الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب العراقي بين التحرر واجندة الاحتلال

طالب الوحيلي

2007 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كنا نترقب اللحظات التي تطرق فيها ابوابنا من قبل عناصر امن النظام البائد ،او لعل الامر لايحتاج الى اي استئذان اذ سرعانما تقتحم زمر الليل دورنا وتعبث بكل شيء فيها ،حيث يقاد الابرياء الى مخابئ الامن العامة او غيرها من دهاليز الموت او الضياع الابدي ،ومعروف طبعا من كان المستهدف ومعروفة النتائج بالتأكيد فلا نجاة لمن يدخل في دهاليز الموت الصدامي الا لمن كان على حظ عظيم .
وحين سقط نظام الطاغية المقبور كان اول ما تفائلنا به هو اعتقادنا بان زمن المداهمات والاعتقالات قد ولى الى غير رجعة ،وان عصرا ذهبيا للحريات ولحقوق الانسان سيجيء مع دخول الفاتحين القادمين من مؤسسات ونظريات الجمهوريات الفاضلة ،وبين الحقيقة والوهم او التفاؤل المستفز بحلم مستحيل ،عرف كل واحد منا من هي امريكا وماذا تحمل في جعابها وفي صناديقها المغلفة بالخرائط وبخطوط الطول والعرض وبخبايا مخابراتها المركزية ومن جندت وما اسرجت وما الجمت ,او شرقت وغربت وعربت واعجمت ،فهي امريكا المنتصر الكبير في الحرب الباردة والجالس على عرش القطبية المنفردة في عالم ارتجت به الابعاد وتضاربت عبره الرؤى.
الساحة العراقية تنازعتها التيارات ،ولا بد لقسم منها ان كون كما ارادت امريكا ،اذن فلا بد ان تنفرز منذ البدء المحاور التي تتحرك عليها مادامت الادوات طرية وسهلة الانقياد ،قوى علمانية حاولت البحث لها في بقايا موطئ قدم لنظام تعددي يقوم على انقاض حكم ديكتاتوري صفى كل قواعدها في مهرجان قومجي طائفي همّش الجميع ،وقوى اسلامية عانت ويلات الاضطهاد والملاحقة والتصفيات الجسدية طيلة حكم الطاغية صدام فاعلنت ثورتها ،يقول السيد عمار الحكيم بهذا الصدد(قبلنا ان نساير الوضع العام و نعيش كما يعيش الناس في أي مكان ولم يقبل لنا في ذلك واستمرت الحكومةـ البائدة ـ بمتابعتنا ومطاردتنا وقتلت مراجعنا وعلمائنا وكوادرنا والناس البسطاء منا وزجتهم في السجون والمقابر الجماعية وأستهدفتهم بالكيمياوي تحملنا كل هذه الظروف ليس لسبب الا لأننا نختلف عنهم في انتماء قومي او مذهبي او سياسي وان كنا لانفصح او لا نتحدث عن هذه الاختلافات وعندما سلبنا الحرية كلياً شهرنا السلاح حتى ندافع عن وجودنا وعن حياتنا ) وقد دخلت العراق حاملة مشروعها البراغماتي في بناء نظام ديمقراطي تعددي يؤسس لشراكة حقيقية بعيدة عن الطائفية وتهميش الاخر،وقد توحدت الاهداف لدى العديد من القوى الوطنية لاسيما التي مثلت المعارضة العراقية في مؤتمرات صلاح الدين ولندن وغيرها من الفعاليات العراقية الوطنية ،وكانت تحمل اجندة يمكنها ان تقود العراق الى بر الامان لو اتيح لها الوقت والحرية اللازمة بعيدا عن املاءات قوات الاحتلال او مصادرتها للارادة العراقية دون ان تعبأ بما الزمت به نفسها من وعود وعهود سرعانما تبخرت في لهيب موجة احراق البنى التحتية للبلاد على مرئى ومسمع قيادات الاحتلال ومجلس الامن الدولي والارادة الدولية ودول الجوار وو، ولعل اجلى تصريح بهذا الشان ما اعلنه السيد محمد باقر الحكيم (رض) قبل جريمة اغتياله الكبرى ،والتي كانت اول الغيم الاسود للاعصار الدامي الذي اجتاح وادي الرافدين حيث اعلن من منبر الكوفة (من قال ان الشعب العراقي ايتام او قصر حتى ينصب عليه من يدير شؤونه؟! ) وقد كان يقصد من وراء ذلك ما سعت اليه الادارة الامريكية في جعل العراق تحت الانتداب او الرعاية الاجنبية التي تمثل بابسط معانيها الاحتلال المقيت الذي لايمكن ان ينسجم ابدا مع تطلعات شعبنا في الخلاص من الظالم والطغيان ،حيث امتاز بصبره وصموده وانتظام امره ،لاسيما تمسكه بمرجعيته الدينية التي لم تتخلف عنه ابدا سواء كانت صامدة او مجاهدة ،وهذا ما لم تهضمه الادارة الامريكية حين ارادت عن طريق مديرها المدني تعيين عدد من الافراد لغرض كتابة الدستور والتاسيس للنظام السياسي الجديد على وفق مخطط ليبرالي منفلت ،وتلك هي غاية الظلم والاستخفاف بمقدرات وعقائد هذا الشعب الذي لم تتمكن الادارة الامريكية على ما يبدو من استيعاب حركته او سكناته ،ولكن انّى لهذا الشعب ان يتخلص من طغاة العصور وينال حق تقرير مصيره الذي يعد اكبر تمرد على حركة استلاب الشعوب واستعمارها ؟!!
لم ننسى من كان وراء صناعة الطاغية صدام وحزبه ومجيئه للحكم ،ولم ينسى احد او ينكر كيف جند هذا الطاغية للعب دور الشرطي في المنطقة وكيف عمل على تجويع وافقار وتخلف شعبنا ،ومن ثم تدمير العراق واخيرا الاجهاز عليه ،حيث وقع فريسة سهلة تتوالى عليه السكاكين والحراب .انها ذاتها الهيمنة الدولية المتسلطة على مصير الشعوب ومسار الانسانية .
الحكومة العراقية المنتخبة من قبل اكبر نسبة انتخابية عرفها العالم المعاصر ،والتي تداخلت في تكوينها ارادة الاحتلال لتقفز على الاستحقاق الانتخابي دون الاعتراف بحقوق الناخب ومشاعرالملايين التي داست على جراحها وهمومها وعلى كل مكامن الخطر والخوف لكي تعلن موقفها السلمي من الاحتلال متناغمة مع موقف المرجعية العليا التي اختارت هذا المسار لكي تؤكد للمقابل انها اكثر منه عصرية وتجنبا لسفك الدماء ،هذه الدماء العزيزة جدا عليها والتي تحولت الى استراتيجية للبقاء الوحشي ،ووسيلة لتحطيم الحلم ببناء دولة القانون ،اذ لا بد من تسويغ العنف في ردود الفعل او في معالجة الانفلات الدموي ،وكلا الامرين مرّين اذ كفانا قسوة ما عشناه في سنوات الحكم البائد ..والحديث يطول لو قيمنا النشاط الحكومي وما قدم للمواطن الذي اصبح اليوم ضحية اختياره ،او كما يحلو لاعدائه نعت ذلك ،والكل يعرف ما كبّلت به الحكومة من انعدام الانسجام في تشكيلها وتخلف الولاء لدى الكثير من وزرائها لصالح احزابهما و كتلهم او طائفتهم ، لاسيما من يدعي تمثيل طائفة معينة ،معلنين انهم الطرف المهمش بالرغم من تحكمهم بكافة عناصر فشل اونجاح هذه الحكومة ،التي يمكن ان ينطبق المثل الشعبي على رئيسها بالقول (باقة لا تفلين خبزة لا تثلمين ..اكلي لمن تشبعين !!) فاي شبع هذا وقد عجزت عن توفير الكهرباء والماء والوقود والامن والكرامة التي تهدرمن قبل جنود الاحتلال وهم يمثلون دورهم بكل قسوة كقوات غازية كل يوم في مدينة الصدر اكبر مؤازر لهذه الحكومة ،حيث يقتل العديد من الابرياء برصاص المقاتلات او القوات المدرعة بدون اي وازع قانوني ،فيما يعتقل الشباب فيها دون اي تهمة قانونية صادرة من قضاء عراقي ،في الوقت الذي يستحيل على القضاء العراقي تنفيذ امر قبض اصولي صادر بحق جزار او راعي للارهاب ،ويتكرر الامر في حي العامل والشعلة والحرية والشعب وكل المناطق التي تعاني من شر وخطر الزمر التكفيرية والصدامية التي تتلقى العناية والتعامل بلطف من قبل تلك القوات على حد وصف الشيخ حميد الهايس احد قادة صحوة الانبار ..
الخلاصة ،فما زال المواطن العراقي يامل من رئيس الوزراء ان يعلن حملته التصحيحية وازالة كل كوامن الخطأ التي انتابت طاقمه الحكومي ،ومازال موقف القوات المتعددة الجنسيات لا يتعدى كونها قوات احتلال تنظر الى المواطن العراقي بعين الحقد والقسوة التي تذكره بتجارب فيتنام وامريكا اللاتينية ،ولا تذكره مطلقا بالتجربة الكورية او الالمانية او اليابانية ولا بخلاصه من عهود الطغيان والتخلف ،والا فانه يعيش حلم ليلة صيف عراقي على صخب محركات الطائرات المحلقة بانخفاض كبير على سطوح مدينة الصدر الفقيرة اوهدير ناقلات الجند التي تجوب الازقة بحثا عن خطر وهمي ..تاركة اكثر من شبح للرعب تجوب في الخيال ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير