الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسابقة : قصة قصيرة

صبيحة شبر

2007 / 7 / 5
الادب والفن



لم انته من وضع الأطباق على المائدة ، وما ان بدأ بالتهام ما في صحنه ، حتى أغار على ما في طبقي الصغيرين التوأم وكأنه في حلقة سباق ، يريد ان يكون هو الاول في القدرة على الالتهام.
حاولت مرارا ان ابين له ان ما يفعله بعيد عن الصواب ، وانه الكبير ، يمتلك قدرة اقوى من اطفال صغار ، لم يتعدوا بعد السنة الرابعة من عمرهم
يترك الصغار الصحنين جانبا وينظران باعجاب الى كف كبيرة ، تمتد الى مافي صحنيهم ، من أطعمة اجتهدت انا في وضعها ، لارغبهم في تناول وجبة كاملة ، وتمضني المحاولة ، وتنزف مني وقتا وجهدا ، وحين اصل الى مبتغاي ، وامني نفسي بالوصول الى الهدف ، حتى اجد تلك الكف السميكة ، الكبيرة ، والمتسارعة تجول وتصول.
افكر أحيانا أن اطعم الصغيرين ، قبل ان يعود ، ولكن حرصي على التئام شمل العائلة ، وان يتعود الصغيران على الجو الاسري الدافيء ، تمنعني من القيام بما قررت ، واستقر عليه رأيي ،
- الصغار لايملكون قدرتك.
ومن تكرر هذا العمل ، اخشى ان يصاب قمراي العزيزان بفقر الدم او سوء التغذية ، وتذهب جهودي المتكررة في الحفاظ على صحتهما ، عملا بوصية امهما العزيزة ، ولانهما أصبحا المخلوقين الاثيرين على قلبي ، بعد ان صحبتهما طيلة ثلاث سنوات ونصف السنة ، وانا أعني بهما ، انظف لهما الجسم الصغير ، والثياب اللطيفة ، وأسهر على راحتهما ، فهما ما بقيا لدي من تعب الدنيا وسهر السنين.
لم اعد افهم ما يقوم به من اعمال ، وما يتفوه به من اقوال ، أجدها غريبة ، لم اعهد مثلها لدى اناس اخرين ، وقد جربت الدنيا وذقت الحلو والمر.
احضر ما يشتهي من طعام ، فرغم ما يسببه لي من ضنك وعسر ، فهو انسان هاديء ، لايتحدث بالكلام النابي او المثير للغضب ، كل ما يطلبه ان يكون الطعام جاهزا ، وان اقوم بتهيئة الاعمال كلها ، واوفر للمنزل احتياجاته دون ان اطلب منه شيئا ، وان أدعه دائما وشأنه.
- لااملك مالا.
كان الحال علي عسيرا في بداية مجيئي الى هنا ، توفي زوجي الحبيب ، وتركني ملتاعة ، كالنخلة العاقر ، ابحث عن ثمرة ، تعيد الى الحياة حلاوتها ، وتجعل العمر بهيا كالورود ، كان زوجي رجلا كاملا بحق ، لم يدعني اعاني من شيء ، الحب والعشرة والدفء والفهم والاخلاص ، لم ينظر الى غيري ، ولم يجد امرأة سواي ، كنت ملء سمعه وبصره
كنت اظن ان الخلل به ، ولكن الطبيب أكد لي
- لاقدرة لديك سيدتي
أكبرت رغبته في اسعادي مع انني السبب في حرمانه.
اردت اشباع حاجتي ان اكون شجرة وارفة ،÷ لاعشبة يتيمة بائسة ، وان يستظل بها شجيراتها الصغيرات الجميلات.
اترك طعامي محاولة ان اطعم الصغيرين العزيزين
- دعيهما ، ليعتمدا على نفسيهما
هما لايطلبان شيئا ، يصمتان ، ولا يذكران الطعام الا بعد ان يرياني اهيئه لهما ، واناديهما كي يحضران
قمران جميلان ، وجدت راحتي قربهما ، استظل بدفئهما.
وهو مخلوق غامض ، لم استطع ان افهمه ، يحبه الطفلان بحرارة
ويقدمان على الترحيب به حين يعود من العمل ، رغم انه يانفسهما في كل شيء ، وهما لايحتجان.
كانت صديقتي مجاهدة كاملة ، كيف تحملت هذا الرجل ؟ لامال ، لاكلمة دفء واحدة ، لامشاركة في أعباء المنزل ، ويلتهم طعام الاخرين
حاولت الهروب اكثر من مرة ، ولكن صغيري الحبيبين ما ان يسمعاني كلمة تبعث الق الحياة بفتنتها الطاغية ( ماما) حتى انسى ما قرر عقلي عدة مرات.
- لنعمل مسابقة ، من يكمل ما في طبقه ، يغير على الاطباق الاخرى
لم ينتظر ان نوافقه في اقتراحه الغريب هذا ، وأخذ ينفذه دون ان يبالي بالحاضرين.
انظر الى طفلي العزيزين ، اجدهما يقهقهان بسعادة ، وكأنهما قد شبعا وسدا جوعهما.
حاولت كثيرا ان اجعله يساعدني في المهام المالية ، فراتبي لايسد كل حاجات منزلنا الصغير ، افاجأ ان هدوءه الكبير يتحول الى صراخ
- لامال لدي ، تصرفي.
حبي للصغيرين يكبر وينمو ، اشعر بسعادة رغم متاعبي ويبلغ اغتباطي اوجه حين البي النداء
- ماما
ننظر اليه ثلاثتنا مبهورين مما يفعل ، يسارع بالهيمنة على صحني ، وامساكه بيديه الاثنتين
- أنت مشتركة معنا في اللعبة.
أرغب في اسماعه كلمة واحدة ، تبين له انه خاطيء في تصرفه
واننا يجب ان نكون جادين أحيانا. ولكن أحاديث صديقتي وهي تتحدث باعجاب عن زوجها تمسك لساني عن الانطلاق.
وما ان ينتهي من التهام محتويات الصحون كلها ، ونحن نكتفي بالنظر اليه ؛ حتى ينطلق احتجاجه:
- واين الطعام ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان بانكسي يفاجىء جمهور فرقة موسيقية بإلقاء قارب مطاطي عل


.. كاظم الساهر: الجمهور المصرى راق وحفلى كان بمثابة -عرس




.. العراق. أيام التراث الموصلي مهرجان لنشر تقاليد وثقافة الموصل


.. إليكم ما كشفته الممثلة برناديت حديب عن النسخة السابعة لمهرجا




.. المخرج عادل عوض يكشف فى حوار خاص أسرار والده الفنان محمد عوض