الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزعيم الاوحد نستذكره في زمن الديمقراطية المرة

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2007 / 7 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ارتبطت مفردة الزعيم في ثقافتنا العراقية وخاصة الشعبية منها بـ ((عبدالكريم قاسم )) من دون سواه ....
وزعامة عبد الكريم قاسم ((العسكرية بالأصل)) هي غير الزعامة التي ترتبط بالدكتاتور الدموي الذي تصوره لنا ميثولوجيا الواقعية السحرية لادب اميركا اللاتينية في قصص استورياس وماركيز وغيرهما.
ولاهي تلك الزعامة المزيفة للجنرالات المزورين لرتبهم الذي ورثوا حكم قاسم بعده وهي تلك الصورة الوحشية الاستبدادية التي تختزل الامة وتاريخها وثرواتها بذات الزعيم الدكتاتور الذي يحتوي الجميع فلا تظهر في المرايا الا انعكاس صورته وجبروته وسطوته اللامتناهية وبصماته الدموية.
بينما الزعيم عبدالكريم قاسم عاش في الذاكرة الشعبية كنصير للفقراء والمحرومين ولم تزل هذه الصورة حتى بعد مماته حيث انتقلت بعد موته الفجائعي لتستقر على قمر الفقراء وتسكن احلامهم المؤجلة ومن هنا سجلت زعامته الفريدة حضورا ومعنى خاصا انفرد به قاسم عن اصناف الزعماء الذين تحدثنا عنهم قد يختلف مؤرخو سيرته والتاريخ بتقييم مواقفه ونواياه وتوصيف الثورة التي فجرها بثورة او انقلاب.
غير أن وطنيته الخالصة وانحيازه للعراق وطنا وشعبا وامة وزهده الصارخ وعدله الحازم وامانته لشعبه.
يكاد يتفق عليها الجميع خصوما واصدقاء وهي صفات انفرد بها الزعيم لوحده من دون سواه بتاريخ العراق المعاصر من حكامه وجعله رمزا من رموز العدالة الاجتماعية التاريخية اسوة بنماذجها التاريخية المعروفة وزهادها كابو ذر وعمار وغيرهم، اذن الزعيم قاسم في ثقافتنا هو زعيم باستحقاق الرتبة العسكرية التي نالها بجدارة من الكلية العسكرية العراقية ونال بعدها ارفع الاوسمة والانواط بمعارك الشرف الوطنية والعربية قبل ان يهدر شرف الانواط على ايدي الزعيم المزيف ليوزعها بالاكوام جزافا.
والزعيم قاسم هو ذلك الكائن الاسطوري الذي تقمص الفقراء العراقيون هما ووجعا وامالا فانشأ لهم مجمعات سكنية لائقة على خاصرة العاصمة المحذورة عليهم من قبل لتبقى شاهدة تاريخية على مروئته ووطنيته فظلت صورة الزعيم الذي اخفوا معالمها في النهر ماثلة على احياء الفقراء اي تسور العاصمة التي لم تنشئ بناء ولا جسورا بعده الا لإظهار جبروت السلطة او الا استعراض لبهرجتها في قصورها الرئاسية والعمارات الملحقة بها لكلاب حراستها .
قديبدو الاحتفال السنوي بالزعيم والتغني بمآثره تجليا لعقدة كربلائية عرف بها العراقيون بالتوبة عن الخذلان وعدم النصرة وقد يبدو الاحتفاء بالزعيم هو حنين للحاكم العادل الاستثنائي في تاريخنا القديم والجديد او يبدو انعاكسا للحظة الراهنة التي يرتد فيه التفكير الجماعي لبطريركية الحاكم الابوي الذي يعطي للامة فرصة السلام والامن المفقود ويؤمن لها قوتها اليومي.
والاهم من ذلك انه يبدو الاحتفال بالزعيم منافيا لمنطق الثقافة الديمقراطية وانتشارها في العالم لان التغني بمأثر الزعيم الاوحد يفارق الديمقراطية بالياتها وملامحها في حراك الاحزاب والمجتمع المدني وغيرها الا ان الحالة مع قاسم تختلف جدا فبرغم ما يقال عن شطحاته في السياسة وافراطه في الرأفة والرحمة والتي تنافي منطق السلطة والاحتفاظ بها الا ان ثمة نقاطاً ومؤشرات لايمكن تجاوزها وانت تمر بذكرى حدث بطراز ((14) تموزواهمها:
الوطنية الصميميةفي السياسة واللبرالية في الثقافة حيث ارسى حجر الجامعة الاول وعين لها رئيسا مواطنا عراقيا من الطائفة المندائية واسس اول نقابة للصحفيين العراقيين واول اتحاد للادباء واسند رئاستهما للشاعر الجواهري واجاز المئات من الصحف الحزبية وغيرها واختاروزراءه على اساس الكفاءة والاخلاص الوطني والدرس الاهم من ذلك كله هو عراقيته التي لم تعرف لونا مذهبيا او قوميا او انحيازا عرقيا حتى تخدش هذه الوطنية النادرة للدرجة التي عجز بها مرافقه الشخصي عن معرفة ميوله المذهبية وطريقة ادائه لطقوسه العبادية فلو استبقينا من سيرة الزعيم الحافلة بالنبل والمواقف الوطنية هذه الثيمات فقط والتي لن تتعارض مع اي توجه لدمقرطة المجتمع ولاثقافته المدنية لأعطينا الزعيم بعضا من حقوقه المهدورة واعدنا له شيئا من الاعتبار الذي اثلمته الاقلام المأجورة لكتاب السيرة المزورة للزعماء الزائفين الذين جاؤوا بعده.
ولو توقفنا اليوم عند خصلتين فقط تميز بهما قاسم كحاكم وهما عفة اليد ،ووطنيته الخالصة. لعرفنا كم نحن بامس الحاجةلهذه الذكرى وعبرتها في مرحلتنا الملتبسة والحافلة باللصوص والخائنين لوطنهم والام شعبهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة