الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في زمن الردة

بثينة رفيع

2007 / 7 / 10
الادب والفن


في زمن الردة تكبر الأقزام , وتصبح الكلاب أسوداَ , والعدو من أمامك ومن خلفك وفي الوسط ، في زمن الردة يُصادر الطير ويُرجم بالحجر ويُداس بالأقدام لأنه قال أو نطق ، في زمن الردة تنام تورا بورا في خانيونس لتصحو مقديشو في بيت لاهيا وشارع النصر ، تصبح الشهادة إرهاب , والمقاومة عبث , ويُسأل الشهداء لماذا ماتوا دفاعاً عن الوطن ، يكبر الوهم وتُصبح الخيانة شرف ، ويرحل الوطن في زنزانة كبيرة , ويصبح حق العودة قابلاً للعرض والطلب ، ويكثر الحديث عن الثمن , تُسلب ذاكرة الوطن في زمن الردة ، تنام مفتوح العينين , تقتل الجار والصديق ورفيق العمر , تُشهر سلاحك حتى على النمل والحجر ، ينتظرك الموت في كأس الماء , وتحت شرفة المنزل , وفي كلمة حق تقال إذا عز الصدق يُصبح العيد لعنة والجوع انتصار , والفقر والعوز والتسول عزةٌ وفخار ، في زمن الردة لا تحمي ظهرك إلا بالجدار , ولا ترى حولك إلا الذباب والغربان وتُداس في الطرقات لأنك أشرف إنسان ، في زمن الردة تقتلك العشيرة والقبيلة ويصبح القانون سلاحاً من خشب , تموت غرقاً في هذا الزمن بالوحل القذر لا في ماء بحر ، في زمن الردة يموت القعقاع وصلاح الدين والمعتصم ولا يسود بين الرجال إلا ابن العلقم وهولاكو وأبو لهب ، يصبح القادة آلهة أو وثن , في زمن الردة لا تكون المساجد لله بل للقتل والفتن ، تضع البندقية تحت سجادة الصلاة , يُقتل الإمام , وتكتب المصاحف أول وأخر حروفها بالدم ، تُباع الأوطان , تُمزق أطفالك القذيفة تلم أشلاءهم وتقول لا بأس إنه زمن السلم ، يُصبح أكبر همك أن تبقى إنسان ، تنام في المعبر شهوراً وأيام حتى تدخل من بوابة الوطن ، تموت وأنت تنتظر الدواء , تُنجب على الحواجز النساء , في زمن الردة لا تفهم لا تسمع لأنك قد تموت إن تفعل في زمن الردة تدخل كاللص لغزة من نفق , ولا تتكلم مع أحد ، في زمن الردة تركض كالمجنون في الشوارع خلف قتلة إخوتك وفي المساء تقدم لهم القهوة والتمر ، تخرج من بيتك رصاص , تمشي في الطريق رصاص , تعود لبيتك رصاص , وبين الرصاص والرصاص لا يعبر إلا الرصاص ، في زمن الردة تُسرق المقابر وتُسحق جماجم الأجداد والجدات , يُهدم البيت فوق رأسك وعلى أهلك فقط لأنك مع هذا أو ذاك تبحث عن نفسك حتى في علب فارغة يأكلها الصدأ والعفن ، في زمن الردة لا تفهم لغة إلا الصمت لأنها لغة أهل هذا الزمن ، لا تبتلع إلا الهواء , ولا يساويك أحد لأن آلامك أكبر من جبل ، في زمن الردة تبيع الأم خاتم العرس والقرط الجميل لتشتري لأطفالها الطحين والحليب والدفتر والقلم ، في زمن الردة يصمت السلاح المقاوم والرصاص الثائر ويُغير وجهته ووجهه ولا تشتري إلا عزلتك ، في زمن الردة تصبح في بطاقة التموين فقط حيفا والمجدل وصفد ، تنام على ذل العرب وتصحو على عار العرب ، تجلس مع عدوك وسارق بيارتك وأرضك , تصافحه وتواسي نفسك , ثم تقول هذا من نكد الدنيا على الحر ، يقرأ التلاميذ أول دروسهم في الصباح بين الحواجز ورصاص الإخوة ومتاريس الرمل ، يصبح أخر همك أن تأكل وتشرب ، تفتح جراحك للملح , تخاف أن تقترب العصافير من نافذتك ، تُخير كيف تُقتل ويُصبح الوطن في رغيف الخبز , ورصاصة طائشة والغربة وطن , وتصير بين الضحايا مجرد رقم ، في زمن الردة يصبح القاتل بطل ويرافق حماة الديار في الرحل ، والمقتول مرتد عن الله والوطن ، تُصبح صلاتك كُفر , وطُهرك عُهر , تضع الوطن في حقيبة السفر كي يبقى وطن وترحل ، في زمن الردة تعلم أنها الحياة الدون وتبتسم ، تكون في عيني أمك أجمل رجل , وتشتري لك الثياب رغم الفقر وتمسح لك الحذاء وتضع في جيبك النقود , تراك أحلى فرحة العمر وبعد حين تلم أشلاءك من قريش تكفنك بالصمت وتضع فوقك التراب ودمعتين والحجر ، في زمن الردة لا ترى شعبا أبياً مرابطاً قديساً مقاوماً إلا بين المقابر والحفر فهنا يرقد الأب وهنا الطفل , وهذا قبر الأخت والأخ , وتلك السيدة قُتل زوجها صبيحة العيد بين الثياب الجديدة والحلوى ودمع أطفاله واللعب ، وهذا قبر فتاة ربيعها مازال أخضر أخطأتها رصاصة فماتت بين الدفاتر والكتب , وتلك الجالسة هناك كبستان أحزان قُتل طفلها بشظايا قذيفة ولم يعد من يومها يعانق في صدرها رائحة الزعتر والزهر ، وهذا وتلك وهؤلاء ....... في زمن الردة لا تقف ذليلا , لا تختبئ ، لا تقطف إلا الورد , إرمي سلاحك إكسره إن عجزت أمام غضبك , واشتري بثمن الرصاصة الفرح في شريط بجديلة طفلتك , وتعلم أن تفرغ مخزن الحب والأمل في قلبها ، في زمن الردة لا تستفتي أحد لا تخف , لا تصدق إلا فلسطين لأنها الحقيقة المرة في هذا الزمن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطفل اللى مواليد التسعينات عمرهم ما ينسوه كواليس تمثيل شخ


.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال




.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت