الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة تقسيم العراق

سلامة كيلة

2007 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


حين جرى احتلال العراق من قبل الجيش الأمريكي ، بدأت الإشارات الموحية بتقسيم العراق تظهر ، وتُذكّر بكثير مما كتب عن " السياسة الامبريالية الهادفة إلى تقسيم الوطن العربي". لهذا جرت العودة إلى "منظري الاستعمار الجديد" في الولايات المتحدة الأمريكية ، الذين كانوا منذ مدّة يطرحون مسألتان ، الأولى: أن هذه المنطقة تضم أقليات دينية وطائفية وإثنية ، وهي غير قابلة للتعايش ، لهذا نجدها في حالة صراع مستمر. إنها في حالة حرب دائمة.
والثانية: أن الحل الوحيد هو إعطاءها " الحق في تقرير المصير"، أي إعطائها حقها في الاستقلال .
وإذا كانت " المعارضة العراقية" قبل الاحتلال قد تبلورت في:" المعارضة الشيعية"، و" المعارضة الكردية"، إضافة إلى بقية الأطياف ،فإن الخطوة الأولى بعد الاحتلال التي رسمت معالم السياسة الأمريكية لتأسيس " العراق الجديد" كانت تشكيل مجلس الحكم على أساس طائفي . أي التعامل مع العراق إنطلاقاً من نظرة " منظري الاستعمار الجديد". بمعنى التعامل مع العراق كفسيفساء طائفية ودينية وإثنية تعيش حالة تصارع(رغم أن الوضع لم يكن كذلك ، وكل الصراعات التي جرت كانت ذات طابع سياسي).
ومن ثم أصبحت السلطة من حق "الأغلبية الدينية"، أي للشيعة . وهنا تشكل النظام السياسي الجديد ليس على أساس ديمقراطي كما عممت أجهزة الإعلام الامبريالية ،بل على أساس " المحاصصة الطائفية" التي كانت تجهز على الديمقراطية لأنها تنفي مبدأ (وبالتالي حق) المواطنة ، وتكرّس مسبقاً الأغلبية والأقلية، الأغلبية الطائفية والأقليات الطائفية . وهي بذلك تلغي كل القوى العلمانية التي هي قوى موجودة في وسط "الأغلبية والأقلية" . ولكن الأخطر أسست لبدء الفرز الطائفي الواقعي ، لان القوى الطائفية ( الشيعية والسنية) بدأت في " حفر الخنادق" بين المناطق ، خصوصاً وأن " الديمقراطية الجديدة" اعتمدت مبدأ الفيدرالية ، لتحقيق استقلال "معين" للطوائف والاثنيات ، أولاً في إطار الدولة العراقية ، ليوصل إلى أبعد من ذلك . لهذا أعطى " الدستور الجديد" صلاحيات للمناطق أكبر مما أعطى للسلطة المركزية ، وأشار إلى توزيع دخل النفط باعتباره من مهمة المناطق أكثر مما هي مهمة السلطة المركزية , وكان ذلك يعني تعزيز النزعة " الاستقلالية " لدى "القوى الشيعية" من أجل السيطرة على نفط الجنوب.
لتصبح المصالح الاقتصادية محركاً مهماً من أجل اكتمال الاستقلال ( طبعاً عن السلطة المركزية).
لهذا يأتي قانون النفط الجديد ، الذي لا زال يناقش ، لتكريس التقسيم . حيث أشار وزير النفط السابق إلى أنه " وصفة جاهزة لتقسيم العراق " . ورغم أنه كذلك يسلّم النفط العراقي للشركات الاحتكارية الأمريكية فيحقق هدف الاحتلال الأول عبر تشريع رسمي . ولا شك في أن الشركات النفطية تتقصد حدوث التقسيم ، لكي يتحول العراق إلى" مشيخات " يمكن التحكم فيها، مثل بقية الدول الخليجية. كما لا يسمح لها بأن تتحوّل إلى قوة خطرة مستفيدة من الأموال النفطية ،كما كان وضع العراق قبل الاحتلال.
وبالتالي فإن السيطرة على النفط ، والتحكّم به استخراجاً وتوزيعاً ، يفرضان إنهاء الدولة المركزية ، وتأسيس " مشيخات " متناثرة. وتدمير البنى التحتية، و الصناعة والزراعة كذلك، لكي تعاد صياغتها على نمط " المشيخات" الخليجية،حيث تذهب أموال النفط إلى البذخ ، والمظاهر ، دون نشوء قوى إنتاجية حقيقة .
وحين ندقق فيما يجري في بغداد ، نلمس مسيرة التقسيم بشكل أوضح. حيث يجب أن تصبح بغداد بغدادان : بغداد الشيعية وبغداد السنية .والحدّ بينهما نهر دجلة : إذن هناك الرصافة وهناك الكرخ . ولا شك في أن الفرز الطائفي يجري على هذا الأساس ( تقريباً ).
ولان هناك مشكلات صعبة ، بُدء بإقامة جدار الاعظمية ، حيث الاعظمية في الرصافة التي من المفترض أن تكون شيعية ، وليس من حلّ سوى بناء سور يعزلها عن القسم" الشيعي"، وسيحدث ذلك للكاظمية التي تقع في القسم " السني"، حيث سيبنى جدار عزل حولها كذلك . ولإكمال هذه الخطوة . نلاحظ كيف أن الجسور التي تربط الرصافة بالكرخ أصبحت مجال استهداف، حيث يجب أن تتدمر ، وحين يعاد بناؤها ستبنى في مناطق أخرى : واحد من اجل وصل الاعظمية بالكرخ ، وآخر من اجل وصل الكاظمية بالرصافة..
إذن ، سنلمس من كل ذلك أن " البنية التحتية" لتقسيم العراق تجري خطوة خطوة ، ويقوم بها أطراف "متناقضون"، او هكذا يجب أن نقتنع. فقد أقام تنظيم القاعدة " دولة العراق الإسلامية" في الجزء " السني" من العراق , والحركة الكردية تسيطر على الجزء الكردي ، وتحظى باستقلال أكثر من كامل ، ليبقى الجنوب، الذي يدفع المجلس الأعلى من أجل إقراره إقليماً " فيدرالياً"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل