الشاعر , فاذا كان لم يتعدّ ها , يوافَق على شاعريته, واذا تعداها , فتلك هي الطامّة الكبرى , لقد خرج عما ينبغي له ان يتنفس به , وبالتالي , فهو لا يسمى بمكتشف مناطق مجهولة , بل مبتعد عن (( اصول )) ما كان ينبغي له , الا , يبقيها على الدوام مفاتيحه في فتح آفاقه , تلك التي يتوق الى فتحها – بضرورة حيويته اولاً, ولانه ينظر الى التكرار , على اساس ان الكم غير النوع - هذه القصدية, لا يمكن لها ان تتلائم و الكتابة الجديدة , التي تخلت عنها منذ حين , والتي نحن بصدد توضيح معالمها , ببساطة نتمنى ان لا تخل بطريقة التوصيل .
السبب الثاني في المقال الاول .. اطار اللوحة , يتشابه ايضاً مع اطار القصيدة , الذي هو ما يسمى شكلاً بعناصر الوزن , والقافية والصورة التي خرجت بها القصيدة .. واعني بها الحالة المرئية التي هي عليها .. هذه العناصر التي تكوّن ما يسمّى (( بالنص المغلق )) .. يحاول الشاعر في كتابته الجديدة , ان يبعدها عنه , في محاولة (( تفكيكية خاصة )) ليصنع النص - الفضاء , اي ليس ثمة صورة مرئية للقصيدة , ويمكن لأي كان ان يتصورها في اي شكل , قدر ما تستطيع مخيلته من ابتكار اشكال تتلائم وطبيعة النص في آنيته لحظة القراءة , كما تتلائم ايضا وطبيعة المخيلة المتصدية للنص .

ان ما يسمى (( بفضاء النص )) .. لا يلغي اغلاقية النص التي سادت في الشعر , انه فضاء محكوم بهذه الاغلاقية نفسها , فضاء محدود , تتخيله مخيلة محدودة فتضع له شكلاً واحداً حسب , و أفقاً مؤطراً باطار تشترك في وضعه الذاكرة - اضافة الى المخيلة - عبر ما خزنته من (( معرفية )) متكونة عبر قرون طويلة .


وثمة من سيقول .. هناك نصوص كبرى في الشعر , هي نصوص مغلقة , والجواب : صحيح , ولكنها كبرى في استخدامها اقصى ما يمكن ان تمنحه اغلاقيتها من امكانات , تجعل من المحاولة الثانية تكراراً فاشلاً في اغلب الاحيان ..

ان النص - الفضاء - يلغي تكرار نفسه .. لان عمليته التكوينية لا تتعدى النص في لحظة الكتابة , بمعنى انها تتغير في النص القادم , باستخدام امكانات اخرى , كانت غير متوفرة في النص الاول, تمنحنا جواً شعرياً ليس مغايراً للأ غلاقية حسب , وانما مغايراً للشعرية نفسها التي تخللت النص الاول , من حيث عناصر بنائية ونفسية عديدة .. وبذلك تنتصر الكتابة الجديدة مع نفسها في الغاء القصدية , والاطار معاً

1- 2- 1988








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية