الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة تسقط خيار الدولتين

سامي حسن

2007 / 7 / 11
القضية الفلسطينية


ما هي الخيارات الواقعية للشعب الفلسطيني: دولة واحدة أم دولتين؟ سؤال قديم يجدد طرحه ما آلت إليه التسوية مع إسرائيل والأحداث المتلاحقة منذ اتفاقيات أوسلو وحتى الآن فشل مفاوضات الحل النهائي، الانقلاب على أوسلو لصالح خارطة الطريق، تزايد الاستيطان والتهويد ، الجدار العازل وتحويل الضفة إلى كانتونات، اغتيال ياسر عرفات، استمرار اسرائيل بسياسات القتل والاعتقال والعدوان والحصار،الصراع المسلح على سلطة الحكم الذاتي بين فتح وحماس وما شهدته غزة والضفة مؤخراً........)
واليوم فإن ما شهدته غزة والضفة من صراع مسلح على سلطة الحكم الذاتي بين فتح وحماس والآفاق والنتائج المفتوحة غير الواضحة لهذا الصراع قد دفع السؤال حول خيارات الشعب الفلسطيني إلى الواجهة ليس من قبل النخب والقوى السياسية الفلسطينية بل كل الفلسطينيين وفي كافة أماكن تواجدهم.
قبل أحداث غزة الأخيرة لم يكن أنصار خيار الدولتين يخفون إحباطهم وتشاؤمهم من المصير الذي وصل إليه هذا الخيار، بعضهم حمل إسرائيل المسؤولية عن ذلك، والبعض لآخر أضاف إليها الولايات المتحدة، والبعض أضاف إليهما سوء إدارة وقيادة السلطة للصراع وللمفاوضات.... ولكنهم جميعاً، إصلاحيين وراديكالين، لم يصلوا حد القطيعة مع هذا الخيار معتبرين أنه الخيار الأكثر واقعية
أما الرافضين لهذا الخيار من أنصار خيار الدولة الواحدة فكانت مبرراتهم الدائمة هي أن خيار الدولتين يجزئ المشروع الوطني الفلسطيني وينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني ويقر بمشروعية الكيان الصهيوني و....، ويشككون أساساً وبالاستناد إلى تتابع الأحداث التي أشرنا إليها بإمكانية تطبيق هذا الخيار ليصلون إلى نتيجة أن هذا الخيار لم يعد واقعياً كما يقول أنصاره؟ وأن ما حصل في غزة مؤخراً إنما هو نتيجة لتبني هذا الخيار؟
على كل فإن واقع غزة اليوم ربما يقدم دفعاً إلى الأمام لأنصار خيار الدولة الواحدة، فلطالما تحدث أنصار هذا الخيار عن أن الدولة المستقلة في حال قامت وبغض النظر عمن يقودها، ستكون دولة هزيلة مجزأة ،ذات سيادة شكلية، خاضعة اقتصادياً وحياتياً لإسرائيل، وغيرها من الصفات التي تنفي عنها صفة الدولة المستقلة المتعارف عليها. إن غزة اليوم هي نموذج لما سيكون عليه واقع الدولة المستقلة العتيدة في حال قيامه، ولكن لماذا غزة وليست الضفة هي النموذج؟ا ببساطة لأن غزة لا يوجد فيها قوات احتلال هذا أولاً، ولأنها باتت اليوم تحت سيطرة حركة حماس التي كما تقول ترفض التنازل والتبعية والسيادة الناقصة، وأن خيار الدولتين هو مرحلي ولا يتناقض مع الخيار الاستراتيجي بتحرير كل فلسطين؟ ما نشاهده في غزة اليوم هو انتهاك كامل لسيادة الدولة العتيدة من جميع حدودها، وتظهر بشكل واضح من خلال الاجتياحات المتكررة ، إغلاق المعابر، تجويع الفلسطينيين ومحاربتهم باحتياجاتهم اليومية الأساسية،....
وقد كان رد دولة غزة وسلطتها على ذلك أنها لا تستطيع إيقاف هذه الاجتياحات، ولا تستطيع فتح المعابر، ولا تستطيع إجبار إسرائيل على تزويد غزة بالماء والكهرباء والوقود إلا بمقايضتها بالمقاومة؟! وهو ماهددت به حماس مؤخراً بأن إسرائيل لن تنعم بالأمن إذا ما جاعت غزة؟!
باختصار شديد فإن الدولة المستقلة في حال قامت ستكون دولة خاضعة كلياً وعلى جميع المستويات لإسرائيل التي سيكون بيدها وحدها إرادة حياة أو موت هذه الدولة؟! وإن هذه الحقائق تجعل من مراهنات البعض على الزمن لتحويل الد ولة الوليدة إلى دولة قوية ذات سيادة تفرض على إسرائيل علاقة الند مجرد أوهام لا أساس لها في الواقع.

خيار الدولة الواحدة.. من اليوتوبيا إلى الواقع:
نشر الموقع الالكتروني لحزب الشعب الفلسطيني بتاريخ 18-6-2007 مقالاً يستحق القراءة والدراسة للسيد نعيم الأشهب بعنوان: حول شعار الدولة الديمقراطية أو الدولة ثنائية القومية، حيث يسأل فيه الكاتب: هل حقاً ان خيار الدولة الديمقراطية او الدولة ثنائية القومية خيار قائم، في المرحلة التاريخية التي نعيشها، ويمكن اعتماده، باعتباره قابلاً للتحقيق اذا فشل خيار الدولتين؟ هذا أولاً، وثانياً: هل حقاً ان الأمر يتوقف على تحولنا من خيار الدولتين الى خيار الدولة الديمقراطية او الثنائية القومية، حتى يغدو الأخير خياراً واقعياً قابلاً للتحقيق؟
ونحن هنا لسنا بمعرض النقاش التفصيلي لمقال السيد نعيم الأشهب على أهمية المقال ولكن ما يلفت الانتباه هو تمسكه بخيار الدولتين بالرغم من وصول هذا الخيار إلى طريق مسدود كما يبين هو في المقال، وبالرغم من قناعته بأن إسرائيل وأمريكا لا تريدان السلام؟. وفي سياق المقال يعرض السيد نعيم الأشهب للأسباب التي تجعل خيار الدولة الديموقراطية غير واقعي في الظروف الراهنة والتي منها: أن هذا الخيار يعني نهاية المشروع الصهيوني وبالتالي فإن غالبية الاسرائيليين ومعهم أمريكا يرفضون هذا الخيار ناهيك عن عدم سماع المجتمع الدولي بهذا الخيار الذي كما يقول يحتاج تحقيقه إلى بذل جهود مضاعفة عشرات المرات عن الجهود المطلوبة لتحقيق خيار الدولتين؟ ولا ينفي الكاتب أنه بالامكان تحول شعار الدولة الديموقراطية أو الثنائية القومية إلى إمكانية واقعية في الأفق البعيد، ولكن بعد أن يغدو للشعب الفلسطيني دولته المستقلة والمزدهرة؟ ولكن هل تقبل إسرائيل أساساً بدولة فلسطينية بهذه المواصفات؟ وهل ستقف مكتوفة الأيدي تتفرج على هذه الدولة وهي تنمو وتزدهر؟ ألا تشير الوقائع والممارسات الاسرائيلية إلى استحالة ذلك كما يبين الكاتب نفسه في أكثر من مكان في هذا المقال؟ فلماذا هذا التناقض؟
إن المشكلة مع أنصار خيار الدولتين تكمن في قراءتهم الواقع بشكل انتقائي غير موضوعي، وفي طريقة تفكيرهم التي يغيب عنها جدل تحويل اليوتوبيا إلى واقع من خلال اشتقاق برامج ومهمات مترابطة وعملية و ذات طبيعة تراكمية والذي نجحت به كل حركات التحرر في العالم إلا حركة التحرر الفلسطينية بالرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها الفلسطينيون على مدى 59 عاماً من عمر نكبتهم ، والتي بلغت مئات الآلاف من الشهداء والأسرى وربما تجاوزت المليون؟ دون أن نحرر شبر أرض واحد تحريراً حقيقياً، ولكننا حققنا مكاسب معنوية هامة ينبغي عدم الاستخفاف بها كما يقول السيد نعيم الأشهب؟!
إن الواقعية لا تعني التخلي عن الحقوق، ولا الرضوخ لموازين قوى قائمة، والتعاطي معها وكأنها قدر، بل تبني الخيارات والمهمات التي يطرحها الواقع، وعندها يكون من واجبنا العمل من أجل تغيير موازين القوى، وإزالة العقبات التي تحول دون تحقيق هذه المهمات.
إن اليوتوبياً تكمن في استمرار المراهنة على خيار الدولتين غير القابل للتحقيق أما خيار الدولة الواحدة الديموقراطية العلمانية فهو يوتوبياً ولكن إمكانيات تحولها إلى حقيقة هي قائمة في الواقع لأنه خيار يقوم ليس على تعزيز المقاومة الشعبية في الضفة والقطاع والقدس وتمسك الفلسطينيين داخل " إسرائيل" بحقوقهم وهويتهم وتمسك الفلسطينيين بالشتات بهويتهم الفلسطينية و بحقهم في العودة فحسب بل يراهن ويعمل على إحداث تحولات داخل المجتمع الاسرائيلي بمعنى أنه يوسع مفهوم المقاومة للمشروع الصهيوني ليشمل كل الأرض الفلسطينية وليشارك فيه كل الفلسطينيين إضافة إلى الاسرائيليين الرافضين للفكر الصهيوني العنصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف


.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟




.. بيوت منهوبة وافتقار للخدمات.. عائلات تعود لمنازلها في أم درم


.. زلزال قوي يضرب غواتيمالا




.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا