الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفعة الوطن والمواطن تسبق طموحات النواب

عبدالهادي مرهون

2003 / 9 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية



لافتة للنظر فعلا، هي التجاذبات الشخصية التي يعبر عنها بعض النواب في البحرين بشكل يومي على صفحات الجرائد حتى أصبحت مادة الحديث في مجالس رمضان وبعده لكونها أولا تعبر بجلاء عن طموحات فردية كامنة ثم لأنها متغيرة يوميا كما هو حال أسعار الأسهم في البورصة. لكن الذي يبعث على القلق فعلا هو ما توحي به التجاذبات للمواطن من أن نواب المجلس لم يعد يشكل لهم بناء ورفعة هذا الوطن وتعزيز حقوق مواطنيه من أولوية كما وعدوا ناخبيهم قبل وأثناء 24 ــ 31 أكتوبر 2002، بل إن ضمان مواقع نفوذهم ومحاصصة فئاتهم وطوائفهم وجمعياتهم والتيارات السياسية التي وفرت الدعم لهم هما شغلهم الذي من أجله نصبوا الخيم وصاغوا برامج وكلمات استحوذت على عقول ودغدغوا مشاعر ناخبيهم وأسرفوا في التلاعب بعواطفهم فأين يقع الوطن والمواطن من كل تلك المعارك الكلامية؟
ليست مستنكرة ولا مستغربة تلك المشاورات التي تجرى في السر والعلن لترتيب هيئة مكتب المجلس، فهي توحي بأن النواب قد بدأوا يتمرسون ويألفون أساليب المفاوضة والمحاورة وأحيانا المساومة، وهي كلها من أسس العمل البرلماني والسياسي، كما توحي أيضا أن المجتمع حينما يتابع بشغف المناورات المشروعة وغير المشروعة الجارية منذ مدة بين النواب فإنه يضع يده على قلبه خشية أن يؤدي ذلك إلى بدء تغليب الطموحات بل المطامح الفردية والفئوية على مصلحة الوطن وتقدم المجتمع، وذلك لن يتبدد إلا إذا تنادى النواب منذ الآن وقبل انعقاد مجلسهم العتيد في 14 ديسمبر 2002 إلى المبادرة بمنح أولويات المواطن والمجتمع الأسبقية على طموحات النواب ونوازعهم الفردية، كما جاء في ورقة الأولويات التي تم إقرارها في مداولاتهم بحيث تكون عناوين وعناصر محاورها تعكس تطلعات المواطنين إلى توسيع مناخ الحريات وتعزيز أسس الديمقراطية وسيادة القانون بما يشمل ذلك توطيد الوحدة الوطنية وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والتصدي لكل أشكال ومظاهر الطائفية بين أبناء المجتمع بما يحقق شعار "مع الوطن، ضد التمييز"، واحترام حقوق المواطنين السياسية والاجتماعية والاقتصادية ودعم مكانة المرأة ودورها في بناء نهضة الأسرة والمجتمع بما يوطد أسس تقدم وترسيخ المشروع الإصلاحي والمكتسبات الوطنية التي تحققت على صعيد حرية الصحافة والإعلام والرأي. إضافة إلى ذلك يجب وبالضرورة العمل على تعزيز الدورين التشريعي والرقابي لمجلس النواب من خلال إعطاء عناية خاصة لبحث تعديل مواد الدستور والمطالبة باستعادة المكتسبات التي تضمنها دستور 1973 بما يعزز المشاركة الشعبية للمواطنين في صنع القرار والمساهمة الفعالة في تشريع القوانين التي ترسي إطار دولة المؤسسات لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص.
وبالتوازي مع تلك المحاور يأتي تنشيط وتحريك الأداء الاقتصادي في المملكة من خلال توفير عوامل دعم وتأسيس وحماية المشروعات والشركات الإنتاجية الجديدة وتشجيع رؤوس الأموال من خلال توفير مناخ استثماري مستقر وجاذب وإيجاد خطة اقتصادية واضحة المعالم يشارك في وضعها الخبراء والمعنيون والجمعيات والهيئات الاقتصادية المتخصصة كافة تكون منطلقا لإقرار استراتيجية يناط بها رسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية، مع التصدي لمظاهر الفساد المالي والإداري وحماية المال العام من العبث عن طريق تطبيق مبدأ الشفافية والإفصاح وتطوير الكفاءة الإنتاجية، والارتقاء بمستوى السياسات والخدمات التعليمية والصحية التي بات النهوض بمستوى جودتها محط اهتمام جميع المواطنين لما اعتراها من مظاهر الانحدار وتدني المستوى حتى باتت تقلق مختلف الأوساط الشعبية، مع توفير السكن اللائق للمواطنين من خلال وضع خطط لتطوير وتوزيع وإنشاء المشاريع الإسكانية ووضع معايير تكون محل رقابة لاستفادة جميع المواطنين منها بصورة عادلة ومن دون تمييز، ويترافق مع كل ذلك الدعوة إلى تقليص البيروقراطية الحكومية التي وسعت من عدد الوزارات حتى باتت بلادنا تفوق اليابان في عدد الوزراء وما يتطلبه ذلك من صرف ونفقات تنوء تحت عبئها موارد الدولة.
لكن ما هي الغاية من تلك البرامج؟ وإلى ما ترمي تلك الخطط؟ الغاية هي بناء المواطن الإنسان وتقدمه وعلو شأنه وصون كرامته وعزته، وذلك لن يتحقق من غير العمل بجد لضمان التوزيع العادل للدخل وتوفير الضمان الاجتماعي الكافي لمعالجة الفقر وتدني الأجور مع إعادة تنظيم سوق العمل ومعالجة السياسات الخاطئة المنظمة للعمالة الأجنبية، إضافة إلى التوقف عن الاستمرار في التجنيس السياسي والعشوائي الذي أضحى واحدا من العوامل التي تفاقم مشكلة البطالة وظهيرا موازيا ومساعدا للمعادلة التي يشكل إطارها "زيادة التجنيس تؤدي إلى تفاقم البطالة" وإيجاد آلية حقيقية تعتمدها قمة الهرم السياسي والإداري في المملكة تساعد على دمج المواطنين البحرينيين في الانخراط في مؤسستي الجيش والشرطة لإتاحة الفرصة لهم للإسهام في الدفاع عن أمن واستقرار وطنهم من دون تفرقة أو شعور بالإقصاء. تلك هي الأولويات الحقيقية التي يجب على أعضاء المجلس النيابي أن يولوها جل عنايتهم، لكي يجعلوا منها عوامل موحدة يوطدون بها الأمل في النفوس، باعتبارها قضايا جامعة لا مفرقة وليس الانشغال والاشتغال بالمسائل الصغرى والهامشية التي تضيع الجهد وتزرع التطاحن.
عبدالهادي مرهون
النائب الأول لرئيس مجلس النواب-البحرين
[email protected]

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي: روسيا ليست حاضرة معنا لأنها غير مهتمة بالسلام


.. تصاعد دخان جراء قصف الاحتلال لمباني في رفح جنوبي قطاع غزة




.. اليمن.. عودة طريق تعز الحوبان للعمل بعد 9 سنوات من الإغلاق


.. إلياس حنا: الاحتلال يقاتل في بيئة معادية لا يعرف فيها سوى ال




.. مؤتمر سويسرا.. عملية السلام من دون روسيا لا يمكن أن تستمر| #