الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس النواب العراق .. وأزمة الفساد

حسن طبرة

2007 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يقع على عاتق السلطة التشريعية في العراق والمتمثلة بمجلس النواب مهام كبيرة تتلخص في جانبين رئيسيين هما الجانب التشريعي الذي يتمثل بسن وإقرار القوانين والتشريعات والجانب الرقابي الذي يتمثل بالرقابة على أداء جميع مؤسسات الدولة بإعتبارها اعلى سلطة في البلد حيث يستمد مجلس النواب سلطته من الشعب مباشرة عن طريق الإنتخاب ، فيعتبر النواب الـ 275 المنتخبين هم من يمثل سلطة الشعب ، وبالتالي ينبغي عليهم القيام بأعباء هذا الدور المهم والخطير بأفضل مايكون ويجب عليهم تفضيل مصالح الشعب بجميع فئاته وأعراقه على مصالحهم الشخصية والترفع عن المصالح الحزبية والجهوية الضيقة لتكون أهدافهم ومشاريعهم وكذا برامجهم السياسية وطنية بإمتياز .
لمجلس النواب أدوات عديدة لمكافحة الفساد الإداري والمالي سواء داخل المجلس أم خارجه والتي تتمثل بالسلطات التي منحها له الدستور العراقي في المادة (16) والتي تتضمنت إختصاصات مجلس النواب ، وقد ذكرت هذه الإختصاصات بشيء من التفصيل في النظام الداخلي للمجلس ، وتتراوح مابين السؤآل (المادة50-54) والإستيضاح (المادة55) والإستجواب (المادة 56) والمساءلة (المادة57) والإقاله وسحب الثقة (فصل11) التي توجه لأي مسؤول في الدولة ، وكذلك إمكانية أستلام شكاوي المواطنين عن طريق لجنة الشكاوي وحرية الحصول على المعلومات في حال تشكيل اللجان التحقيقة ، فضلاً عن إمكانية مراقبة ومتابعة اداء الحكومة وأجهزة الدولة من خلال اللجان الدائمة المختصة في المجلس حيث تم تشكيل (24) لجنة موزعة على إختصاصات متنوعة كل لجنة تكون مسؤولة أمام رئيس مجلس النواب عن متابعة ومراقبة الوزرات والمؤسسات التي تقع على عاتقها ورفع التقارير الدورية له ومن أبرز هذه اللجان التي تختص بموضوع الفساد الإداري والمالي هي لجنة النزاهة (المادة92) المسؤولة عن متابعة قضايا الفساد الإداري والمالي في مختلف أجهزة الدولة ومتابعة ومراقبة عمل هيئآت ومؤسسات مكافحة الفساد (هيئة النزاهة ، ديوان الرقابة المالية ، دائرة المفتش العام ) إضافة إلى إقترح مشروعات القوانين القوانين المتعلقة بالنزاهة.
ويضاف إلى ماسبق سن وإقرار التشريعات والقوانين والمصادقة على ميزانية الدولة والإتفاقيات والمعاهدات الدولية والضرائب وغيرها مما يعزز سيطرة البرلمان على هذه الجوانب الواسعة ، ولكن السؤآل الأهم يكمن هنا .. هل أحسن البرلمان إستخدام هذه الوسائل والسلطات الواسعة التي خولت له بالطرق السليمة ؟ وهل يحمل النواب الـ275 النية والرغبة الصادقة في مكافحة الفساد الإداري والمالي ذلك السرطان الذي لم يتغلل في المؤسسات الحكومية فحسب بل طال حتى بعض نواب الشعب في البرلمان العراقي ؟!! ، لماذا لايبدأ البرلمان بمكافحة الفساد والمفسدين في البرلمان والذين ينهبون أموال الشعب بإسم الشعب بالطرق المشروعة وغير المشروعة .
هنالك مظاهر عديدة في مجلس النواب العراقي تمثل حالات فساد مالي وإداري والتي أنتقدت من قبل الجماهير عن طريق المظاهرات والإستنكارات التي تصل إلى جميع المسؤلين في الدولة عبر وسائل الإعلام المتعددة ، ومن هذه المظاهر :
أولا: عدم إستخدام المجلس لسطاته وإمكانياته في مكافحة الفاسدين والمفسدين في مجلس النواب وعدم ملاحقتهم وقد يكون ذلك لإعتبارات وتوافقات سياسية ، حيث تم فضح عدد من نواب المجلس الذين أتهموا بسرقة أموال كبيرة أكثر من مرة والتي يتم من خلالها دعم العمليات الإرهابية الموجهة ضد الإبرياء .
ثانياً : يستلم نواب المجلس رواتب ضخمة جداً والتي قد تعادل راتب رئيس الوزراء إضافة إلى المخصصات المالية التي تصرف للحمايات والإيفادات وغيرها مما أثقل ميزانية الدولة ، في حين لايزال الموظف البسيط في دوائر الدولة يعاني من قلة الرواتب التي باتت لاتسد حاجة العائلة العراقية من النفط والغاز وكهرباء السحب .
ثالثاً : الغيابات المتكررة والطويلة للنواب الذين فروا إلى البلدان الأجنبية والعربية تاركين المجلس يعاني من أزمة عدم إكتمال النصاب و بالتالي عرقلة الكثير من القوانين والتشريعات التي تنتظر الإقرار والتي غالباً مايكون المجتمع بأمس الحاجة إليها .
رابعاً : السعي الجاد والحثيث من قبل الكتل والتجمعات النيابية لتحقيق المصالح الشخصية والحزبية والفئوية والجهوية وتفضيلها على مصالح المواطن العراقي بصورة عامة ، وهذا ما إنعكس على المؤسسات التنفذية التي تعاني من نظام المحاصصة الذي سعت إليه أغلب الكتل والأحزاب السياسية في البرلمان والذي بات يشل من عمل الحكومة ويضع امامها القيود والعراقيل .
خامساً : خوض الكتل والتيارات السياسية في النزاعات والجدالات العقيمة التي انعكست بصورة سلبية على المجتمع ونكأت جروحه وعمقت الخلافات والنزاعات الطائفية بين افراده ، إضافة إلى قيام بعض النواب ورؤساء الكتل بإطلاق التصريحات النارية التي تصب الزيت على النار وتدخل فئآت المجتمع في حروب خاسرة يكون وقودها وضحيتها الشعب العراقي .
سادساً : الإهتمام بالقضايا والأمور غير الضرورية وترك القضايا المهمة التي تتوقف عليها مصائر الكثير من أبناء البلد ، وإعطاء القوانين والمشاريع التي تصب في خدمة أعضاء المجلس الوقت الكبير والجلسات العديدة في سبيل إقرارها كقضية الرواتب والمخصصات والتقاعد الخاصة بهم ، وإهمال القضايا المشابهة التي تخص موظفي دوائر الدولة .
لماذا لايعير أعضاء المجلس الأهتمام اللازم لإصلاح هذه المظاهر والإلتفات إلى مصلحة الشعب الذي إنتخبهم وأوصلهم إلى ماهم عليه الآن من الترف والإثراء على حساب المال العام مستخدمين بذلك الشعارات الرنانة والإعلانات الباهضة التي غرر بها المواطن العراقي .
يبدو إن بروز هذه المظاهر في البرلمان العراقي والتي شلت عملة ومنعته من تنفيذ دوره الهام بشكل جدي وفعال يعود إلى الطريقة الخاطئة التي تم على أساسها إنتخاب الأحزاب الكيانات السياسية والتي منها :
1. تم الإعتماد في عملية الإنتخابات على نظام القوائم المغلقة والتي غالباً ماتدخل للبرلمان الكثير من الشخصيات المشبوهه وغير المعروفة من قبل الناخب العراقي .
2. لم تشكل القوائم والكتل الإنتخابية على أساس البرامج السياسية الوطنية بل كانت من الواضح إن التجمعات والتكتلات كانت على أساس قومي أو ديني أو مذهبي وهذا ماعمق النزعات القومية والطائفية الضيقة مما دعى إلى إعتماد نظام المحاصصة في إقتسام مؤسسات الدولة كانها غنيمة ورثوها من النظام السابق كنتيجة لنضالاتهم وعشرات السنين التي قضوها في بلاد الغربة .
3. إستخدمت العديد من الكتل والحزاب السياسية في الإعلانات التي سبقت عملية الإقتراع الشعارات والرموز الدينية والقومية والفئوية سبيلا لكسب الدعم الشعبي وليس عن طريق البرامج السياسية والخدمية التي تهدف إلى خدمة المواطن بغض النظر عن إنتماءه وولاءه الشخصي والمناطقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية احتجاز مغاربة في تايلاندا وتشغيلهم من دون مقابل تصل إلى


.. معاناة نازحة مع عائلتها في مخيمات رفح




.. هل يستطيع نتنياهو تجاهل الضغوط الداخلية الداعية لإتمام صفقة


.. بعد 7 أشهر من الحرب.. تساؤلات إسرائيلية عن جدوى القتال في غز




.. لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية منزل صحفي بخان يونس جنوبي