الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسامحوا مع الحياة..فالعراق والعالم بخير

يارا رفعت

2007 / 7 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم التخوف من المستقبل، قريبا كان أم بعيداً، وما يرافقه من تصورات عن الحاضر مبنية على ارضية من اليأس، ربما يتفاجأ البعض إذا علموا أن العالم لازال بخير، وهو يمضي نحو التحسن.
قد تبدو هذه الحقيقة مزحة إذ تصدر عن وجهة نظر عراقية، فالعراق بلد قاتم المعالم يعمه الفقر، يبدو حاضره على أنه مجرد بلد الجثث المجهولة الهوية والملايين المهاجرة والمهَجَرة، وجمهورية الأرامل واليتامى، بيئته ملوثة، يسوده الفقر. لكن هل هذا فعلاً كل شئ عن العراق! الجواب نعم بالنسبة لذوي التصورات الضيقة، والإعلام المنغلق. والجواب لا بالنسبة لذوي التطلعات الدقيقة والشاملة ممن يدرسون كافة الجوانب ولا يركزون على إحداها مع إهمال الأخرى في مجموع التفاصيل المريرة. إذ ليس بالضرورة أن يكون مجمل واقعنا كارثي لأن أجزاء ذلك الواقع كلها مأساوية، فمن وجهة النظر الجشطالتية الكل ليس مجرد مجموع أجزاءه. والمنظور العراقي الجديد لم يتجسد شكله النهائي بعد لنحكم عليه بالفشل، رغم كل الأرواح التي زهقت وكل الخراب الذي حل، مع تدخلات الباحثين عن مصالحهم، لكن لازال العراقيين يحفرون الصخر، وسينجحون، وعندها يمكن تقييم مدى الحاجة للتسامح مع الحياة، إذ سيكون العراق بألف خير.
ينقسم البشر، في عصرنا الحالي ما بين محبين للحياة ينظرون إلى أوضاع العالم من منظار عقلاني تدعمه الحقائق والأرقام فيرونه بخير رغم كثرة التحديات. وآخرين متشاءمين حيال المشكلات العالمية لايعون أننا نعيش على كوكب الأرض ولسنا في الفردوس، فيبقون على ذلك الصراع الحدي ما بين ثنائيات على شاكلة الخير والشر. ويتخبط ما بين هذا الرأي وذاك قضايا وآراء وسياسات ومصطلحات وأطراف تتحمل اللوم أو تحمل غيرها مسؤولية الأزمات التي تعيشها شعوب العالم. ولعل في مقدمة الأطراف التي يوجه لها اللوم هي الدول المتقدمة والغنية المتطبعة بميول السيطرة على الآخر الأدنى نمواً، والاختلاف بين الأديان والثقافات، وسيكولوجية العنف والإرهاب، وتنامي العولمة، والحاجة إلى الحق البشري في الحرية.
برغم التهديد الذي يشكله الإرهابيون، الذين يشيعون الرعب بين الأهالي والحكومات، جراء الفكر الذي تترجمه الأفعال المدمرة، إلاّ أن خطر الإرهاب ليس بتلك الضخامة التي يتم تصويرها. إنما يعيش العالم صراعاً عشوائياً، وليست حرباً بين الغرب والإسلام، ولا هي حرب عالمية ثالثة كما يصورها البعض، ليس فقط قياساً بـ 100مليون شخص وهم عدد ضحايا الحربين العالميتين، وهو رقم أكبر بكثير من ضحايا الإرهاب لغاية اليوم، بل لأن الإرهاب حرب مفتوحة امتدت عبر التاريخ ذاقتها كل المجتمعات، حتى صارت حرب الضعفاء والخاسرين، وليست حرب الثوار الأقوياء.. أصحاب الحق.
وبرغم أننا نعيش في عالم فيه 781 مليون شخص من الكبار الأميين، إلاّ أن الانجازات بالمقابل تبشر بمستقبل يهدف الى نشر التعليم للجميع، كما يعد إعلان منظمة اليونسكو حول التنوع الثقافي سنة 2002 من المنجزات الكبرى التي نبهت الكثير من المؤسسات التعليمية والثقافية في بلدان العالم الى ضرورة التبادل العلمي والثقافي على صعيد الأنشطة والمناهج والطلبة والأكاديميين، مما يعزز تقبل الاختلاف الثقافي ومنه العقائدي بين شعوب العالم.
كذلك تتخبط البيئة ما بين الدمار الكلي، والالتفات الجدي لحل مشاكلها، ولهذا جاء التوجيه الأخير لمنظمة الصحة العالمية، ليشكل الوقود الأنظف ومنه الغاز المسيّل والغاز البيولوجي، أفضل البدائل الصحية للحفاظ على البيئة من التلوث، أي أن الاستثمار في طاقة منزلية أنظف سيعود بمنافع صحية واقتصادية واسعة.
عالمياً قد يركز الناس والمراقبون على جملة من المشاكل تتمثل في الحروب والنزاعات والجوع والفقر والأمية ونقص المياه ومصادر الطاقة، دون تقصي الحقائق والاعتراف بالتغيرات الإيجابية الحاصلة في كل منها. حيث إن فكرة العراق لازال بخير، ومعه شعوب العالم على اختلاف أوضاعها السياسية والتنموية، هي فكرة يتوجب طرحها في المرحلة الحالية ودراسة إمكانيات جعلها واقعاً ملموساً. وهي وجهة نظر لها مؤيدون كثر في أنحاء العالم، منهم أنصار العولمة بفهومها الصحي. ومنهم على سبيل المثال، إيندر إم جوكلاني، العالم المتخصص بشؤون العولمة والبيئة الذي يرى أن وضعية العالم في تحسن، فكتب في العام الحالي 2007 ليقول أن دول العالم أصبحت أكثر علماً وثقافة بوتيرة لم تشهدها من قبل. ويرى إنه من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية أصبح الناس أكثر حرية والكثير من الشعوب يختارون حكامهم ويعيشون تحت حكم القانون ويتمتعون بحرية التعبير. وأنه برغم ازدياد عدد السكان، إلاّ أن عمر الإنسان ازداد ليتعدى الضعف،حيث ارتفع من سن 31 في العام 1900 إلى 67 في الوقت الحالي. وفي الدول النامية،انخفضت نسبة السكان الذين يعانون من الجوع المزمن من نسبة 37% إلى 17% بين الأعوام 1970و2001، وانخفضت النسبة المئوية للسكان في فقر مدقع في هذه الدول الى النصف منذ مطلع الثمانينات. وازداد عالمياً متوسط الدخل السنوي للفرد بالدولار بمقدار 3 أضعاف منذ 1950، ومع أن الأفراد يعملون اليوم بساعات أقل، لكنهم يملكون أموالا أكثر ويتمتعون بصحة أفضل ويستمتعون بأوقات فراغهم أكثر من أسلافهم. ويرى جوكلاني بأن المجتمعات الحالية أكثر اهتماماً بمشاكل البيئة، ويوفر كلا من التطور الاقتصادي والتقدم التكنولوجي حلولا لتلك المشاكل، بعد أن كانا يخلقانها سابقا. وهو يرجع أسباب تأخر رفاهية الانسان في العالم العربي وجنوب الصحراء الكبرى الافريقية، الى دورة التقدم التي يجري تحريكها من قبل شبكة من المؤسسات الأساسية وبوجه خاص حقوق الملكية والأسواق الحرة.
كل ذلك لايعني التقدم والتحسن العالمي المطلق، مثلما لايمنع بالمقابل مواصلة المساعي لتلافي الانهيار، حيث أن محاربة مشكلة عالمية كالفقر تتم من خلال دعم النمو الاقتصادي والاصلاحات السياسية لنشر الحريات والعدالة في المناطق الفقيرة والمتأخرة والمستعبدة، فالمساعدات المالية التي تتبناها الدول الغنية ليست وحدها الحل، بغياب التعاون الشامل ليبقى العالم بخير، بل ويكون أفضل مما هو عليه الآن.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه