الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنصت على الكرة الارضية

محمد بن سعيد الفطيسي

2007 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أثيرت في السنوات الماضية قضية التصنت(التجسس الكترومغناطيسي) الذي اعتمدته الولايات المتحدة الأميركية كوسيلة هادفة ومهمة لإدارة عمليات محاربة الإرهاب وغيره من الجرائم التي يمكن ان تمس المواطن الاميركي ـ كما تدعي ـ وطالب الرئيس الأميركي جورج بوش ولأكثر من مرة تجديد هذا القانون وإقراره بشكل رسمي رغم مخالفته الدستور الاميركي وقانون حماية الخصوصية كون هذا العمل جزء حيوي ولا يمكن الاستغناء عنه من اجل حماية الأمن القومي الاميركي حتى وان كان غير مشروع ومبرر من الناحية القضائية , وكون هذا العمل مخالفا للدستور الاميركي والقوانين الدولية والإنسانية ـ الواضحة ـ فقد أنكرته الحكومة الاميركية في كثير من الأحيان وتغافلته في كثير من المرات رغم الحقائق والبراهين التي تناولتها وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا وباقي دول العالم , ولكن قد تم الاعتراف بممارسته رسميا من قبل الرئيس الاميركي بسبب القرائن والأدلة الأخيرة التي لم تستطع الحكومة الاميركية إنكارها اخيرا. المهم في الموضوع ان ما شد انتباهي هو مدى الاستغراب المبالغ فيه والذي أبدته كثير من وسائل الإعلام ورجال السياسة والقانون وغيرهم من أصحاب الاختصاص والاهتمام,عن كيفية ممارسة هذا العمل في دولة كالولايات المتحدة الاميركية (الديموقراطية),ومدى ما أفردته تلك الوسائل الإعلامية من وقت وجهد ومساحة لهذه القضية القديمة المتجددة , رغم انه من المعروف ان مثل هذه الأعمال تقع من ضمن صلب العمليات الاستخباراتية التي تمارسها المؤسسات المختصة في الولايات المتحدة الاميركية كـ CIA ووكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي وغيرها ومنذ فترة تتجاوز القرن من الزمن و بطرق تم التكتم عليها ولم تكن معروفة سوى لذوي الشأن ان ذاك , وأصبح كعمل معروف وشبه رسمي مع بداية السبعينات , وليس على أعداء هذه الدولة أو المتربصين بها فقط , بل أنها مارسته ولا زالت وتحاول ان تقره رسميا على مواطنيها وحلفائها في أوروبا وغيرهم وفي مختلف دول العالم كوسيلة قانونية وشرعية لمحاربة الجريمة والإرهاب دون الأخذ لأي اعتبارات إنسانية أوأخلاقية وخصوصا إذا ما علمنا ان مثل هذه الأعمال تأتي بالصوت والصورة وفي أي مكان وزمان في كثير من الأحيان .فرسميا تم اعتماد نظام اصطلح على تسميته رمزيا بـ " اصطفاف " ( ECHELON ) كان قد أطلق في السبعينات للتجسس على الاتصالات السوفيتية عبر الأقمار الاصطناعية,وأصبح اليوم جزءا لا يتجزأ مع عدد أخر من الأنظمة في شبكة المعلومات الاستخباراتية الأميركية التي لا هم لها سوى التجسس على سكان الأرض تحت ذرائع مكافحة الجريمة والإرهاب من اجل الوصول الى غايتها من الاتصالات التجارية والاقتصادية والسياسية العالمية الرسمية بغية الحصول على معلومات سرية تساعد الدولة العظمى على السيطرة على العالم واحتكار أجوائه الالكترومغناطيسية ( ولكن بدون أي إشعار رسمي بإنشائه,وابقي بمنأى عن أي إشراف من قبل مؤسسات الرقابة الديموقراطية وبمعزل عن أي مناظرة عامة أو تشريعية حول الأهداف الإنسانية التي يتوخى خدمتها,مما يستدرج الى التساؤل : من أعطى الحق للولايات المتحدة الاميركية بان تقدم على هذا الفعل ؟؟ ) , وقد تولت وكالة الأمن القومي وعدد من الدول الأوروبية تشغيله والمشاركة في العمل عليه,حيث يقوم هذا النظام(بالاعتراض للإعداد هائلة من الاتصالات وبدون أي تمييز ويستعين بالحواسب لتشخيصهم وغربلة الرسائل ذات القيمة بين زميلاتها المتراكمة الخالية من الجدوى ـ ويشمل ذلك جميع البرقيات والمراسلات الدبلوماسية والمفاوضات التجارية والأحاديث الجنسية والتهنئات بأعياد الميلاد ـ القادمة بالفاكس والهواتف المنزلية والخلوية والبريد الالكتروني والتلكس والألياف البصرية والموجات الصوتية وغيرها.وكما قلنا ان هذا النظام هو نظام استخباراتي عالمي قديم مركزه الرئيسي الولايات المتحدة الاميركية,فكيف بعد ذلك يمكن لنا ان نستغرب من ممارسة هذا الانتهاك الصارخ للديمقراطية والأخلاق والخصوصية من قبل الإمبراطورية الأميركية التي تدعي أنها مهد الديموقراطية على مواطنيها بشكل خاص وسكان الكرة الأرضية وبدون مبررات قانونية أو أخلاقية تستدعي ذلك, وعلى مدار الساعة,بحيث انه لا يمكن لأي مخلوق يستخدم التكنولوجيا السابقة من الإفلات من شباك هذه التقنية العالمية التي لم تستثني أحدا من الكائنات الحية ابتداء بالفقراء في دول العالم الثالث والرابع و...الخ ومرورا بالرؤساء والزعماء من مختلف دول العالم وليس انتهاء بالأمين العام للأمم المتحدة والبابا و... القريب والبعيد والصديق والعدو؟

[email protected]
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
سلطنة عمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل