الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعذيب الديمقراطي والتعذيب الدكتاتوري

محمد جمول

2007 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في لقائه مع الدكتور منذر سليمان الذي نشرته صحيفة الوسط الكويتية، يتحدث مستشار الأمن القومي السابق زبغنيو بريجنسكي عن الصراع العربي الإسرائيلي والنظرة السائدة في المنطقة عن الدور الأميركي عموما فيقول " يبدو أنكم في التحليل النهائي تريدون أن تتفاوض الولايات المتحدة أساسا بالنيابة عنكم ، أو تريدون حتى أن تخوض الولايات المتحدة القتال من أجلكم، لا.. لا عليكم أنتم أن تقرروا ما إذا كنتم راغبين حقا في الانخراط في مفاوضات بينما ترتب لها واشنطن لتقوم بدور الوسيط وليس بدور النصير."

ما يقوله واحد من دهاقنة السياسة الأميركية يجعلني ،وأنا أحد أبناء هذه المنطقة منذ ما يزيد عن نصف قرن ومتابع جيد لأحداثها، أعتقد أنه كان هناك دائما دور أميركي قي المنطقة غير الذي نعرفه ونراه ونلمسه في كل يوم وفي جميع القضايا. وأن وسائل الإعلام وممثلي الحكومات في المنطقة وخارجها والمنظمات الدولية كانوا دائما يخدعوننا ويكذبون علينا. وقد نجحوا كل هذه السنوات في تشويه الدور الأميركي في المنطقة، فضللونا وأقنعونا أن أميركا كانت دائما متحيزة لإسرائيل بينما هي ـ حسب السياسة التي لا نعرفها ولا يعرفها غيرنا ـ وسيط نزيه محايد وموضوعي، وبصعوبة تستطيع أن تمنع نفسها عن التخلي عن النزاهة والدخول في حلف مع العرب ضد إسرائيل.
ما يقوله بريجنسكي، باعتباره واحدا من أهم السياسيين الذين ساهموا في صنع السياسات والقرارات الأميركية في المنطقة ذات يوم، يجعلني أقول ربما خدعتني جهات معينة وجعلتني أعتقد خطأ أن الولايات المتحدة مظلومة حين تتهم باستخدام حق النقض في وجه كل القرارات الدولية التي كانت تهدف إلى منع إسرائيل من التهام أي حق عربي أو فلسطيني أو حتى مجرد لومها أو تأنيبها أو إغضابها من قبل أية لجنة دولية، لا تحل ولا تربط ، كما كان الحال مع لجنة التحقيق في مجزرة جنين أو تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي عن مجزرة قانا 1996 .

ربما ينسحب سوء الفهم هذا وما يترتب عليه من ظلم للولايات المتحدة الأميركية على قضايا كثيرة لن يكون أولها الموقف من قضية التغيرات المناخية ومعاهدة كيوتو وما يعنيه ذلك من أنانية وعداء للحياة كلها، كما لن يكون آخرها العمل على إلغاء السيادات الوطنية في العالم لصالح حريتها في العربدة أينما وكلما شاءت وحسب القوانين التي تضعها هي. ويتبادر إلى ذهني أيضا أن سوء الفهم يمتد أيضا ليشمل ما يسمى " القيم الأميركية " من ديمقراطية وحرية وتسامح والتي لا أشك أن الأميركيين ينعمون بها. ولكن ما يعنيني هو ما أراه أمام عيني من تدمير دول وتعذيب وحشي لم يقدم الحكام المستبدون والمتخلفون، الذين برعوا في استخدام منجزات الغرب وأميركا ذاتها كأدوات في جلسات التعذيب الوطنية، ما هو أسوأ وأبشع منه. والفرق بالنسبة لنا هو في الاسم فقط، فهذا يمكن وصفه ب " التعذيب الديمقراطي المتحضر " وذاك اسمه " التعذيب الدكتاتوري المتخلف"، لكن الطعم واحد والموت واحد.

لسوء حظ الشعوب الضعيفة المكشوفة الظهر أنها مجبرة على التعامل مع هذا الوجه القبيح من السياسة والقيم الأميركية التي اقتصرت كل حواسها على حاسة الشم التي لا تشم إلا رائحة النفط والبارود. ولذلك هي ماضية كما تريد لها الإدارة الأميركية الحالية إلى تدمير العالم كما يقول نعوم تشومسكي الأميركي الذي يمثل صوت الضمير الإنساني غير الملوث والذي ربما يكون الوجه الآخر للقيم الأميركية التي لم تأت إلى بلداننا و لم يكتب لها أن تدخل كواليس صنع القرار الأميركي.

هذا التناقض بين ما نسمعه من الساسة الأميركيين وبين ما نراه على الأرض يجد الحل عند تشومسكي ذاته كما يروي عنه الأستاذ أحمد فرحات في صحيفة الوسط ذاتها " بريجنسكي ثعلب سياسي يقول شيئا ويمارس عكسه، لا بل ينظّر للرؤية السياسية ولما يعاكسها في آن واحد." وهذا برأيي ينطبق على غيره أيضا، مع الأخذ بالاعتبار أنه مجرد ثعلب خارج دائرة صنع القرار، لكنه ذئب مخيف حين يكون داخلها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا