الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايلان بابيه والتغيير المستحيل من الداخل.. موسم الهجرة من اسرائيل

نائل الطوخي

2007 / 7 / 2
الصحافة والاعلام


هي حمى مغادرة إسرائيل إذن. ولكن، على خلاف عزمي بشارة الذي اتخذ هذا القرار منذ أسابيع، فالطرف الأساسي هذه المرة لم يكن عربيا وإنما أكاديمي يهودي إسرائيلي يقرر الإقامة في بريطانيا. عد دوما الأستاذ الجامعي إيلان بابيه واحدا من أبرز المؤرخين الجدد في إسرائيل ومن أهم من وثقوا لوقائع النكبة وتصدوا للرواية الصهيونية حولها، والآن يقرر مغادرة إسرائيل احتجاجا على عدم حرية البحث الأكاديمي في الدولة التي طالما نظرت بشك إلى بحوثه. "لا أستطيع تحديد الوقت الذي سأعود فيه بالضبط، ولكنني لن أهاجر. يؤسفني أن أخيب أمل هؤلاء اليمينيين الذين فتحوا زجاجات الشمبانيا." هكذا يقول بابيه في حوار مع صحيفة معاريف أجري معه مؤخرا ردا على التكهنات التي شاعت بكونه سيغادر من إسرائيل إلى الأبد.
كانت لبابيه عدة أسباب جيدة لتركه قسم علوم السياسية بجامعة حيفا وقبوله الأستاذية بجامعة "أكستر" في بريطانيا، كما قال في حواره مع معاريف: "من يواجه الحقائق التي تربى عليها مجتمعه يتحمل الكثير من العداوة والحسد والكراهية. يجب على الإنسان أن يأخذ مهلة من هذا، يؤسفني أنني كنت كبش فداء للمجتمع الإسرائيلي. لن أتنازل عن الحقيقة ولكن ليس من اللطيف تحمل هذه العداوة. السبب الثاني هو الترقية الأكاديمية، أنا شخص أكاديمي ويستحيل بالنسبة لي العمل كمؤرخ محترف في إسرائيل. أقوم بدراسة أمور يصعب على المجتمع الإسرائيلي تقبلها. هم لا يقومون بترقيتي بسبب أرائي. كل من نشر 12 كتابا تتم ترقيته إلى درجة بروفيسور في أي مكان آخر بالعالم، وقد عرضوا على منصب "بروفيسور" في جامعة أكستر". أما السبب الثالث لمغادرته إسرائيل كما صرح فهو اعتقاده بأنه من الأسهل دفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من الخارج وليس من داخل إسرائيل.
كان بابيه في زيارة لقطر، في إطار مؤتمر نظمته إحدى الجماعات الفلسطينية ودعي إليه زعيم حزب ميريتس يوسي بيلين والناشط الحقوقي الفلسطيني باسم عيد، وأعلن هناك عن نيته للمغادرة: "لقد قاطعوني في جامعتي وكانت ثمة محاولات لإبعادي عن مكان عملي. أتلقي كل يوم تهديدات ضد حياتي. يعتبروننني تهديدا للمجتمع الإسرائيلي ويعتقد شعبي أنني مجنون او أن أرائي غير ذات موضوع. إسرائيليون كثيرون يعتقدون أنني عميل للعرب." كما قال أنه ليس من فرصة لحل الصراع في الشرق الأوسط بواسطة حل الدولتين –إسرائيل وفلسطين - وإنما الحل الوحيد هو إقامة دولة واحدة مشتركة للعرب واليهود والأقليات الأخرى. أضاف بابيه أنه فقط الضغط الدولي على إسرائيل هو ما يمكنه حل المشكلة: "في السنوات الست الأخيرة أصبحت حكومة إسرائيل أكثر عدائية وقمعا بسبب الدعم الذي تحظى به من إدارة بوش. الآن يشعرون أنه بإمكانهم فعل أي شيء يخطر على بالهم."
قضيتان ساخنتان أعيد إثارتهما مع قرار المغادرة لتشكلا جزءا من الحملة الشرسة التي واجهته داخل إسرائيل. كانت هناك قضية الطالب تيدي كاتس الذي قدم رسالة بجامعة حيفا حول مذبحة قامت بها وحدة عسكرية إسرائيلية عام 48 في قرية طنطورة العربية، وأجازها بابيه، مما حدا بالجامعة إلى أن تهدده بالفصل، وهو ما دفعه إلى كتابة مقال في الجارديان عنوانه "المضي بشجاعة" داعما مقاطعة المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية من قبل المجتمع الدولي. كان هذا المقال، كما رأى إسرائيليون كثيرون، هو واحد من أسباب قرار المقاطعة الذي اتخذه بالفعل الشهر الماضي اتحاد أساتذة الجامعات في بريطانيا ضد جامعتي حيفا وبر إيلان. جاءت مقاطعة جامعة بر إيلان على خلفية امتلاكها معملا في مدينة آريئيل بالضفة الغربية، وبالتالي دعمها للاحتلال الإسرائيلي، أما مقاطعة جامعة حيفا فجاءت بسبب التهديد الذي وجهته لبابيه بالفصل.
يقول بابيه في مقاله بصحيفة الجارديان والمنشور منذ عامين: "المقاطعة والضغط الخارجي لم يستعملا أبدا في حالة إسرائيل، وهي دولة تطمع لأن تكون جزءا في العالم المتحضر الديمقراطي. تمتعت إسرائيل بالفعل بوضع كهذا منذ أن تم خلقها في 1948 ونجحت في مقاومة قرارات الأمم المتحدة العديدة التي أدانت سياساتها، و اكثر من هذا، خططت للحصول على وضع متميز داخل الاتحاد الأوروبي. تجسد المكانة المرتفعة للمؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية في المجتمع البحثي العالمي هذا الدعم الغربي لإسرائيل باعتبارها "الديمقراطية الوحيدة" في الشرق الأوسط. يمكن للجيش الإسرائيلي والشاباك المضي، وسوف يمضيان، في تدمير البيوت، طرد العائلات، إهانة المواطنين والقتل اليومي للنساء والأطفال بدون أن تتم محاسبتهما محليا أو دوليا، محميين بهذا الدعم الخاص للمؤسسة الأكاديمية وبوسائل الإعلام الثقافية الأخرى."
قضيتا مذبحة طنطورة والمقاطعة كانتا الأساس في الحملة الإسرائيلية المقامة ضد بابيه. الأوصاف التي تطلق عليه هي من عينة "أكبر المعادين للسامية"، التي وصفه بها بن درور يميني رئيس تحرير صحيفة معاريف، كما يدعو الكاتب الصحفي أريئيل سيجيل إلى مقاطعته أكاديميا. ليس هذا فقط، بل يمتد الأمر ليصل الخلاف معه إلى داخل اليسار غير الصهيوني في إسرائيل. الأديب والصحفي أوري أفنيري وهو واحد من أنشط رجال اليسار في إسرائيل يرفض فكرة مقاطعة إسرائيل. يكتب في موقع "الضفة اليسارية" غامزا بابيه: "كل من يريدون بنية مخلصة في مساعدة الشعب الفلسطيني ينبغي عليهم الابتعاد عن فكرة فرض الحظر الشامل على إسرائيل. سوف يدفع هذا الحظر كل الإسرائيليين إلى اليمين الأكثر تطرفا، لأنه سيدعم الفكرة اليمينية بأن العالم كله ضدنا." وأضاف: "ربما كان هناك حق مع مئيير كاهانا عندما زعم أن التطلع للتطهير العرقي ولإقامة دولة يهودية من البحر حتى النهر هو الرغبة الكامنة لكل إسرائيلي، ولكن على خلاف د. بابيه فأنا مقتنع بأنه يمكننا تغيير اتجاه تاريخ دولة إسرائيل".
كذلك يؤمن أفنيري بحل الدولتين، واحدة للشعب الفلسطيني والأخرى للشعب الإسرائيلي، على خلاف حل الدولة الواحد للعرب واليهود بشكل متساو الذي طرحه بابيه. يقول أفنيري: "من البديهي أن الدولة الواحدة لن تقوم. ليس فقط أن الإسرائيليين لن يتنازلوا عن دولة خاصة بهم وسوف يعارضوا كل ما هو غير ذلك بالإجماع تقريبا ولكن أغلب الفلسطينيين أيضا لن يتنازلوا عن دولتهم الخاصة. قد يكون من الممكن التصفيق لدكتور إسرائيلي يدعو لتفكيك دولة إسرائيل ولكن ليس لدى الفلسطينيين وقت للحلول اليوتوبية والتي قد تتحقق بعد مئة عام."
أما بابيه فلقد قال في مقال آخر بأن أوري أفنيري غير مستعد للاعتراف بفشله: "كلنا أعضاء قدامى في اليسار، ومن يأسنا نخطئ في المزج غير الناجح بين ما هو كائن وما يجب أن يكون. صيغة الدولتين مر عليها ستون عاما. هي صيغة فاشلة وخطرة مكنت وتمكن إسرائيل من مواصلة الاحتلال بوسائل أخرى. الحقائق على الأرض صارخة: حل الدولتين فشل فشلا ذريعا وليس لدينا وقت للانتظار لجولة دبلوماسية وهمية ما تبدو وكأنها هي التي ستأخذنا إلى المكان الذي نريده. الدعوة إلى حل الدولة الواحدة، مثل الدعوة إلى ممارسة المقاطعة على إسرائيل، ولدت على خلفية فشل الاستراتيجيات السابقة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟