الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع -إسرائيلي- مدمر

عامر راشد

2003 / 9 / 22
القضية الفلسطينية



كاتب فلسطيني - دمشق
 يلخص موشيه يعالون رئيس أركان جيش الاحتلال "الإسرائيلي" وبدقة متناهية استراتيجية حكومة الليكود الشارونية، وكل الحكومات الصهيونية التي سبقتها منذ إقامة "إسرائيل" في العام 1948 في تصريح أدلى به أثناء تفقده للوحدة 605 المتمركزة في الجولان السوري المحتل، إذ قال: " الحرب تسبق السلام، والسلام يسبق الحرب، العدو هو الشريك، والشريك هو العدو" يديعوت أحرنوت 28/8/2003.
 "إسرائيل" في حالة حرب دائمة، ولا ينبغي لها إلا أن تكون هكذا حتى تحقق أهدافها، التي لا يمكن الوصول لها دفعة واحدة، حتى ولو بمعاهدات سلام تضمن لها حدوداً ثابتة ومعترفاً بها دولياً. كلمات قالها موشيه يعالون صراحة، مردداً ما صرح به قبله العشرات من قادة الكيان الصهيوني لعشرات السنوات.
 ينطلق قادة الكيان الصهيوني في رؤيتهم للحل من ضرورة استثمار نتائج الخلل الواسع في ميزان القوى لصالح "إسرائيل" الذي بقي مستمراً منذ إقامتها، بما يعني احتفاظ الطرف المنتصر بمكاسبه التي انتزعها في ساحات المعارك، وفرض شروطه على الطرف الخاسر، وبالتالي لا يعود مقبولاً الحديث عن سلام شامل ومتوازن يقوم على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تدعو إلى انسحاب "إسرائيل" من كامل الأراضي التي احتلتها في عدوان الخامس من حزيران، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة، وعودة اللاجئين حسب القرار 194، فهذا حسب الرؤية "الإسرائيلية" ثمن باهظ لا يجوز أن تدفعه "إسرائيل" لأنه يحمل مخاطراً مستقبلية على وجودها، لا يمكن لأي معاهدة سلام أن تمنعها، والحيلولة دون وقوع ذلك يضمنها فقط بقاء ميزان القوى مختلاً لصالح "إسرائيل"، وأحد شروط هذا التمسك بالأراضي العربية المحتلة كشرط للمحافظة على حدود آمنة يمكن الدفاع عنها، لذلك فهم يطرحون أساساً آخر للسلام يقوم على مبدأ "السلام مقابل السلام" أي تخلي العرب عن الجزء الأعظم من حقوقهم في أراضيهم المحتلة، مقابل وقف الاعتداءات والتهديدات "الإسرائيلية"، وتجمع كل تيارات الحركة الصهيونية بأنه يجب أن تقبل "إسرائيل" بأي حل يقوم على أساس التخلي عن أرض "إسرائيل التوراتية" لأنها بهذا توقع بيدها قرار حكم بإعدامها.

 تطور الفكر الصهيوني ولكن ؟!!
في سياق الصراع العربي ـ الإسرائيلي والفلسطيني ـ الإسرائيلي تطور الفكر الصهيوني فبعد أن كان يعتبر الأرض الفلسطينية أرضاً دون شعب أعطيت لشعب دون أرض هو شعب "إسرائيل" بقوة الوعد الإلهي، متنكراً بذلك لوجود الشعب الفلسطيني. بدأ الفكر الصهيوني يعترف بوجود الشعب الفلسطيني لكن دون حق بالأرض، وهو ما خلق عندهم ثنائية معقدة وشائكة يصعب حلها، هناك شعبان يعيشان ويتصارعان على أرض "إسرائيل التوراتية". هما شعب "إسرائيل" الذي يستمد وجوده من قوة الوعد الإلهي الذي يعلو فوق إرادة البشر، وشعب فلسطين الذي يستمد وجوده من واقع استمراره في العيش على هذه الأرض لأكثر من ألفي عام هي سنوات "الشتات اليهودي"، صراع بين إرادة الخالق وإرادة البشر، لذلك وجد الفكر الصهيوني في الهروب من هذا المأزق مخرجاً وحيداً يقوم على اتباع سياسة "دوغماتية" أساسها إدعاءات الميثولوجيا التوراتية، وهو ما عبر عنه كل من شارون وبوش بما سمي ضرورة "المحافظة على طابع يهودية دولة إسرائيل"، لكن هذا الإدعاء خلق له مأزقاً من نوع آخر، يحمله التساؤل المشروع عن ماهية الهوية "الإسرائيلية اليهودية" في دولة يشكل العرب الفلسطينيين أكثر من 20% من سكانها، كيف لهم أن يكونوا مواطنين حقيقيين في الدولة اليهودية، التي ما فتأت بوصف نفسها بالديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ؟!! إذاً "إسرائيل" لا يمكن لها الأخذ بالمفهوم العلماني الغربي أساساً لبناء ديمقراطيتها، بل عليها أن تشق طريقها نحو ديمقراطية تختص بها. ديمقراطية لليهود دون العرب، وهنا لا يمكن الحديث عن حقوق مواطنة متساوية، لكن هذا الهروب إلى أمام لن يكون مجدياً إلا إلى حين، فالعامل الديمغرافي سيعود ليطل برأٍسه من جديد. ففي العام 2020 ستتضاءل نسبة اليهود في المناطق المحتلة 1948 من 81% إلى 64% فقط، وسيصبح عدد السكان الفلسطينيين في غزة والضفة الفلسطينية خمسة ملايين ونصف المليون، وهذا سيعني تحول اليهود إلى أقلية على أرض فلسطين التاريخية، مع ملاحظة أن الأرقام الواردة مسقط منها عدد اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات، الذي يقدر بخمسة ملايين لاجئ، لذلك لا تستطيع "إسرائيل" أن تراهن على عامل الوقت الذي يعمل في غير صالحها، ومن المفيد هنا أن نستمع إلى ما يقوله إيهود باراك رئيس الوزراء السابق: "شارون جيد على المستوى التكتيكي وفي حال مكافحة الإرهاب يحاربه بحزم، لكن أين الاستراتيجية السياسية المطلوبة على المستوى الأبعد "دعوا الجيش ينتصر" التصريحات التي لا يوجد لها رصيد والثرثرة النهائية. هناك حاجة للاستراتيجية الشاملة للصراع، وفهم سياسي واسع، الفراغ السياسي سيجلب لنا ما هو أسوأ "لإسرائيل" الخطة السعودية والدولة الفلسطينية المؤقتة، إن عدم إكمال الجدار العازل إخفاق مركزي، الانفصال من طرف واحد مواز لاستكمال بناء الجدار العازل، بما في ذلك ضم التجمعات الاستيطانية الأساسية" مقالة منشورة في يديعوت أحرنوت 29/8/2003، ولم ينسَ باراك أن يوضح بأن على "إسرائيل" أن نقوم بأوسع حملة عالمية كي لا تظهر وكأنها من خلال بناء الجدران العازلة تفرض الحدود من جانب واحد لكن الذي لم يقله، كيف يكون هذا ؟!!
 يرى معظم ساسة "إسرائيل" ومن ضمنهم باراك بأنه آن الأوان لشارون أن يقلع عن سياسة التسويف التي يتبعها، لأنها إذا ما استمرت ستحل شعار الدولة ثنائية القومية بديلاً عن شعاري الدولتين لشعبين، دولة ديمقراطية وعلمانية، ويسوقون على ذلك مثال جنوب أفريقيا وما آلت إليه الأمور، حيث هزم تنفيذ صوت واحد لكل مواطن حكومة الفصل العنصري، وجاء بحكم مانديلا . شارون يصر على أن التصفيات والمجازر بحق الشعب الفلسطيني هي التي جلبت الهدنة، واستمرار عرض العضلات "الإسرائيلي" هو الذي سيضمن تجديدها، لكن المحللين الاستراتيجيين الإسرائيليين يتساءلون حتى لو كان هذا حقيقة ماذا سيفيد بالمنظور الاستراتيجي. يجب الفصل مع الفلسطينيين دون إبطاء وإلا فإن الصورة ستتغير وستجد "إسرائيل" نفسها في خضم خارطة مختلفة ستقضي عليها في المدى الزمني البعيد: دولة يهودية في الغرب، ودولة فلسطينية في الشرق، مما سيشكل هزيمة سياسية شاملة "لإسرائيل"، عطاء دون مقابل، في حين أن ميزان القوى الحالي خاصة بعد احتلال العراق يمكن من تسوية ضمن الشروط والمواصفات الإسرائيلية، تقوم على أساس ضم مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية بما فيها القدس، وشطب حق العودة، وعلاقات طبيعية مع الدول العربية. وهذا يحققه فقط الفصل من جانب واحد دون انتظار، وإلا فإن الخطة البديلة ستكون بإعادة احتلال الضفة الفلسطينية والقطاع، وتفكيك السلطة، وإجراء انتخابات بإشراف دولي، قد تكون نتائجها أكثر كارثية "لإسرائيل" فقد توصل قوى المعارضة الفلسطينية للحكم، وفي هذا مغامرة كبرى وتحمل محاذير عدة أبرزها:
ـ لا يجوز التورط في احتلال غزة والضفة الفلسطينية، فهذا مستنقع سيغرق الجيش الإسرائيلي.
ـ الإفراط في استعمال القوة سيعطي مفعولاً عكسياً، وسيشوه وجه "إسرائيل" أمام العالم.
ـ لا يمكن "لإسرائيل" تحمل تبعيات الاقتصاد الفلسطيني المنهار، وسيكون عليها العودة لتنظيم حياة أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني، وسيضطر الضباط "الإسرائيليون" إلى ممارسة مهمات إدارية مدنية.
ـ الوضع الناشئ سيزيد من حدة الضغوط على الاقتصاد "الإسرائيلي" الذي يعاني من ركودها بسبب آثار الانتفاضة، وما سيعنيه ذلك من تراجع في الأداء الاقتصادي وانعكاس ذلك اجتماعياً بسبب ارتفاع موازنة الجيش على حساب موازنة الخدمات الاجتماعية.
ـ لا يمكن "لإسرائيل" ضبط الأمور دون تعاون فلسطيني، لذلك فإن مغامرة تدمير بنى السلطة يجب أن تكون محسوبة.
ـ عودة العلاقات العربية ـ الإسرائيلية إلى درجة الصفر بعد أن استطاعت "إسرائيل" قطع مرحلة كبيرة في بنائها (علاقات كاملة مع مصر والأردن، ومكاتب اتصال سياسية وتجاربه مع العديد من الدول العربية).

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسام زملط لشبكتنا عن هجوم رفح: نتنياهو تعلّم أن بإمكانه تجاو


.. من غزة إلى رفح إلى دير البلح.. نازحون ينصبون خيامهم الممزقة




.. -الحمدلله عالسلامة-.. مواساة لمراسل الجزيرة أنس الشريف بعد ق


.. حرب غزة.. استقالة المسؤول عن رسم الشؤون الاستراتيجية في مجلس




.. دكتور كويتي يحكي عن منشورات للاحتلال يهدد عبرها بتوسيع العدو