الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أين نبدأ ؟

ناهد نصر

2007 / 7 / 11
الادب والفن


الشاطئ الرملى الممتد بطول المدينة الصغيرة... أنا وأنت والبحر... كلهم رحلوا وبقى الليل لنا... المراكب تستجم تحت اشرعتها المسترخية فى هدوء، بعد نهار طويل من التبختر... الطرقات الضيقة المبلطة بالتاريخ تستريح من وطأة السائرون، سائحون، مهاجرون هائمون فى أيامهم الأولى بحثاً عن طريق، سيارات، دراجات بخارية وقطط.
ثم نحن... أنا وأنت. من غيرنا فى هذا الليل يستبيح خلوة المراكب بالأشرعة، وسكون الطرقات. من غيرنا الآن يتلصص على ثنائية العناق الهادئ، القمر للبحر والبحر للقمر. وكيف واتتنا الجرأة على فضح الطبيعة وهى تسرق ساعات قليلة بعيداً عن تنطع البشر والطيور وأشعة الشمس التى تتسلل إليها بين الحين والحين.
هل يقدر هذا البحر الواسع أن يميز بين اثنين قدما من يابستين تطلان عليه. هل تملك امواجه الهادئة ان تكتشف من أين جاء كلانا. أقصد بملابس خفيفة وذاكرة مختبأة وبلا جوازات سفر. أحس بحيرتك أيها البحر، فهل تشعر أنت بجهودنا المريرة لصنع ذاكرة جديدة وصغيرة تسع فقط هذه الليلة. لماذا كلما هممنا بالحديث تواتينا حكايات بلاد بعيدة ونساء ورجال وأطفال.. لماذا تراودنا سيرة الألم ووطأة التاريخ.
هل هو الخوف من الصباح الوشيك، حين تباغتنا من جديد ذاكرة النهار. هل هى عقارب الساعة حين تبدأ العد التنازلى نحو مواعيد الإقلاع والهبوط. أم هى الحقائب النصف مفتوحة والهدايا النصف مغلقة تثبتنا فى المكان....
كيف يمكن ليد مثلاً أن تفضح جنسية قبلة. أم أن الجسد يخون الذاكرة أحياناً؟ ولماذا يتواثب ظل زيتونة محترقة كلما حاولت رسم حديقة وهمية لكلينا، مؤقتة. لماذا تفكر العينان مرتان قبل أن تحتسى اللمعة المبهرة فى عينيك... بينما تتبخر؟
الشمس توشك على الصعود، بينما لازلنا نجاهد هنا.
هل ينبغى على اثنين... اثنين فقط تحمل ذنب اشتعال الحرائق، وانفجار البراكين ورائحة الدم.... كيف ونحن قريبان جداً حد الإلتصاق تقف بيننا نشرة الأخبار...؟
الشمس توشك على الصعود وجسدان تمثالان مزروعان أمام البحر... كفان ينتحران اشتباكاً، وأربعة عيون معلقة فى المدى...
الشمس هناك بينما تتبخر أوهام الذاكرة الجديدة
الشمس.. الشمس، والبحر كاد ينتهى من سيمفونية العناق، واشرعة المراكب المتهدلة تهتز قليلاً استعداداً ليوم جديد، بينما الطرقات تكشف تدريجياً عن أعضائها التى توارت فى الظلام....
وها نحن عائدان من جديد.... بل من قديم عائدان...
فلنبق هنا.... هل قلت ذلك حقاً؟ ذراعك حول كتفى، وذراعى حول خصرك.... هل كنت تتحدث إلى المدى ... أم تتوسل إلى الصباح الوشيك...
فلنبق هنا ... هل تريد تحميل البحر مسئولية عدم قدرته على فهم الخرائط واستيعاب معانى الحدود؟؟؟ أم تلوم الشمس لأنها لا تفهم كم من الوقت تستغرقه حياكة ذاكرة جديدة؟
قلتها بينما كانت خطواتنا المترددة تقرر عنا...
كانت الطرقات ضيقة وغريبة.... بموازاة البحر... "فليأخذنا اينما يشاء" لكننا كنا نعلم أنه سيأخذنا تماماً حيث نريد.... سلكنا أزقة ملتوية.. درنا مرات حول أنفسنا عائدين إلى نقطة البداية... صعدنا سلالم ... مررنا بساحات ومحال مغلقة وكنائس وأبنية.... لكن رائحة البحر كانت تهدينا.... ذراعك حول كتفى ... وذراعى حول خصرك... ورائحة البحر....
اليوم حين وصلتنى رسالة منك بلا ظرف... صورة بحر وسماء ومركب صغير "لازالت رائحة البحر تملأ أنفى" وإمضاءك...... عرفت أننا لم نفشل تماماً... وأننا فقط نحتاج إلى بعض الوقت وبعض البحر وكثير من السلام ... لنبدأ من جديد

ناهد نصر
9 يوليو 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا