الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ذاكرة مفصول سياسي

كريم عبد مطلك

2007 / 7 / 5
حقوق الانسان


لكي لا تمحى من الذاكرة ولكي تكون معاناة الالاف من المفصولين السياسين شهادة اثبات على ظلم الظالمين جعلت نفسي فاتحة كتاب يوثق ايام العذاب ، بهذه الكلمات بدأ ثائر عبد نفل حديثه ليستمر ساردا حكايته : كان يوم 21/2/1988 يوما عاصفا في كل شيء خرجت كعادتي الى دائرتي وسط جو ممطر شديد البرودة والرياح تكاد تسقطني ارضا لشدتها حالما بكتاب شكر او مكافئة يقدمها لي المدير العام فقد وعدني ومجموعة من زملائي بذلك لاخلاصنا في العمل ، وما ان دخلت دائرتي حتى جاء من يخبرني بصوت آمر خشن – كان احد افراد امن الدائرة – قائلا : ضابط الامن يستدعيك لمكتبه ، هناك بعض الاستفسارات ، قرأت المعوذتين واسلمت امري الى الله ودخلت الى مكتب الضابط فاخذ يلقي اسئلته ، من هو عودة نفل ؟ اجبته انه عمي ، قال لماذا لم تبلغنا باعدامه ؟ قلت له : انت ابلغتني الان بذلك وكل ما اعرفه انه وخمسة من ابناءه محجوزين لدى الامن بسبب هروب ابنه الاخر خارج العراق ، فصرخ في وجهي لقد اعدموا منذ سبع سنوات وتقول محجوزين ! ثم اردف : خونه ، عملاء ، خذ كتاب فصلك من الوظيفة ، فسالته اذا كنتم قد اعدمتموهم فما ذنبي انا ؟، فكرر صراخه في وجهي قائلا : القانون هو القانون ، اذهب واعمل براءة ذمة ، فاخذت الكتاب الذي الغى ستة عشر سنة من عمري قضيتها على مقاعد الدراسة بتفوق وعشر سنوات في الوظيفة وانا اردد في نفسي "ومن اين لكم ذمة وقانونكم يقطع الاعناق والارزاق دون جريمة ؟ ! " ثم عدت الى البيت خالي الوفاض بعد ان طويت شهادتي الجامعية ووضعتها في خزانة الملابس ورحت اجمع قواي لكي اجد عملا اقوت به نفسي وعائلتي ، فتوكلت على الله وجلست على الرصيف ابيع السكائر يوما والقرطاسية يوما اخر واذهب الى ( مصطر ) عمال البناء احيانا اخرى ، ويواصل ثائر حديثه: لم يؤلمني كل هذا بقدر ما آلمني ابتعاد الكثيرين عني وتعامل الاخرين معي بحذر واضح والهمس الذي كان يدور كلما مررت بمجموعة من الناس وهم يشيرون الي : " فصلوه من الوظيفة لكونه ضد الحزب والثورة " ، فاتمتم قائلا والحديث لا زال لثائر : رباه هل ارتكبت جريمة مخلة بالشرف ؟! ام هل اصبت بمرض معدي ؟ لكي يبتعد عني من كان يود التقرب لي ومن كان مني قريب ، خمسة عشر عاما عشت فيها صراعا نفسيا مريرا حيث الفاقة والحرمان وعقوق البعض واستدعاءات الامن المتكررة حتى جاء مساء يوم 29/9/2003 حينما عدت الى البيت ليتلقاني ولدي البكر علي قائلا : اعطني البشارة ، قلت ابشر ، قال لقد صدر اليوم قرارا باعادة المفصولين لاسباب سياسية الى وظائفهم ، قلت له : بشراك انت واخوتك يابني فلقد رد لكم هذا القرار اعتباركم وحفظ كرامتكم التي اهانها الجبناء بقوانينهم الجائرة فلسنا بالخونة ولا بالعملاء ولم نبع الوطن مثلما باعوه ، ثم ركضت رغم تجاوزي سن الاربعين الى شهادتي الجامعية لانفض عنها التراب واعيدها الى اطارها الذهبي لكن الفأر ابى الاّ ان يضع عليها لمساته ليكون شاهدا على سفالة المجرمين ، وبعد ان اكمل ثائر حديثه لي تساءلت هل انصف البرلمان والحكومة هؤلاء المجاهدين الحقيقيين؟ وهل عوضوهم عن تلك السنين العجاف ؟ وهل ....وهل .... وهل ؟ ، انها اسئلة تحتاج الى اجوبة بالفعل لا بالقول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية