الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يستخفون بعقول الشعب الفلسطيني؟

عماد صلاح الدين

2007 / 7 / 6
القضية الفلسطينية


ذهبوا إلى السلام ولم يشاوروا الشعب الفلسطيني لا قبل الذهاب ولا بعده ، وتحمل الشعب استبدادهم ، اعترفوا بإسرائيل دون أن يكون لهذا الاعتراف من ثمن حقيقي يذهب بالشعب نحو الحد الأدنى من حقوقه ، وتحمل الشعب حماقتهم هذه ، تكفلوا عن الاحتلال بالقيام بالمهام الموكلة به أصلا، بالطبيعة والقانون الدولي ،حتى يزول ، وقال الشعب لا بأس ، إن كان يمكن للمستحيل أن يصبح ممكنا بإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة بناء على الوعود والأوهام ، نسقوا مع الاحتلال وأصبحوا يده الأمنية في قمع المجاهدين والمناضلين والأحرار ، وقال الشعب ربما هو ثمن مطلوب من اجل منع المبرر والحجة الأمريكية والإسرائيلية بادعاء عدم وجود طرف يريد تحقيق السلام ، لكن بعد أن تبددت الأوهام والأحلام الكاذبة بشأن إمكانية أن يؤتي الاستخذاء الذي يسمى تفاوضا ثمارا حقيقية في سلة حقوقنا الوطنية ، وبالتحديد بعد اتضاح الأمر في كامب ديفيد الثانية عام 2000 ، حينما بانت الصورة بان لا الأمريكان ولا الصهاينة يريدون تمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته المستقلة ، إلى أن انتهى المطاف بتصفية عرفات سياسيا وماديا لرفضه الدولة الكانتونية المسخ المعروضة بالمقاييس الأمريكية والإسرائيلية .

ولان أبو عمار أبدى هذا الموقف رغم خطيئة أوسلو ، وما جلبته من ضرب لمقاومة الشعب والعمل على فت عضد وحدته بالإضافة إلى دور أوسلو نفسه من تكريس مزيد من الاستيطان والاحتلال ومن ثم بناء الجدار القاضم للأراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967 ، فان الشعب الفلسطيني تجاوز عن كل ذلك ، ولم يملك من فرط إخلاصه لقيادته التاريخية ، إلا أن أعلن بصوت واحد موحد بان أبو عمار رحمه الله هو شهيد الشعب والقضية , إلى هنا انتهينا ، أما المأساة الكبرى بعد ذلك هو أن يأتي من يقول بان الفرص الكبيرة لازالت سانحة ومواتية من اجل اقامة الدولة بالاستناد إلى وهم التفاوض والسلام والتأميل على وعود شارون واولمرت والسيد بوش ، برغم كل المآسي والمصائب التي جاءت على مركب أوسلو المتهالك من يومه ، إلا أن السيد محمود عباس لم يترك مناسبة ولا حادثة ولا مؤتمر إلا ويعلن بان السلام هو الخيار التاريخي والاستراتيجي ، وكأن السيد عباس وفريق التفاوض التاريخي والاستراتيجي يعيشون في كوكب آخر ، وليس على ارض فلسطين المحتلة .

الذي تبين أن السيد محمود عباس وصل إلى درجة انه يقبل والذين انقلبوا معه على الراحل عرفات بما يقبل به الأمريكيون والإسرائيليون ، بمعنى الخضوع التام لشروطهم ورؤيتهم لما يسمى بحل الدولتين ، والذي يتابع منذ وصول عباس إلى رئاسة السلطة بالفرض الأمريكي والإسرائيلي له على رأس حركة فتح ، بعد غياب قائدها التاريخ ، إن الرجل وفي كل المراحل والأحوال ، لا يأبه بأي وثيقة أو اتفاق فلسطيني أو عربي أو غيره ، سوى انه في نهاية المطاف يعلن وبكل جرأة أن خارطة الطريق هي المرجعية للحل بالإضافة إلى رؤية بوش للدولتين بالاستناد إلى خارطة الطريق نفسها ، بعبارة أو بأخرى دعونا نقول أن الرئيس عباس والفريق المحيط به سواء على المستوى السياسي أو الأمني ، هم مكلفون بمهمة بعينها وهي إنفاذ رؤية أمريكا وإسرائيل للحل ، والكل يعرف ما هي هذه الرؤية ، التي لا تتعدى في نهاية المطاف حكما ذاتيا على جغرافيا نهبت ثلثي أراضيها بالاستيطان والجدار والعزل ، أما القدس واللاجئون والحدود فهي مؤجلة نهائيا إلى يوم تبعثون .

ولذلك ، فان كل الوقائع والأحداث من حوارات القاهرة عام 2005، وحتى الانتخابات البلدية والتشريعية وما تلا ذلك من مواجهة سياسية ومالية وافتعال للفوضى والفلتان الأمني وحتى الأحداث الأخيرة في غزة التي انتهت بحسم حماس للأمور ميدانيا على الأرض من قبل حماس ، كل هذه الأمور وإرهاصاتها وتفاعلاتها ، جاءت في سياق أن فريق خارطة الطريق هو في رسم مهمة يسعى إلى تنفيذها بكل الطرق ، وحيثما تفشل طريقة يلجأ إلى الأخرى بدعم أمريكي وإسرائيلي وعربي ، ومن فرط قبح وتدني المستوى الأخلاقي في إتباع الفلسفة الميكيافلية القائمة على " الغاية تبرر الوسيلة " ، فلا بأس ولا حرج لدى تيار الرئيس عباس والمحيطين به فضلا عن الراعين له ولهم اقيميا ودوليا ، من أن تكون الديمقراطية وسيلة علها تدخل حماس في المنظومة السياسية للسلطة بشرط أن يكون ناتج محصول حماس من لعبة الديمقراطية ما لا يحول دون تمرير المهمة المتعلقة بالرؤية الأمريكية والإسرائيلية للحل ، ومادام مثلا أن الديمقراطية أو انتخابات "يناير" كانون الثاني جاءت كوسيلة مضادة لتحقيق الغاية المشار إليها آنفا ، فلا عيب ولا حرج بالنسبة إليهم ، بان ينقلبوا على هذه الديمقراطية التي فازت فيها حماس فوزا كاسحا ، وان يستخدموا بعد ذلك كل الوسائل اللاأخلاقية من سحب صلاحيات والتحجج بمنظمة التحرير التي عمل فريق التفاوض على اماتتها لصالح سلطة"الكمبرادوريين" المرتبطين بالاستعمار الأمريكي والصهيوني ، ومن ثم العمل على حصار الشعب الفلسطيني وإثارة القلاقل والفتن والفوضى ، من اجل تنفيذ حل ينهي ملف القضية وحقوق الشعب الأصيلة والثابتة ، مقابل الفتات من المال والسلطة الوهم ، ولذلك ليس غريبا أن تظهر التقارير والوثائق من الغرب وليس بالمناسبة من حماس التي تشير إلى وجود خطة للانقلاب على حماس ، ولعل خطة اختبارات التنفيذ التي اشرف عليها منسق الاتصال الأمني في تل أبيب الجنرال الأمريكي " كيث دايتون " أكبر شاهد على ذلك ، ولا أريد أن أتحدث عن ما جاء به التقرير الأخير لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية الدبلوماسي السفير الفارو دو سوتو ، ولا كذلك ما جاءت به الصحيفة الألمانية " نوي فيليت " ، لكثرة ما تم الإشارة إليهما سواء من قبلي أو من قبل كتاب آخرين ، في ظلال الرؤية الأمريكية والاستعمارية القائمة على الإرهاب والمجازر واحتلال أراضي وثروات الشعوب الأخرى ، ليس عيبا أن يجري الانقلاب ولو بالقوة على الديمقراطية وحق الشعوب في اختيار ممثليها وقادتها ، وهؤلاء وأتباعهم لا يرون الناس إلا بعين الناظر للعبيد والبهائم ، وبالتالي هم لا يتورعون عن الكذب والتبرير الزائف المتهالك وعن ممارسة فن التضليل ، ولذلك وبرغم وضوح الأمور حول خطة دايتون لإقصاء حماس والقضاء عليها ، لا يتورع الرئيس عباس ومن معه مدعومين من أطراف إقليمية عربية ودولية عن القول بان حماس هي من انقلبت على الشرعية ، وبالتالي ما يلحق ذلك من إلصاق صفات الإجرام والخروج عن القانون عليها ، وخذ مثلا آخر القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 ، والذي بمجرد قراءته من أي إنسان يملك الحد الأدنى من الفهم ، يرى كيف أن الرئيس عباس قد مارس الإجرام بحقه بأقصى درجات التطاول والنفي والتغييب ، فالرئيس أصبح يمارس صلاحيات لا يعطيه إياها القانون الأساسي الذي حدد صلاحياته على وجه الحصر"انظر المادتين 38، 63 من القانون الأساسي المعدل لعام 2003" ، هذا بالإضافة إلى تعطيله النصوص والمواد فيه برغبة شخصية سياسية منه ومن فريقه كحال المواد 65 ،66 ، 67 المتعلقة بإجراءات عرض الحكومة على المجلس التشريعي لإعطاء الثقة أو عدمها لها ، علما أن القانون الأساسي هو بمثابة الدستور المؤقت للشعب الفلسطيني ، ولا نريد أن نتحدث عن مراسيمه الكثيرة والمخالفة للقانون من حكومة ما يسمى "إنفاذ حالة الطوارئ "إلى مرسوم ضرب المقاومة تنفيذا لبند مكافحة الإرهاب الوارد في خطة خارطة الطريق ، إلى عقوباته ومثوباته ضد العسكريين في الأجهزة الأمنية ، فمن قاتل حماس رفعه ومن لم يقاتلها وهم الأغلبية فقد حط من رتبهم ، أما قادة الخراب والفلتان والعمالة مع الاحتلال فعمل سيادته على رفع رتبهم ومراتبهم ، ولم يقم للحقيقة وزنا من خلال الوثائق التي عثرت عليها حماس في المقار الأمنية في غزة والتي تفيد تورط هؤلاء في الارتباط مع الاحتلال والعمل ضد مصالح الشعب الفلسطيني وحتى مصالح عربية ، أما بالنسبة لكل من صحا ضميره وأراد أن يقول الحقيقة كما هو الحال مع هاني الحسن " أبو طارق " فلم يتورع عباس والطارئون معه على الشعب عن إعلان الحرب عليه وإقالته من منصب كبار المستشارين للرئيس ، علما أن أبا طارق هو من مؤسسي حركة فتح .

هذا بعض بسيط من حال الرئيس عباس ومن معه المرتبطين عضويا بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية ، فهم على استعداد لممارسة أية وسيلة وأية طريقة شرعية أم غير شرعية ، المهم تنفيذ المهمة المحددة الملقاة على عاتقهم ، ولذلك لن استغرب في قادم الأيام مثلا إعلان الرئيس عباس عن حل المجلس التشريعي ، رغم أن هذا الأمر يخرج بالمطلق عن صلاحيات الرئيس ، بل لا يوجد نص في القانون الأساسي المعدل يسمح له أو لغيره بحل المجلس التشريعي حتى في حالة إعلان الطوارئ ، فمدة المجلس التشريعي أربع سنوات كاملة ولا احد يملك إزاء حله شيء ، علما أن المجلس التشريعي وبالاستناد إلى القانون الأساسي المعدل نفسه هو من يملك أمر البت في قبول أو عدم استقالة الرئيس أو مدى أهليته للبقاء في منصبه من عدمه. لا تستغربوا شيئا مما سيقوم به تيار تنفيذ المهمة الأمريكية والإسرائيلية ، ولو خرج عن العقل والمنطق والقانون والمصلحة الوطنية العليا ، المهم تنفيذ المهمة ، ولقد كتبت من فترة طويلة نسبيا مقالا بعنوان " المأجورون يخربون بيت فتح" ، واليوم أقول إلى متى سيبقى هؤلاء المسيطرون على حركة فتح يقومون بكل رذيلة و وتآمر على الشعب والقضية ، وشرفاء حركة فتح الكثر إما صامتون صمت أهل القبور ، أو أنهم خوفا على حركتهم يدافعون دفاع الذي أخذته العزة بالإثم عن هؤلاء بحجة الحفاظ على الصورة الموحدة لحركة فتح ، وعن أية صورة هؤلاء يتحدثون وهم يسمحون لثلة تعمل على نسف الصورة وتشويهها نهائيا!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل