الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف...والمؤسسات التعليميه

فواز فرحان

2007 / 7 / 8
حقوق الاطفال والشبيبة


تعتبر عملية تنشئة اجيال قادرة على مواجهة التحديات التي تحيط بحياتها من أولويات اي حكومه تأخذ على عاتقها بصدق تطوير العمليه في البلاد الى الامام كأساس من أسس النهوض الحضاري بشكل عام ومقدمه لاعداد اجيال تتمتع بمواصفات حضاريه من شأنها النهوض بالبلاد الى الامام, والمتتبع للعمليه التربويه في معظم البلدان العربيه وبلدان العالم الثالث يدرك للوهلة الاولى ان هناك منظومه متخلفه من القيم الباليه التي عفى عنها الزمن لا تزال تتغلغل في المؤسسات التعليميه بدءا بالمعلمين وانتهاءا بأعلى مسؤول لاسيما النظر لموضوع العنف في المدارس وممارسته وطرق التعليم المتبعه والتي لم تتغير ربما منذ خمسة عقود من الزمن والتي لازالت اسيرة نمط معين تتحكم فيه عقليات نستطيع القول انها اصبحت غير مؤهله للقيام بتطوير العمليه التربويه في ظل الطفرة العلميهه التي تشهدها البشريه في كل المجالات..
تعتبر مسألة انتشار العنف المستخدم ضد الطفل في المدارس الاساس الذي يشكل عملية التطرف واستخدام العنف داخل المجتمعات تبدأ بممارستها في الاسرة وتتطور لكي تستخدم ضد الاقران اثناء اللعب وتنتهي عند البلوغ وارتكاب اعمال تسئ للقيم المتحضرة, والحقيقه ان العنف لايقتصر على الدول العربيه ودول العالم الثالث بل يتعدى ذلك حتى الدول المتقدمه تعاني من خطورة العنف واستخدامه سواء داخل الاسره او في المجتمع والممارسات اليوميه..
وفي دول العالم الصناعيه تعتبر الولايات المتحده الاكثر استخداما للعنف الاسري تقف برامج توجيه الاسرة التي تعاني من خلل واضح امام ممارسه من هذا النوع عاجزه عن فعل شئ ,ومع ذلك تقوم الكثير من بلدان العالم وحكوماتها بتسخير اموال طائله لادارة مشاريع تقوم على اساس البحث العلمي وابحاث علم النفس لكي تعمل على خلق اجيال قادرة على التعاطي مع التحديات التي تواجه الانسان حاضرا ومستقبلا. والدول العربيه للانصاف تعمل قسما منها على توفير برامج تساعد في تغيير السلوك عند الاطفال في المدارس وتحاول ايجاد الحلول للعلل التي تعاني منها منظومة القيم التربويه والنفسيه التي يتربى على اساسها الاطفال.
اما عملية التطبيق النظري لمعظم ابحاث علم النفس عند الطفل فلا زالت تعاني من قصورا واضحا سببه الاهمال في بعض الحالات او رداءة المؤسسات التعليميه في بعض البلدان كما هو عليه الحال في العراق, ومنذ انتهاء الحقبه الاستعماريه في عالمنا العربي تراوح المناهج التعليميه في مكانا واحدا غير قابل للتطوير بما يتلائم والتطور الذي وصلته البشريه ففي الوقت الذي تخضع فيه هذه المناهج كل خمس سنوات للتقييم واعادة النظر تكون معظم مناهجنا الدراسيه تعود لحقبة الستينات والسبعينات من القرن الماضي وهو بدوره ما يخلق شعورا داخليا مصدره في اغلب الاحيان نفسي يعكس حالة خيبة الامل لدى الاطفال الدارسين من الذين يتوقون لتلقي علوما تتلائم مع ما يستمعونه من اخبار على شاشات التلفزيون وباقي وسائل الاعلام.ففي دوله غربيه كالمانيا تعتبر المناهج الدراسيه من الاولويات التي يضع المشرفون على عاتقهم تطويرها كل فترة وعادة ما تخضع بين الفترة والاخرى لعملية تقييم من خلال الاستفتاء واجراء اختبارات تأثيرها على الطفل اثناء تناوله لهذه المناهج في دراسته..
على سبيل المثال مادة الرياضيات التي يتم تدريسها في السنوات الابتدائيه الاربع التي تشكل مجموع سنوات الدراسه الابتدائيه في المانيا تكون هذه المادة مكثفه بطريقه ربما نستغرب الى ان واضعيها فرضوها على الطفل رغم ثقلها الا انها كما يولون تناسب اعمارهم ومادة الرياضيات التي تدرس في الرابع الابتدائي في المانيا تعادل المادة التي يدرسها الطالب في الثاني المتوسط في العراق ومن هنا ندرك حجم الفارق الذي يفصل المواد العلميه بين الطرفين, وهكذا ينطبق الحال على المقارنه في المواد الاخرى كالفيزياء والكيمياء والبيولوجيا(علم الاحياء) بينما تكون الدراسه لهذه المواد في اغلب الدول العربيه ثابته لم يحدث فيها اي تغيير رغم التطور المتسارع الذي يعيشه اانسان في العصر الحالي.
ولا بد من الاشارة الى ان اساليب التدريس هي الاخرى ختلف جذريا عما هي عليه في العالم العربي فبينما يترك الطفل يمارس حريته ويعبر عن نفسه وطفولته ويلقى تفهما من المعلمين ولا تكون العقوبه الا عمليه تسجيل نقطه تؤثر على سير تفوقه وتدفعه للتفكير طويلا قبل الاقدام على ارتكاب اي خطأفهو يدرك ان احدا لن يمارس العنف والضرب معه لكن منعه من الحصول على مراكز متفوقه مرتبط بالقدرذاته بالمحافظه على ممارسة سلوك متحضر داخل الصف الدراسي..ورغم ان بعض الطلبه يتمكنوا من التحصيل على درجات تؤهلهم للانتقال الى مدارس متميزه الا ان نقاط السلوك تقف في بعض الاحيان حائلا امام تحقيق ذلك , وهذا ما يتعلمه الطفل منذ نعومة اظافره وهو ان التفوق يكون متلازما بين السلوك والماده العلميه بينما يحاول في اتجاهات اخرى التعبير عن سلوكه كطفل ويمارس تلك الطفوله حتى وان كان ذلك يتجاوز في بعض الاحيان الحد المسموح له شرط ان لا يؤذي احدا من زملائه سواء بالكلام او بالضرب او الاعتداء على الاخرين.. ان ممارسة العنف داخل المجتمع لا بد ان يكون له مصدر معين ينطلق منه الطفل في التعاملات اليوميه وكما قلنا في البدايه تكون الاسرة بالدرجه الاولى المنبع الاساسي لهذا الاستخدام وتأتي المدرسه فيما بعد لترسيخ هذا المفهوم من عدمه, واذا ما عدنا للمقارنه بين الحاله العربيه والحاله في البلدان المتقدمه فأن الاخيرة تنبه الاطفال الذين يتعرضون للضرب على يد اولياء امورهم داخل الاسرة الى ابلاغ المدرسه بذلك حيث يتم تنبيه الوالدين وانذارهم اولا ومن ثم يتم سحب الطفل من الاسرة ويودع في ايدي منظمه رعاية حقوق الطفل ويتم حرمان الوالدين من مشاهدته الا اذا تعهدا بعدم تكرار ضربه..
هذا النوع من السلوك يجعل الطفل يشعر بالامان طالما انتفت عقوبة الضرب ويعبر الطفل عن نفسه بشكل افضل وفي نفس الوقت تدفع الوالدين للبحث عن اسلوب اخر اكثر تحضرا لاقناع اطفالهم بقضايا معينه تخصهم وتخلصهم من العصبيه وافرازات العنف الاخرى التي قد تؤدي الى احداث الكثير من الامراض داخل نفسية الطفل, اما في حالتنا يبدأ الطفل حياته من الاسرة التي يمارس (بفتح الراء)فيها الضرب بحقه او بحق اشقاءه وفي بعض الاحيان بحق والدته وينتقل للمدرسه ليواجه نفس النوع من العقوبات على اي خطأ قد يكون عفويا لا يستحق الضرب وتتسلح شخصيته بهذا الاسلوب لعلاج مشاكله اليوميه ويبدأ بممارستها داخل الاسرة مع اشقاءه وشقيقاته وحتى مع رفاقه وزملائه في المحله وينمو معه بالتدريج ليتطور ويأخذ اشكالا اخرى مع حياته منها الجريمه او ممارسة العنف الدموي في مجال السياسه اوممارسة العنف داخل اسرته.ان واحدا من افضل الحلول يكمن في وضع برامج تربويه تمنع استخدام العنف في المدارس ويكون الحل في فرض غرامات ماليه على المعلمين والمدرسين الذين يستخدمون العنف كوسيله للتربيه دون ان يدركوا العواقب الوخيمه له ولابعاده في المجتمعات وكذلك الاسرة التي يتوجب الخوض معها في تفاصيل طرق التربيه كي تتجنب معاملة الاطفال بطرق عنيفه وهو بدوره ما يؤدي الى خلق عالم افضل للطفوله تمكنها من التعبير عن نفسها بطرق افضل وتجعل المجتمعات تتخلص تدريجيا من هذه الظاهرة التي استفحلت اليوم وراحت تؤشر الى وجود خلل خطير في منظومة القيم الاجتماعيه لا سيما بعد تنامي ظاهرة العنف الدموي الذي يفوق التصور كما هو عليه الحال في العنف الذي يعكس ارهابا ساطعا في ممارسات قوات الاحتلال الامريكي في العراق وكذلك ارهاب الجماعات المسلحه الارهابيه التي تقتل الابرياء في ساحات العراق كل يوم بحجة المقاومه والحالتين هي نتاج المنظومه الفاشل في التعامل مع موضوع العنف منذ الطفوله...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئاسة التركية: نجري متابعة للأجواء السلبية ضد اللاجئين الس


.. الدكتور محمد أبو سلمية: هناك تعذيب شبه يومي في السجون الإسرا




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال