الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا وخالتي و العقيد

هشام الصميعي

2007 / 7 / 6
كتابات ساخرة


وأنا مستلقي على ظهري أتابع إحدى القنوات العربية وعلى غير عادتي ، استفزتني خالتي أم حسين بعد أن ألقت بنرفزة فائقة سكينا كانت تقطع به البصل على الطاولة بسؤال : شو ها الحرايرهم الرؤساء العرب أصبحوا ساكنين في التلفزيون؟ كل ساعة يطلعوا لنا في البيت ، إحنا نقصنا نشوف صورهم إلي مطلية على جدران الإدارات ، و الشوارع ...و الحانات ، و هده الأخيرة من عندي والله أصل خلتي شريفة ، و لم يسبق لها أن دخلت حانة في حياتها قط .
في الحقيقة حيرتني خالتي بهدا السؤال الثوري للغاية وهي التي لم يسبق لها أن سمعت عن اللجان التورية ، و لم تدخل المدرسة قط ، و عاصرت في حياتها السياسية المديدة حاكمين متعاقبين الأب الحاكم المتوفى ، وابنه الحاكم المعاصر ، و لم يطلع لها هي المسكينة ولا لأبنائها العاطلين من الدنيا بعد وفاة رفيق الدرب مجرد معاش مفروم لا يكفي حتى لشراء كرفطة وزير ، و تتقاضاه على تلاتة أشهر بعد ساعات من المعانات تقضيها في الطابور أمام المصرف وتمنحه بالمقابل في رمشه عين لتأدية تمن الأدوية بالصيدلية. ولا أدري كيف استدرجتني خالتي لأقول لها : هدي خاطرك يا أم حسين تصدقي بالله أن كل ما يقوله الحكام العرب في التلفزيون لا يساوي بالنسبة للشعوب تلك البصلة التي تقشرينها. و الأكثر من هدا أن كلامهم في التلفزيون نؤدي عنه ضرائب في فواتير الكهرباء ، ومن غير تفصيل من إدارة الضرائب التي يجب عليها أن تفرد في الوصولات التي يدفعها المواطنين ومن باب النزاهة جدولا لهده المصاريف بأن تكتب في الوصل مثلا كلمة الرئيس بتمن كدا وكدا خطاب الذكرى الفلانية بكدا وكدا وفي هامش الوصل تكتب الإدارة تنبيه بالخط العريض لا يعدر أحد من أداء الفاتورة حتى وان لم يتفرج غلى خطاب الريس ،.ولو أن الكثير مما يقولونه في مناسبات عديدة مجرد هذيان و حشو لا ينفع حتى لتسلية المجانين فبالأحرى التنفيس عن شعوب موقوتة صحية و بدأت تفتح عينها.
هنا صاحت في خالتي أم الحسين غاضبة وهي تلوح بسكين الخضار: أو مال بنأدي ضرائب للتلفزيون ليش؟
هنا بالضبط وبعد هدا التطور الخطير في الحوار قلبت الموضوع بسرعة وبدأت أحدت خالتي المضطربة عن آخر تداعيات الملف النووي الإيراني ، وأزمة دار فور، وهي تتابع حديتي ولا تفهم مادا أقول ، ولا عن مادا أتحدت .لأنني وبيني وبينكم كنت مضطر لممارسة هدا التعتيم على خالتي فإن استمريت في الحديث معها أكتر عن موضوع الضرائب والتلفزيون في الوطن العربي ، من يدري فقد تخرج للشارع شاهرة في يدها سكين الخضار ولا أعرف مادا يمكن أن يقع بعدها ، وأتجر جر أنا على المحاكم بتهمة تحريض الخالة على العصيان المدني المسلح وقد أحاكم بقانون مكافحة الإرهاب بتهمة تكوين خلية أم الحسين.
تذكرت محاورات خالتي هده الأيام وأنا أاستمع بكل عواطفي الجياشة إلى خطاب القائد في التلفزيون ، بمناسبة الثورة والدي دعا فيه الشعب إلى الاستثمار في شركات النفط و كأن البلد الذي صار على الحديدة كله مليونيرات بعد أن أصبح العقيد يفهم في كل شيء من فك العمى إلى ثروة الأمم مع اعتذاري لجيمس آدم صاحب الكتاب.
كان على الرئيس أن يكون صريحا مع شعبه ونفسه وهو الملقب في أدغال أفريقيا ويا للحسرة بأمير المسلمين بأن يعلن للشعب أنه ينوي الخصخصة على طريقة التفويت المعروفة ، تحت شعار منكم و إليكم ، و تمرير شركات النفط لحراس الثورة الميمونة المليانة جيوبهم على غرار ما وقع لشركات القطاع العام بمصر بعد الراحل جمال عبد الناصر ، و ما وقع بالجزائر بعد اللبرلة العسكرية. بدل أن يصبح الزعيم مضرب مثل للنوادر في الاقتصاد السياسي كذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس