الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحديات المالكي وفرصته التاريخية لتشكيل حكومة جديدة قائمة على التقنقراط

علي جاسم

2007 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


التحديات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اخذت تزداد وتيرتها يوماً بعد يوم بشكل اخذ يشعرالجميع ازائه بالقلق والخوف من اقتراب الحكومة في السقوط بالهاوية.
وعندما نقول المالكي ولم نقل الحكومة لاننا ندرك بان حكومته تشكلت على اساس توافقات وارضاءات سياسية وطائفية خلقتها الظروف الامنية والضغوطات الاميركية والاقليمية ولم يكن تشكليلها قائماً على اساس الاستحقاق الانتخابي التي افرزته نتائج الانتخابات ،كون الوضع في العراق يمر بضروف استثائية ساهمت في تأزيمه احزاب وحركات سياسية بعضها يقف خارج دائرة الحكومة والبعض الاخر ضمنها ولان المرحلة الراهنة تحتاج الى مشاركة فعلية من الجميع لبناء الوطن مما جعل مسالة تمرير حكومة الارضاءات والتوفق امراً سهلاً على جميع الاطرف وخصوصاً الذين يتصيدون بالماء العكرة ويدعون انهم يمثلون شريحة واسعة من العراقيين وان العراق لن يستقر بدونهم وحصلوا بذلك على عدة امتيازات حكومية اثبتت التجارب العملية بانهم غير جديرين بالحصول عليها.
اما الحاصلون على اغلبية المقاعد في مجلس النواب فهم وجدوا في دخول هؤلاء الى الحكومة فرصة متأتية لتشكيل حكومة وحدة وطنية لاتواجهها العراقيل والصعوبات اضافة الى انها تطمأن المنطقة والعالم القلق من استحواذ هذه الفئة على دفة الحكم .
وهذه الهيكلية التي تشكلت على اساسها العملية السياسة برمتها ادت الى اضعاف المالكي ووضع العصي في عجلت حكومته من خلال اختيار وزراء مفروضين عليه لم يتم اختيارهم على اساس الكفاءة والخبرة وانما تم ترشيحهم وفق اتفاقات
سياسية وطائفية مهدت الى تبوء الكثير من الاشخاص التابعين للكتل السياسية في مناصب لاتتناسب ومستوى حجمهم وثقلهم السياسي ولايكاد يتعدى المستوى العلمي والاكاديمي والمعرفي لبعضهم لتولي منصب مدير اورئيس قسم في احدى وزارات الدولة وليس لمنصب وزير في حكومة تعتبر الضروف المحيطة بها الاخطر تاريخياً اذا ماقورنت بالحكومات السابقة .
اضافة الى ان هذا المنصب يتطلب من متوليه قدرة عالية واستعداد كامل للانسلاخ عن مرجعيته السياسية والثقافية والدينية اثناء ممارسة مهامه كوزير ولايكون ولاءه الا للوطن وحده وهذا لايعني بالضرورة تجريده عن تحركاته السياسية او التزاماته اتجاه قائمته الانتخابية على ان يكون ذلك خارج اطار عمل الحكومة .
وهذا مالم يتحقق في وزراء حكومة الوحدة الوطنية بل حدث العكس من ذلك لان اغلب الوزراء مازالوا يخضعون لرؤساء كتلهم السياسية اكثر من خضوعهم للنظام الداخلي لمجلس الوزراء ولاينصاعون لاوامر رئيس الوزراء بقدر انصياعهم لاحزابهم وحركاتهم السياسية .
وكل تلك الامور وغيرها تعد من اهم التحديات التي تواجه المالكي وتقوض عمله كرئيساً للوزراء مما عرقل عمل الحكومة ووضعها موضع الضعف وعدم القدرة على تحقيق الامن والخدمات للمواطن الذي ينتظر المزيد من حكومته المنتخبة.
ولكي تتم عملية عرقلة الحكومة وافشالها بشكل منسق ومدروس يجعل رئيس الوزراء المسؤول الوحيد امام انظار العالم عن عجزالحكومة ينبغي وجود اطراف تكميلية اخرى تساهم في دعم الجهود المبذولة من قبل الوزراء لافشال الحكومة واول هذه الاطراف هم اعضاء مجلس النواب المنتمين لنفس الكتل السياسية التي ينتمي لها الوزراء والذين يعمدون بشكل مقصود الى افتعال المشاكل اليومية والاعتراض على اي قرار يصدر من مجلس الوزراء اومن مجلس النواب من خلال سعيهم الدؤوب على التشكيك بنوايا ومصداقية الحكومة .
والمدهش في ذلك ان قسم كبير من هؤلاء النواب يطلقون خطاباتهم التحريضية وبشكل يومي من فنادق الدرجة الاولى في دول الجوار التي تحولت الى مساكن
لهم وبدعم مباشر من حكومات تلك الدول ليخرجون بشكل دوري ومنظم الى القنوات الفضائية ويتهجمون على حكومة الوحدة الوطنية ويدعون انها حكومة
طائفية لم تحقق شيء للعراقين الى درجة انهم يهددون احياناً باستخدام السلاح ضدها اذا لم تستجيب لمطالبهم وبالوقت نفسه يثنون على الاعمال الاجرامية التي تقوم بها العصابات الارهابية التي يسمونها "مقاومة " من قتل وسلب وتهجير وعماليات تفجيرية يسقط ازائها مئات الشهداء من الابرياء يومياً ويسمونها اعمال بطولية، وهذا النفاق السياسي يمثل اخطر تحدي يواجه المالكي لانه صادر من اشخاص محسوبين على العملية السياسية ولهم وزراء في حكومته لذلك يكون لكلامهم وتحريضاتهم صدى لدى الدول العربية .
اماالطرف الاخر الساعي لافشال الحكومة يكمن في الكتل السياسية نفسها التي غالباً ما تلجأ الى اسلوب التهديد بالانسحاب وتعليق العضوية من الحكومة او مجلس النواب على اي مسالة لاتتماشى ومصالحهم الفئوية الضيقة، ولوتتبعنا عدد المرات التي هددت بها الكتل السياسية بالانسحاب لوجدناها اكثر من متابعتهم اليومية للقضايا التي تخدم المصلحة العراقية المشتركة .
وهناك اطراف اخرى تسعى الى افشال التجربة الديمقراطية في العراق تشكل تحدياً اخرامام المالكي يتمثل بالصراعات الدولية والاقليمية التي وجدت في الساحة العراقية مكاناً مناسباً لتصفية حساباتها من خلال تنفيذ اجندات مشبوهة لعبت دور كبير في نشر استراتيجية الرعب وسط المجتمع العراقي عن طريق فتح خزاناتها وابوابها امام المنظمات الارهابية للجهاد في العراق بل ان بعض دول المنطقة وضعت ميزانية خاصة لدعم المقاومة في العراق فضلاً عن دعم بعض الشخصيات السياسية المشبوهة بتورطها بالارها ب من خلال النفس الطائفي الواضح في خطابهم السياسي .
وكل تلك التحديات وغيرها وضعت المالكي امام طريق مسدود خصوصاً بعد تهديد جبهة التوافق بالانسحاب من الحكومة على خلفية اصدار امراً قضائياً باعتقال وزير الثقافة المتواري عن الانظارالمتهم بقتل نجلا النائب مثال الالوسي،فبدلاً من تعليق الوزراء عضويتهم من الحكومة كان الاجدر بهم متابعة هذه القضية وجلب وزيرهم الهارب الى القضاء مادام هو بريء بدلاً من اللجوء الى هذا الاسلوب الابتزازي للحكومة بدعوا انها تسعى الى تهميش السنة فلو كانت الحكومة تريد ان تهمش السنة لما اعطتهم الكتلة الحاصلة على اغلبية في البرلمان مناصب حساسة في الدولة مثل رئاسة مجلس النواب ومنصب نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس ديوان الرئاسة فضلاً عن عدد من الوزارات الحيوية الاخرى.
الى جانب ذلك ثمة مسألة مهمة تتعلق بالدستور كون قراراعتقال الوزير جاء بامر قضائي والدستور العراقي اشارالى ان القضاء مستقل ولا سلطة فوق القضاء فكيف للمالكي ان يغير هذا الامر وهو لايملك سلطة اعلى من القضاء؟
ان طلب المالكي من وزراء جبهة التوافق بالعدول عن قرارهم والعودة الى ممارسة مهامهم كوزراء يضيف تحداً اخر امام حكومته لانه يكون بذلك قد منحهم شرعية تعليق العضويته وكذلك يمنح قادة كتلهم السايسة قوة وسلطة تفوق سلطة المالكي نفسها وهذا الكلام لاينطبق على جبهة التوافق وحدها على الاحزاب والحركات السياسية التي غالباً ماتلجأ الى مسالة الانسحاب وتعليق العضوية كوسيلة ضغط على الحكومة .
ينبغي على المالكي ان يتخذ قراراً تاريخياً وشجاعاً يفتح امامه الطريق من جديد ويمهد لحل المعضلة الامنية في العراق ويحقق الوحدة الوطنية الحقيقة وليس الصورية من خلال استبعاد كافة الوزراء من الذين اثبتوا انهم لم ينسلخوا من مرجعياتهم السياسية خلال اداء مهامهم كوزراء ولتكن هذه الفرصة بداية لتشكيل حكومة جديدة يكون خلالها رئيس الوزراء الشخص الوحيد المخول في اختيار اعضائها دون اي تحفظات اذا مااريد للعراق الخروج من عنق الزجاجة.
لان التجربة والممارسة اثبتت فشل حكومة الارضاءات والتوافقات السياسية لانها لم تقدم خدمة للعراق بقدر مااضرت به ومهدت الطريق امام كتل سياسية تسعى لافشال التجرب في العراق وتمني النفس في اعادة الية الحكم في العراق الى سابق عهدها وحتى لوكان ذلك على حساب التجربة الديمقراطية للشعب العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية