الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفريق سلطان هاشم، ورقة (8 ماجه) أم (8 دِنر)؟!

نوري المرادي

2003 / 9 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يوم أمس تناقلت الأنباء خبر تسليم أو ظهور وزير الدفاع السابق الفريق سلطان هاشم، وسفره إلى بغداد تحت سمع وبصر القوات الأمريكية وبما عكس على أنه تسليم للنفس بعد أن ضاقت به السبل تحت وطأة المخابرات الأمريكية الذكية ومجلس الإمعات الأذكى منها.

 

والفريق سلطان هاشم من الشخصيات الهامة في النظام السابق، ومن هنا فالتغاضي عن ورود اسمه في القضية العراقية غير مبرر.

فهل لأجل هذا نصيح: (( يا للهول! ))

أو نصيح: (( يا فرحِة الحرامية بيك يا شيخ الغفر! ))

أو نصيح: (( يا لبؤس ما صرتم تلجأون إليه أيها المحتلون! ))

 

ويا لهول الوطنيين العراقيين، لو كان الفريق سلطان هو قائد المقاومة الوطنية العراقية؛ ويا لفرحة الحرامية - مجلس الإمعات وغلمانهم بهاذ الصيد الثمين؛ ويا لبؤس ما لجأ إليه الأمريكان إذا افترضوا أنهم بهذه المسرحية يعيدون لأنفسهم شيئا من ماء الوجه الذي أسقطته عنهم أحرار العراق!

فلنسبر خلفية الحدث ونر أي الصيحات أصح!

 

وبالمناسبة فالماجه والدِنر صنفان من نضدة ورق اللعب، الأولى رمزها قلب والثانية ورقة. والفريق سلطان هاشم هو الشخص الثامن بالأهمية ممن ظهروا إلى العلن بعد عزيز والصحاف والجزراوي وحبوش وقصي وحمود وعلى كيماوي. وسلطان هاشم كان حتى أمس الأول مصنفا الثامن في النضدة التي أصدرتها الـ cia كإشارة مسبقة صريحة لأن غزو العراق سيكون أسهل من تفريق نضدة البوكر!

 

والفريق سلطان هاشم نتاج العقلية العسكرية العراقية وبالأخص خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وهو الذي فاوض الأمريكان بعد العدوان الثلاثيني، وهو الذي حصل منهم على شروط استسلام لم يحصل أفضل منها قائد جيش عسكري مهزوم قبله. فقد خرج دون شروط تقليدية من قبيل مزع سلاح العراق ولا خسارة أرض أو ممتلكات. ونحن نعلم شروط استسلام روسيا لليابان وتركيا لبريطانيا وحلفائها واليابان وألمانيا لأمريكا وروسيا. وكل ما ترتب من حصار وحديث عن أسلحة دمار شامل، فرض من قبل الأمم المتحدة بعد الأحداث. والفريق سلطان هاشم شارك حتما بوضع الخطط العسكرية لصد الغزو الأنجلوصهيوني الأخير، وهو اختفى مع قيادات النظام السابق بعد أتخذ قرار التخلي عن بغداد، تحت وطأة الكثافة النارية، واللجوء إلى حرب العصابات. ذلك القرار الذي تشهد عليه الأحداث الجارية.

هذا ما كنا نعرفه من ظواهر الأمور.

لكن الفريق سلطان هاشم ليس بمستوى القائد المحبوب جماهيريا خصوصا وهو ينوء بتبعات النظام السابق الدموية. ناهيك عن إن زمان القادة المحبوبين في العراق قد انتهى يوم 8 شباط 1963م. لذا فالفريق ليس ورقة ماجه!

 

وللصحافة العالمية رأيا آخر في سلطان هاشم أيضا. فتقلا عن الواشنطن بوست، نشرت (الشرق الأوسط) مقالا مسهبا عنه. وقد جاء في التقرير، على سبيل المثال، وتعليقا من كاتبه على قول الفريق سلطان هاشم المتلفز خلال الحرب، بأنه يتوقع وصول القوات الأمريكية إلى بغداد خلال 5 – 10 أيام، ذكرت: (( يرى السيدان دوغلاص جيهل وويكستر فيلكنز إن الفريق هاشم قد تم تشخيصه كحليف محتمل منذ عام 1995 حينما عين وزيرا للدفاع. ووصفه المسؤولون بأنه إنسان كفء وضابط مشاة محبوب ولا تجمعه أواصر قرابة بصدام حسين أو بعائلته ،،، وظهوره بالتلفزيون كان إشارة للجيش العراقي بألا يحارب ،،، ولقد بدأت cia وبمساعدة ضباط أردنيين اتصالات مع عدد من العراقيين في المنفى بجهود لبناء تحالفات مع قادة عسكريين عراقيين قبل اندلاع الحرب بأكثر من ثلاثة أشهر على الاقل وإقناعهم بعدم القتال واستعداد شخصيات بارزة من النظام كوزير الدفاع للتعاون لإنهاء الحرب سريعا ،،، ولم تُقصف وزارة الفريق هاشم (وزارة الدفاع) خلال الحرب وسمح عدم ضرب محطات الإرسال العراقية لوزير الدفاع السابق بالظهور في التلفزيون ))

وبعقلية الكتبة والحقوقيين المتمادحين على موقع الشتائم المزكشة، ستكفي هذه الملاحظات لتكون بمثابة اتهام يشنق على أساسه الفريق هاشم مباشرة. يشنق بسبب العمالة، ثم يعاد إلى الحياة مجددا، لأن هؤلاء الكتبة المتمادحون سيفهمون لاحقا أن عمالة سلطان هاشم كانت لسيدهم بوش الذي يتملقوه بالرسائل كثيرة التواقيع.

أما بعقلية العامة، فما يقوله التقرير أعلاه لا يمثل اتهاما ولا كلاما عاما يستحق الانتباه.

فإن يفترض مدراء المخابرات بشخص حليفا فهذا شأنهم. وهم أحرار بما ومن يفترضون. وعلى أية حال فالبحث عن حلفاء ومحاولة تجنيدهم، هي من صلب مهماتهم التي لا ولن يلاموا عليها. المهم أنها شأنهم وليس للشخص المفترض، هو هنا سلطان، شأن بها.

كما إن عدم ضرب وزارة الدفاع إكراما لعينيه، هو الآخر مزحة عابرة، بحكم أن ما من دولة خلال الحروب قصفت وزارات السيادة في الدولة المعادية. ولم يحدث هذا لا في برلين ولا لندن ولا طوكيو ولا موسكو، خلال الحرب العالمية الأخيرة ولا بلغراد فيما بعد. وهو عرف عسكري جرى ليسهل للخصم إمكانية الاستسلام. هذا من جهة. ومن جهة ثانية فوزارة الدفاع أو غيرها، وخلال الحروب لن تعود تشكل أكثر من بناء بقاؤه من عدمه لن يؤثر على سير العمليات القتالية؛ لأن أحدا من العسكر لا ولن يفترض أن مركز عمليات خصمه يبقى، خلال الحرب، في مبنى وزارة الدفاع العرضة للتجسس والقصف. وكل مراكز إدارة العمليات عادة ما تكون في مناطق مجهولة، صيانة لها. ومركز إدارة العمليات شيء ومركز المؤتمرات العسكرية اليومية شيء آخر.

وبالنسبة للحالة العراقية، فلو استمرت الحرب لأكثر مما كان، لرأينا كيف ستبدأ أمريكا بقصف كل شيء وحرق الأخضر واليابس، وأنها بالتالي لن ترحم مبنى على أرض بغداد.

ناهيك عن أن سلطان هاشم لو تعامل حقا مع الغزاة وحالفهم قبل الحرب فقد أعطى كل ما يهم الغزاة ولن يصبح رأسه ذا أهمية، تجاه الحدث الإعلامي الأهم وهو أن العدو قصف وزارة الدفاع وقتل وزير الدفاع والصف الأول من القيادات العسكرية. خصوصا وهو إن تعامل معهم فسريا أي لا شيخ عشيرة ولا رئيس دولة يعرف ليلوم أمريكا على غدرها بكلمة شرف أعطتها لعميل!!

مثل هذا مزحة عدم ضرب المرسلات الإذاعية الذي يفترضه التقرير مهد لسلطان هاشم أن يقول ما أراد من شفرات إلى زملائه العملاء خلال سير العمليات الحربية فساعد بالاستسلام. هذه أيضا مزحة، لأن المرسلات الإذاعية ضربت عدة مرات، وتوقف البث عدة مرات أيضا. يتوقف البث حسب سرعة توجيهه من المرسلة المقصوفة إلى المرسلة الاحتياط. وفي بغداد وحدها كانت هناك 30 محطة بث احتياطية بطواقمها ولكل منها مرسلاته التي كما قال الصحاف في حديثه مع (أبوظبي) طورها العراقيون، وبارتفاع 6 أمتار عوضا عن 170 مترا. هذا ، ناهيك عن المحطات الإذاعية الاحتياط في بقية المحافظات.

ومن هنا، فلا سلامة مبنى الدفاع ولا سلامة المرسلات يرقى لمستوى التهمة في عالم القضاء. وعلى أية حال فالتقرير ذاته في آخر فقرات منه يقول: (( قد تكون هناك أسباب أخرى دفعت الولايات المتحدة لعدم قصف وزارته،، ففي أي مجتمع مركزي ومتحكَّم به من فوق سيقاتل الجنود حتى آخر أمر يصلهم لكنك إذا قطعت الرأس فالذراع والسيقان ستبقى تتحرك لذلك أنت بحاجة إلى إبقاء الكيان الذي يسمح بتحقق الاستسلام )) 

ولنترك جانبا كل هذه المجادلات، فنعود إلى حقيقة واحدة وهي أن هذا التقرير كتب أثناء الحرب ونشر في الصحافة قبيل سقوط بغداد بيوم، بينما شوهد سلطان هاشم مع صدام حسين بعد يومين من سقوط بغداد في الاعظمية، كما شوهد بعدها وفي نهاية الشهر الرابع في الحلة وغيرها من المناطق. ومحال أن يتركه صدام سالما وقد قيل عنه ما قيل، لو كان بما قيل ولو جزءً من الحقيقة.

ونحن الآن لسنا بصدد البحث عن أسباب سقوط، أو تسليم بغداد. وقد وضعنا وقتها ثلاثة احتمالات، يبدو أن الأيام تثبت أحدها وهو أن التسليم تم بسبب فارق الكثافة النارية لصالح الخصم، لذا سلمت بغداد مقابل اللجوء إلى حرب عصابات.

المهم الآن هو ظهور اسم سلطان هاشم إلى العلن في هذه الأيام تحديدا.

أقول ظهور اسمه إلى العلن، لأن الرجل ومنذ منتصف مايو الماضي، أي منذ 4 أشهر، عاد إلى بيته في الموصل وسكن به علنا وأغلب أهل الموصل يعرفون، ولابد وعلمت مخابرات الأمريكان بمقره، ولابدها لو استهدفته لقتلته بهجوم على منزله كالذي شنته على المنزل الذي آوى عدي وقصي، أو بقصفه بالصواريخ الموجهة عن بعد، لو صح وأن الأمريكان يخافون سطوة 20 حارسا من عشيرته يطوقون بيته.

وفي هذا نعود أيضا إلى التقرير ذاته الذي يقول: (( وسلطان هاشم مطلوب فقط كشاهد مادي أكثر من أن يكون متهما في أي جرائم حرب حسبما قال مسؤولون كبيرون من البنتاغون )).

فإذا صدق هذا الجزء من التقرير فسلطان هاشم يعلم أن أحدا من الأمريكان لن يمسه بسوء. لذاه أمن وجلس في بيته معتزلا. وإذا صدق هذا الجزء من التقرير أيضا، فسلطان هاشم لم يسلم نفسه وإنما طلب منه السفر إلى بغداد وبسيارة بيضاء موديل 2003 لتعلن القوات الأمريكية نصرا هي بحاجة إليه أكثر من حاجة الميت عطشا إلى قطرة الماء. نصر على الأقل بعد الاعتراف الصريح لباول بعجز قواته وأنه على وشك الجلاء عن بعض المدن،،التي يقال أن من بينها بغداد والرمادي والموصل.

مختصرا، فالفريق سلطان هاشم، وإذا كانت قصة اتهامه قد نشرت كاملة وهي التي احتواها تقرير الواشنطن بوست الذي اقتطفنا براهينه أعلاه، هذا الفريق لم يكن عميلا ولا خائنا، إنما اعتزل العمل منذ الشهر الخامس وحسب،، بدليل أنه لو كان عميلا، لأجهض عمل المقاومة الوطنية ككل إذا صدقنا دعاوى السفهاء من أن هذه المقاومة يقودها فلول النظام؛ أو لأجهض على الأقٌل الجزء الذي يقوم به أنصار النظام، وهذا حقيقة، من هذه المقاومة. ونتيجة لأحد هذين الاحتمالين أو كليهما، كنا سنلاحظ نهاية المقاومة كليا أو تناقص نشاطها. الأمر الذي لا تقوله الوقائع، ولا يراه مخططو السياسة الأمريكية في العراق، بدليل أنهم راحلون.

ومن هنا، فلا خوف على المقاومة الوطنية. ومن هنا أيضا فالصيحة الأصح التي نعلنها نحن العامة هي: (( يا لبؤس ما صرتم تلجأون إليه أيها المحتلون! ))

 

لكن،، ربما! ،،

وهذه ليست بعيدة، بل ومحتملة جدا!

وهي أن الأمريكيين أعادوا حساباتهم فرأوا بسلطان هاشم حصان طروادة، لذا أعادوا نشر تقرير الواسنطن بوست مجددا، كعربون على حسن نيتهم المسبقة عنه. وطلبوا منه المجيء إلى بغداد، تحت ستار تسليم النفس، ليتسلم بعد أيام السلطات الكاملة،، لتعلن أمريكا أنها انتصرت في حربها في العراق بأن أبدلت النظام! أي إن الفريق سلطان هاشم هو ورقة دِنر، يسيل لها لعاب الخيالات الأمريكية المحتارة الآن في أمريها!

وربما! وهذه أيضا محتملة، أن للرئيس العراقي السابق يد في هذه المسرحية. خصوصا وقد ذكر في شريطه الأخير أن على الأمريكان مفاوضته عبر الذين تحتجزهم في مطار بغداد.

لكن هذا لا يؤثر على تلك الصحية الأصح التي هي: (( يا لبؤس ما صرتم تلجأون إليه أيها المحتلون! ))

على اعتبار أن الحال دول تطفو وترسب.

والأمريكان على الأرض العراقية الآن ليسوا بموقع المقرر بل المتلقي القرار من صاحبه الشرعي والحقيقي – المقاومة الوطنية العراقية!

 

أما مجلس الإمعات، فهو لا بالعير ولا بالنفير!

وحتى وإن فرح بشيخ الغفر، فقد أخبرته السيدة عقيلة الهاشمي هذا الصباح بالمصير الماثل.

لذا فليس أمام أعضاء هذا المجلس غير التراجع عن غيهم والعودة إلى شعبهم والاعتذار منه على ما فعلوه بحقه عسى ولعله يغفر!

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟