الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المربع الذهبي

حيدر عوض الله

2007 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تجتهد بعض أطراف الحركة الوطنية هذه الأيام في البحث عن المربع الذهبي الذي فقدته إثر الانقلاب الحمساوي في غزة. هذا المربع الذي أمن لها فيما سبق مساحة كافية للمناورة واللعب في المساحة الوسط بين قطبي الصراع، وأعفاها بهذا القدر أو ذاك من حسم اصطفافها الاستراتيجي بسبب ما وفرته مرحلة التحرر الوطني من مرونة وصلت إلى حد الميوعة في وضعنا الفلسطيني، وكرد فعل على سلوك حركة فتح في السلطة وأدائها التحالفي.
لقد جرى خلط بين أسس التحالف الاستراتيجي ومقوماته وقواعده، وبين الاختلاف والصراع في إطار هذا التحالف. واندفعت بعض أطراف الحركة الوطنية إلى الانشداد بالمطلق صوب الاختلافات المرحلية، بطريقة شوّهت فيه، وأضاعت أساس التحالف الاستراتيجي، محرك الاصطفافات وضابط إيقاعها، خاصة فيما يتعلق بالبرنامج السياسي وطبيعة الدولة المنشودة. هذا السلوك السياسي الذي تحول للأسف إلى سمة لدى مكونات الحركة الوطنية ذات الطابع العلماني، والتي تصر على تكرار تجربتها ، رغم عقم هذا السلوك ومخاطره المباشرة على برنامجها السياسي والاجتماعي بالذات.
مناسبة هذا الحديث محاولة التمييز بين لاشرعية الانقلاب و"شرعية" حركة حماس كقوة سياسية، بين الحكومة المقالة والحركة التي شكلتها. هذه المخاتلة على براعة حبكتها اللغوية لاتفعل في الجوهر سوى التعايش مع الوضع الشاذ الناشئ، وهضم نتائجه، وهي حين تفعل ذلك تستمر في تثبيت مقصلتها الوجودية، من خلال المساهمة في تعزيز نتائج انقلاب خصمها السياسي والاجتماعي. فالانقلاب الذي قادته حركة حماس هو، دون تلعثم، انقلاب على النظام السياسي وآلياته الديمقراطية والشرعية، وتصفية مباشرة لإرث وتراث الحركة الوطنية برمتها، ولا يجوز والحال كذلك أن تتعامى الحركة الوطنية من جديد عن معطيات الواقع الجديد، وما يتطلبه من شجاعة سياسية في التصدي لحركة حماس كحركة خارجة بقوة الانقلاب عن الشرعية السياسية والدستورية للنظام السياسي الفلسطيني.
لقد ثبت بالملموس أن التنظير الأيديولوجي عن مخاطر سلوك حماس على الحركة الوطنية وبرنامجها السياسي والاجتماعي لم يجد تعبيراته السياسية العملية، ليس هذا فحسب، بل سمح لحماس أن تتمدد في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية دون مقاومة من قبل الحركة السياسية والمجتمع المدني، وليس هناك حاجة لسرد عشرات الوقائع التي راكمتها حماس منذ تأسيسها حتى اليوم، والتي هدفت وبشكل معلن وتراكمي إلى تصفية الحركة الوطنية وأطرها السياسية والاجتماعية، لصالح قيام نموذجها الديني، والذي يسبق فيه الديني التحرري، بسبب عدائها العقائدي لمفهوم الدولة الوطنية.
إن التحول الدراماتيكي الذي جرى على عقيدة حماس "الجهادية" – أي الانتقال من الدعوة الدينية ومحاربة الديمقراطية والعلمانية الوطنية وتكفيرهما إلى الانخراط في الصراع الوطني مع الاحتلال- مرده استحالة تطور نفوذ وشعبية هذه الحركة من دون المساهمة في النضال الوطني ضمن أدواتها وفلسفتها التي كانت في معظم الأوقات تتصادم مع الخط الرئيس للحركة الوطنية الفلسطينية.
إن معادلة الصراع والوحدة داخل الحركة الوطنية يجب أن تقف مجدداً على قدميها من خلال الموازنة الدقيقة بين ما هو استراتيجي وما هو مرحلي، وعلى هذا الأساس تصاغ معادلة اصطراع القوى الجديد. فالصراع الطبيعي للحركة الوطنية مع السلطة وحركة فتح على نموذج إدارة الصراع الوطني مع الاحتلال من جهة، والإدارة الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية للمجتمع الفلسطيني، من جهة أخرى، يجب ألا يغّيب عنا التحالف ذا الطبيعة المستقبلية معهما. هذا هو فقط المربع الذهبي الذي يستثمر في المستقبل، ويمكّن البرنامج الوطني من الانتصار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معالي الشيخ خالد بن عبدالله يفتتح فندق كونراد مرفأ البحرين ا


.. وسط الأمطار هواة الدراجات النارية يستمتعون بالأجواء




.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •