الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجوم الجزائري ياسمينة خضرة في شوارع تل أبيب: ضريبة إسماع الصوت المختلف

نائل الطوخي

2007 / 7 / 9
الادب والفن


احتفاء شديد قوبل به صدور الترجمة العبرية لكتاب الأديب الجزائري ياسمينة خضرة "الهجوم" في إسرائيل. الاحتفاء لم يكن ناتجا فقط عن الحالة الإشكالية التي يمثلها خضرة، فهو رجل باسم امرأة، وهو ضابط جزائري سابق يعيش في فرنسا، وإنما أيضا لعنصر إشكالي إضافي: رواية خضرة الأخيرة تدور أحداثها في قلب تل أبيب، وبالتحديد عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
تدور الرواية على لسان جراح بدوي من عرب إسرائيل، أمين جعفري، الذي يعالج ضحايا عملية استشهادية حدثت داخل إسرائيل. يصرخ أحد المرضي في وجهه: "لا أريد لعربي أن يعالجني" ويبصق عليه. وعندما يعود جعفري إلى بيته، تستوقفه الشرطة وتقبض عليه للاشتباه في ملامحه العربية. يجد هذا الطبيب نفسه وقد تورط في الصراع بشكل مباشر بعد أن يكتشف أن زوجته الجميلة، سهام، هي الانتحارية التي نفذت العملية. من ثم يقرر السفر إلى الضفة الغربية لمحاولة معرفة الدوافع التي أدت بها إلى هذا الفعل. يسير في أزقة بيت لحم والناصرة وجنين، يلتقي بأبناء عائلته على الطرف الآخر، يلتقي بمحاربي الجهاد، برجال الدين وأتباعهم كما يلتقي بجنود على الحواجز وببلدوزرات تدمر بيت عائلته. والنهاية مفتوحة، لا يعرف ما الذي دفع زوجته لهذه الفعل.
الاحتفاء بالكتاب له أسباب كثيرة. ربما يكون الصوت الذي ترغب إسرائيل في سماعه موجود في مقاطع من الرواية، وبالتحديد على لسان شخص عربي. يقول الناقد تسور أرليخ في موقع ماكور ريشون: "هذا الكاتب العربي الأوروبي يظهر تجاه إسرائيل ما يسمى بالتوجه النقدي، يصف واقعا مكذوبا محوره هو الدبابات التي تهرس بكامل الحرية أطفال جنين، ولكنه يظهر توجها ربما يكون أكثر انتقادا، توجها عماده القرف غير المهادن، القرف من القتلة الانتحاريين العرب. لا يظهر تجاههم أي رحمة أو تفاهم "تقريبا". وإذا فكرنا في خلفيته الإسلامية والفرنسية، فلسوف يعد هذا عملا شجاعا ويستحق التقدير."
يضيف أرليخ الذي بدا سعيدا جدا بهذه النظرية السطحية عن المقاومة والاحتلال: "وبهذه المناسبة فثم هنا تفنيد لأسطورة كاذبة قديمة، وهي أن الإرهاب العربي يولد من رحم الفقر. هذا التفنيد يتم بشكل جزئي، لأن المخربة هي زوجة طبيب غنية، ولكنها تقوم بهذا الفعل أيضا بسبب تعاطفها مع أبناء شعبها المقموعين والفقراء." على العموم لا نستطيع أن ننسى أنها رواية إشكالية، فعلى الطرف النقيض، لم تلق الرواية إعجاب بعض المتعصبين اليهود. في ندوة أقامتها صحيفة فيجارو للاحتفاء بالرواية، قذف متحدث يهودي الكتاب في وجه خضرة قائلا أنه عار عليه أن يمتدح العمليات الانتحارية والإرهاب.
كذلك لم تعجب البعض البساطة التي تناول بها الكاتب الصراع، ومنهم إسرائيليون. يقول جابي لفاين في صحيفة هاآرتس عن أحد الشخصيات الإسرائيلية الجيدة في الرواية: " شخصية مثل الدكتور كايام يهودا، الملاك الطيب لدكتور أمين، هي نموذج لشخصية "الإسرائيلي الطيب"، هي شيء ما بمثابة ضريبة يدفعها خضرة كي يتمكن من أن يصف بحرية أكبر الجوانب الأقل عذوبة في المجتمع الإسرائيلي." يضيف لفاين بحسم: "الهجوم" ليس كتابا مقنعا: إنه فكرة جيدة لم تنجح في أن تجد تعبيرها الأدبي."
صحيفة هاآرتس كان لها أسباب أخرى للاحتفاء بالكاتب. ركز جوئيل بينتو الصحفي بها، في حواره التليفوني مع خضرة، على اسمه الأنثوي. وتلقى خضرة المهمة المطلوبة منه بسعادة، مهمة التبرؤ من الشرق المتخلف بعد تقديم الصورة النمطية عنه: "عندما يختار رجل عربي مسلم اسم امرأة فهذه ثورة. إذا عاملت العربي كما تعامل الأنثى فسوف يقتلك بالتأكيد، ولكنني فخور بهذا. أنا أستخدم هذا الاسم حتى أعلي من شأن جميع النساء الجزائريات، اللائي كن دوما الأوائل في الصراع لأجل الشعب الجزائري. إذا حصلت النساء على مراكز قوة، فسوف يغير هذا من ذهنية الشعوب." الاسم الذي اختاره خضرة هو اسم زوجته، يضيف تبريرا لهذا: "أنا أعطيتها اسمي في الزواج، وهي أعطتني اسمها إلى الأبد". ليس هذا هو السبب الوحيد الذي دفع محمد مولسهول، الضابط الجزائري السابق، للكتابة تحت اسم مستعار. السبب الأساسي هو الهروب من رقابة الجيش على كتاباته، بعد أن كان بدأ بالتدخل في بعض الكتابات بالفعل.
يقول خضرة أن خدمته العسكرية لم تؤثر عليه: "أنا لا أكره الإنسان. لدي أصدقاء يهود وفلسطينيون. لقد شاركت في الحروب وأعرف أنها عبارة عن لحظات من العار وليس من المجد. البشرية مرت بأشياء مريعة وفي كل مرة استطاعت أن تتعلم شيئا، ومع هذا فأنتم تواصلون الحرب منذ ستين عاما. هذا يشهد من وجهة نظري على أنكم جنود فحسب في حرب تديرها قوى خارجية أكبر منكم."
سمى خضرة هذه القوى الخارجية بأسمائها، هو الذي حصل، من شركة ستديوهات يونيفرسال، على حقوق العمل على كتابه سينمائيا: "أمريكا ليست هي الصديق الأكثر طيبة لإسرائيل كما تعتقدون. في رأيي أن الصديق الجيد هو من يحاول إخراج صاحبه من المحنة وليس من يمنحه السلاح والنصائح بالاستمرار في الحرب والتضحية بالنفس. العالم دوما كان يحتاج إلى كبش فداء. واليوم ليس هناك كبش فداء أكثر من إسرائيل وفلسطين. لأن الصراع يتطرق إلى مسألة الدين الذي يفرق الشعوب. اليهود لصالح إسرائيل والمسلمون لصالح فلسطين. وسائر العالم يحتفل. فقط عندما يفهم الطرفان لماذا يتحاربان حتى الآن ويستوعبان أنهما لا يتحكمان في مصيرهما، ربما يحدث حينها شيء ما يؤدي إلى التغيير."
نظرية فانتازية حول الصراع يعرضها خضرة بتفاؤل كبير: " الشعب اليهودي عانى على طول التاريخ الإنساني. دوما ما اتهموه بكل الأشياء السيئة التي حدثت في العالم. في فرنسا يتهمون اليوم المهاجرين المسلمين في كل أزمة تحدث، الفقر والبطالة وغيرها. الشعبان الذان يكرههما كل العالم يتحاربان فيما بينهما عوضا عن أن يتضامنا."
خضرة يحاول إسماع صوته في إسرائيل، مع ما يتطلبه هذا من تغيير للكنة، يوجه سهام سخريته للعرب والفلسطينيين الذين جعل من أمين الجعفري، البدوي، نموذجا لهم، وله نظريته في هذا الشأن. بالنسبة له جعفري هو النموذج لما يمكن للعرب أو الفلسطينيين أن يكونوه، إذا مكنهم العالم من التوقف عن الحرب. يضيف ساخرا: "هو النموذج لكل العرب. حتى هذا الحين، هم غاضبون لأنهم يعيشون طول الوقت في مهانة. في اللحظة التي يمنحوهم فيها الفرصة لإثبات أنهم شعب عظيم وذو كرامة، فلسوف يثبتون أنه بإمكانهم القيام بأشياء غير الحرب."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري