الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا نعني بالمثقف ......ومنهم المثقفون ؟

يحيى الشيخ زامل

2007 / 7 / 9
الادب والفن



ماذا يقول الكتّاب والمثقفون حول مفهوم المثقف والثقافة ؟

استطلاع / يحيى الشيخ زامل

المثقف، من منا لم يسمع بهذه الكلمة التي قرأناها وسمعناها كثيراً في مختلف الوسائل الإعلامية المقرؤة والمسموعة والمرئية ، إضافة إلى استخدامها في حياتنا اليومية حين يقول أحدهم : ( هذا الرجل مثقف ) ، أو : ( هذه المرأة مثقفة )، أو : ( الأمة الفلانية مثقفة ) أو : ( الشعب الفلاني مثقف ) ، فماذا نعني حين نقول هذا الرجل أو تلك المرأة أو ذلك الشعب مثقف ؟
ولكن وقبل أن نستطلع أراء البعض حول هذا الموضوع لابد من إطلالة موجزة نعّرف من خلالها ( الثقافة ) بصورة عامة لتتكامل تلك الأجزاء المبعثرة حول هذا المفهوم .
وهنا نكون قد دخلنا مدخلاً صعباً ، لأن مفهوم الثقافة عام وعائم ، لذا فأنه يتعذر علينا أن نعرّفه تعريفاً جامعاً مانعاً ، كما أن تاريخ مفهوم الثقافة تاريخ يعود إلى ما قبل انعطافة القرن العشرين ، حين كتب ماثيو أرنولد ( الثقافة والفوضى ) عام 1869 م ، وكتب تايلور ( الثقافة البدائية ) عام 1871 م ، بل مقال ماثيو أرنولد ( مهمة النقد في الوقت الحاضر ) عام 1865 م ، يصب في هذا المنحى .
ووصلت الدراسات الثقافية إلى أكمل وجوه التمثل في أشهر كتب ريموند وليامز (الثقافة والمجتمع ) من عام ( 1780 م ـ 1950 م ) الذي صدر عام 1958 م ، وهو عام يقع ضمن حقبة شهدت تحولات كبيرة في تاريخ الدرس الأدبي والثقافي عموماً وشهدت نضوج أفكار البنيوية والأنثروبولوجيا ونقد النماذج العليا ، فصدر في عقد الخمسينات أهم ما نعرف من أنتاج ، نورثروب فراي ، وأبرامز ، وبارت ، ولاكان ورومان ياكسبون ، وآخرين غيرهم . ( دليل الناقد الأدبي ص73 ) .
ورغم هذه الدراسات الكثيرة إلا أن تعريف الثقافة كان من أصعب ما واجهته هذه الدراسات ،وقد دخلت هذه المفردة والمفهوم المعجم الأنكليزي في حقبة الثورة الصناعية ،وتأرجح مفهوم الثقافة تبعاً للعلاقة التي تربطه بفكر معين ، فإذا كان أنتماؤه إلى علم الأنثروبولوجيا فإنه يختلف عما إذا انتمى إلى الفكر البنيوي أو ما بعد البنيوي .
والثقافة لا تستعصي على التعريف وحسب وإنما تجعل التعريف ذاته انعكاسا مؤسسا للبنية الثقافية ذاتها ، مع أن( وليامز) يراها من أصعب كلمتين أو ثلاثة في اللغة الإنكليزية .
ورغم ذلك فقد عرّف (تايلور ) وهو أول من أستخدمها علمياً عام (1871 ) هي : ( ذلك الكل المركب المعقد الذي يشمل المعلومات والمعتقدات والفن والأخلاق والعرف والتقاليد والعادات وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع الإنسان أن يكتسبها بوصفه عضواً في مجتمع ) ( مقال / حول قراءة التراث / محمد العلي ) .
ومن هذا كله قد نكوّن تصوراً شبه مشوش حول مفهوم الثقافة وبالتالي يصبح ( المثقف )عنواناً غامضاً بعض الشيء ومربكاً ...... وفي أستطلاعاً أجريناه مع بعض الكتّاب والمثقفين حول هذا الموضوع ، فلنرَ ماذا يقول الشاعر والكاتب (علي قاسم مهدي ) عن هذا الموضوع :

ليس من السهل تعريف أو أيجاز ( ماذا تعني كلمة مثقف ) أو ما المثقف ، فالمثقف أو الثقافة هي مرحلة من النضج لا يقوم على أساس من الواقع فقط ، فالحياة معقدة ومتغيرة تغيراً سريعاً بحيث لا يستطيع المثقف أن يواجه مستقبل الحياة ويسيطر عليها وبالتالي ترى المثقف يشعر بقصور معلوماته عن مواجهة الحياة .
فالذي يحاول أحداث تغيير في السلوك والاتجاهات على المستويات الأجتماعية والسياسية وحتى الدينية ، يمكن أن نطلق عليه كلمة مثقف ، هذا من ناحية ، وليس هناك مقاييس ثابتة يمكن أن نتداولها أو نجعلها تعريفاً ينطبق على المثقف هذا ، كما قلنا بسبب التغير واختلاف المواقف وفق برامج تخضع لبيئة معينة وثقافة معينة ، وعليه أن الوعي المحلل لما يدور من حوله من أمور الحياة ويدركها بعين بصيرة مستعين بما لديه من خزين معرفي متجدد وخاضع للاختبارات الإنسانية ، تنطبق عليه كلمة مثقف .
أما الصحفي أمجد طليع فيقول عن هذا السؤال : من هو المثقف سؤال رغم كلاسيكيته إلا أنه يبقى سؤال صعب ، فهل هو الذي يعرف كل شيء عن أي شيء ، أم هو من يجيد أحدى الفنون الأدبية والإعلامية أم هو الباحث أو الأستاذ الجامعي أم هو العالم ؟ .... أعتقد أن ذكر كل هؤلاء ربما يدعونا إلى تصنيف المثقفين إلى درجات وأنواع ، كأن يكون مثقف أكاديمي وغير أكاديمي ومثقف واعي وغير واعي إلى أخره من التصانيف . .... وهؤلاء يصنفون إلى درجة أولى وثانية وهكذا ...... .
وأما عن دور المثقف فهذا يذكرني بنظرية ( كرامشي ) وتصنيفه إلى مثقف عضوي واللاعضوي ، ويذكرني بقول ( سارتر ) الذي يقول بما معناه : إذا بكى طفل في طرف من الكرة الأرضية فأن المثقف في الطرف الأخر هو الذي يتحمل مسؤولية هذا البكاء .
هذا هو دور المثقفين الذين لابد يكونوا كلهم عضويون ، أما المثقفون العرقيون تحديداً ، فأعتقد أن دورهم في المجتمع معدوم وكل همهم أن تأخذهم الدولة وتحلق بهم وتضعهم في قصور عاجية على الرغم من قصورهم تجاه المجتمع حيث فقدوا حتى لغة النقد وأخذوا يسيرون تحت ظل الجدران يملئهم الغرور كأنهم أصحاب فضل على الأمة .

فيما أجاب لنا الباحث حسن حسين الساعدي عن هذا السؤال بشكل موسّع متعرضاً لتعريف الحضارة والمدنية أضافة للثقافة لترابط هذه المصطلحات مع بعضها وتكوينها مجتمعاً متوازناً وسليماً. ولكننا أختصرناه لضيق المقام ـ وجدير بالذكر أن جوابه يصلح أن يكون مقالاً منفرداً بصدد هذا الموضوع ـ فيقول : الثقافة هي الجانب المعنوي للمجتمع وتتمثل في العادات والتقاليد والقانون والدين والأخلاق والعقائد والأفكار التي تفسر الكون والحياة والتيارات الأدبية والفلسفية والعلمية .
كما أن المثقف ينبغي له أن يتصف بالسمات الآتية :
1ـ أن يعي مجمل خارطة العالم الثقافية والفكرية وبمعنى أخر أن يكون على صلة بأفكار العصر والتيارات الحديثة سواء كانت فلسفية أو أدبية أو اجتماعية لأنه لا يمكن ن يفهم ما يجري في العالم إذا كان جاهلاً بالتيارات الفكرية .
2ـ أن يدرك الموقع الذي فيه ويدرك موقع المجتمع الذي ينتمي إليه من المجتمع البشري ويدرك حركة التاريخ والقوى والقوانين التي تحكم وتسيطر على هذه الحركة ، فالمثقف إذا أدرك حركة التاريخ يمكن أن يسخر هذه الحركة لصالح مجتمعه .
3ـ أن يكون لديه حس نقدي وقابلية على تميز الأفكار واختيار الصحيح والصواب ،وأخذ كل ما هو أيحابي ورفض كل ما هو سلبي .
4ـ أن تكون له القدرة على التفاعل مع الآخرين ,أن يكون منفتحاً على الأفكار وأن يكون له القدرة على الحوار والنقاش بدون عقد مسبقة وبدون تحيز و تعصب لمذهب أو قومية إلا للحق .
5ـ أن تكون الأفكار التي يعتنقها سامية وإنسانية وليست تعصبية أو شوفينية ، بل أفكارا تعزز وحدة المجتمع البشري وترفض كل تمايز قومي أو فارق طبقي .
6ـ أن يكون متواضعاً ولا يؤمن بالخرافات والتفسيرات الساذجة التي تسري في المجتمعات والشعوب .
وأضاف : وبقي أن نقول أن هذه الصفات لا يمكن الحصول عليها بين ليلة وضحاها و تحصل بعصا سحرية ، بل هي عملية نمو وتكامل تربوي وعلمي وممارسة واقعية قد يصل إليها المثقف بعد عدة سنوات وكل فرد حسب طاقاته وقابلياته الفكرية والنفسية .

أما السيد أبو سيف الكعبي وهو بكلوريوس لغة عربية فيقول عن هذا السؤال : المثقف إنسان يخلف عن لناس العاديين بعدّة صفت أولها : إطلاعه على المعلومة قبل غيره ، وأكثر من غيره ، وثانيهما : أن هذا لكائن ، الذي ليس له من ضخامة الحجم ، أو طول البنية ، أو جسامة الهيكل ـ له من القوة الفكرية ومن رسوخ قدم الشجاعة الأدبية ما لا يملكه أعتى العتاة وحسبك ن تعرف أنه لايرقد ليله إلا وجنبه كتاب كاد أن ينهيه ولا يستقيظ صباحه الاّ ولديه بحث أو كتاب ، في طريقه إلى الإصدار .
وإذا كان الغرب يعني بالمثقف من أمتلك لمعلومة وأدارها من عرافها موجهاً بها آلته الجهنمية أو وسائل دعايته أو أساليبه المعلنة وغير المعلنة ، فان للشرق تراثاً ليكاد يوازي مالدى لغرب ، بل ويتفوق عليه ثروة وأصالة ورسوخ قدم .
وعلى المثقف أن يطرح جانباً مفرداته المنتقاة ، ويرمي ( بايبه ) بعيداً وعليه الآن ( والآن بالذات ) أن ينزل من برجه العاجي ، ويدخل مختبر الحياة ويخوض معتركها ....لا خوفاً ولا وجلاً ...إذ هي مواجهه المصير ، ومرحلة المخاض ... أما أن يكون شيءُ ويفخر به فيما بعد أو لا يكون ...وتعاد المآسي نفسها كما قال المتنبي :
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي المجد للسيف ليس المجد للقلم .

وأخيراً أرجوا أننا ألقينا قبس من آراء بعض الكتاب والمثقفين الذين التقينا بهم ، وأرجوا أننا قد أزحنا بعض الضبابية عن الموضوع القديم الجديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة