الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأدب فاكهة شهور الظمأ المحرمة: المكتبة العامة، جنة القراء الصيفية

نائل الطوخي

2007 / 7 / 10
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الأدب هو فاكهة القراء الصيفية. هو بالتحديد مايدلل به القراء أنفسهم بعد أشهر طويلة من الدراسة والعمل، فطيلة شهور العام، كانت الفاكهة الأكثر إرواء هي الفاكهة المحرمة عليهم، والآن يحين وقت تناولها. يدخر بعض القراء كتبهم لقراءتها في فصل الصيف، البعض الآخر ينظم رحلات لشراء الكتب، خاصة مع بدء طرح مشروع مكتبة الأسرة في السوق، ولكن جزءا كبيرا من القراء، يفتتح رحلات حجه اليومية إلى المكتبة العامة. الطريق للمكتبة العامة في الصيف مرهق وشاق، في درجة حرارة لا تقل عن أربعين، غير أنه على قدر المشقة يكون الثواب، رواية ضخمة يسرح القارئ في أحداثها. يضع نفسه في مختلف البيئات التي تصفها الرواية، وبالأخص البيئات الباردة منها!، ولكن ربما الأهم من الكتاب في حد ذاته هو شيء آخر بعيد تماما، تكييف مركزي تتمتع به كثير من المكتبات العامة في مصر. فور انتهاء يوم القارئ ولدى خروجه من المكتبة يكون قد نسى أنه في أشد فصول العالم الحرارة. هكذا تصبح المكتبة، لأسباب مختلفة، هي جنة الصيف المشتهاة.
تختلف نوعية الخدمات التي تقدمها المكتبات العامة لجمهورها، مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك مثلا لا تقوم بإعارة الكتب وإنما تسمح تصويرها، وهو ما يخلق ضغطا شديدا على المكتبة في الشتاء، وبالتحديد أيام الامتحانات، حيث يلجأ إليها الجميع خاصة أيام الامتحانات، ولشدة ازدياد الضغط على قسم التصوير يكون التصوير وفق ترتيب الحجز. يقول أحد المشرفين في المكتبة: "نحن كمشرفين نفضل التصوير أكثر أيام الشتاء حيث يؤدي إلى أن ينهي الباحث مهمته سريعا، بدلا من أن ينقل صفحات كاملة من الكتاب، حيث يعطي فرصة لمستفيد آخر لكي يدخل المكتبة." من هنا نأخذ فكرة عن الجمهور الشتوي للمكتبة والذي ينتظر دوره للدخول واقفا في الطابور، وهو ليس مجازا، مقارنة بالصيف، حيث تبدو المكتبة أكثر هدوءا وراحة، تبدو مكانا مناسبا لقضاء وقت ممتع. ألتقي بأحد القراء فيخبرني أنه جاء مع أصدقائه في المكتبة لأنهم أقنعوه أنها سوف تكون رحلة ممتعة. وقارئ آخر يبدو ناقما على الجرد السنوي للمكتبة. يبدو أن الأدب، الفاكهة المحرمة طيلة العام، ظلت محرمة في فصل الصيف أيضا. يقول: "قراءاتي في فصل الصيف تتوقف على الأقسام المغلقة في المكتبة. الآن هناك جرد في قسم التاريخ، وأغلقوا قسم الأدب معه منذ ثلاثة أشهر. لذا ألجأ للقراءة في السياسة. يضاف إلى ذلك أن الكتب الأدبية متاحة للبيع بالخارج، أما الكتب السياسية فهي لا تباع وأسعارها غالية، لذا أنتهز فرصة الأجازة الصيفية للمجيء لقراءتها هنا."
يبدو الجمهور كذلك أكثر نوعية في فصل الصيف. يقول البسطاوي محمد مشرف القاعات المتخصصة في مكتبة القاهرة الكبرى: "نوعية جمهور الصيف تختلف عن جمهور الشتاء. في الصيف هناك قراء عاديون ومستفيدون وباحثون وناس على المعاشات." أسأله عن نوعية الكتب المطلوبة في الشتاء والصيف: "في الشتاء كتب متخصصة، تفيد الباحث، أما في الصيف فكتب عامة، طبية وثقافية وأدبية." أما المشرف على قاعة العلوم الإنسانية في المكتبة فيقول أن القراء في هذه القاعة في الصيف هم أكثر استخداما للكتب الدينية والأدبية"، أما في الشتاء فالأكثر استخداما هي الكتب الدينية والتاريخية، حيث هي التي يستخدمها الباحثون أكثر في أبحاثهم. الجرد في المكتبات يتم على الدوام في فصل الصيف، وهذا يعود كما هو واضح لقلة الاستفادة من المكتبة في فصل الفصل، يضيف أن الجرد يتم بشكل متوالي، قسما قسما حتى يسببوا أقل قدر من الضرر للجمهور.
نظام مكتبة مبارك يختلف عن مكتبة القاهرة، فهي تسمح بالاستعارة، لذا لا يحدث التفاوت الشديد في عدد الزوار بين فصلي الصيف والشتاء، وإن كان على عكس مكتبة القاهرة، فعدد الجمهور في الصيف أكثر منه في الشتاء. الاختلاف بين الجمهورين يصبح أكثر وضوحا في قسم الأطفال، فبسبب النشاطات التي تقدمها المكتبة للأطفال يزداد عدد الأطفال كثيرا في الصيف، من هنا يبدأ تعرفهم على الكتاب. تقول دعاء المسئولة عن قسم الأطفال لي أن الكتب التي عليها الإقبال أكثر في فصل الصيف هي القصص بشكل عام: "القصص المصورة مثل ميكي وسوبر مان. وكتب الفيكشن بشكل عام، رجل المستحيل وهاري بوتر، بالإضافة إلى القصص العالمية المترجمة مثل سنووايت وسندريلا والفرسان الثلاثة". وهذا على العكس مما هو الحال عليه في الشتاء حيث يصبح الإقبال أكثر على الكتب العلمية التي يعتقد أولياء الأمور أنها أكثر إفادة للطفل في دراسته.
أما في قسم الكبار فلا يختلف الأمر كثيرا. الأدب أيضا هو ما يفضله قراء الصيف. تقول دعاء المسئولة عن قسم الكبار: "الكتب الأدبية الكلاسيكية بشكل عام يقرأها قراء الصيف مثل توفيق الحكيم وأنيس منصور، بينما الكتب التي عليها الإقبال الأقل هي العلوم الاجتماعية والاقتصاد والتعليم، وهي ما يطلبها القراء بشكل أكثر كثافة في الشتاء." الجرد يتم في مكتبة مبارك كل عام في شهر 12، ولهذا دلالته، حيث يقل الإقبال بشدة في هذا الشهر، وفي الشتاء عموما، هنا بالتحديد، تبدو مكتبة مبارك وكأنها نجحت في تحويل القراءة لمتعة حقيقية، يلجأ إليها القراء في أوقات الأجازة، أما مكتبة القاهرة فلم تفعل إلا أن استثمرت الجمهور الأصلي من الطلبة والباحثين. الهدوء والجو المناسب يدفعان كثيرا من الباحثين للمجيء للمكتبة لمراجعة دراساتهم. أسألها: "وماذا لو تعطل التكييف؟ فتجيب بابتسامة: "هذا يحدث أحيانا وربما لأكثر من يوم، ولكن الجمهور لا يتوقف أبدا عن الحضور."
مكتبة مصر الجديدة التابعة لجمعية الرعاية المتكاملة هي نموذج جيد لمكتبات الرعاية. تنقسم المكتبة إلى قسمين، قسم للأطفال وقسم للكبار، وبسبب قلة قاعاتها تم تقليل سن رواد قسم الكبار إلى سن 14 عاما، وبالتالي فإن رواد فترة الصيف لمكتبة الكبار هم جمهور المراهقين في الغالب، الذين ينتهزون فرصة الأجازة الصيفية للتمتع بالقراءة. يقول كارم المسئول عن قسم الكبار أن هذا الجمهور الصيفي يقبل أكثر على الأعمال الأجنبية، مثل أعمال تشارلز ديكنز وشكسبير و رواية هاري بوتر، بالإضافة إلى كتب الفنون مثل الديكورات على سبيل المثال. بينما يقل نوع آخر من الجمهور، جمهور شتوي إذا جاز التعبير، أناس من أصحاب المعاشات يكثرون في فترة الشتاء، ويقلون في الصيف، بسبب حضور الأطفال: "هم يأتون وما أن يرون ضجة الأطفال حتى ينصرفون من تلقاء أنفسهم". أما الباحثون وطلبة الدراسات العليا فهم جمهور المكتبة العادي وهم في الغالب يفضلون كتب السياسة والاقتصاد والكتب المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال الشوارع. "فهذه هي مواضيع الساعة بالنسبة للعلوم الاجتماعية."










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا