الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة محاكمة غاليليو من جديد

رحيم العراقي

2007 / 7 / 13
حقوق الانسان



مؤلف كتاب: إعادة محاكمة غاليليو من جديد 1633 ـ 1992 هو البروفيسور موريس أ. فينوشيارو أستاذ الفلسفة في جامعة نيفادا لاس نيفاس في الولايات المتحدة الأميركية. وهو هنا يقدم لمحة تاريخية عامة عن محاكمة غاليليو عام 1633 وما جرى بعدئذ من أحداث حتى يومنا هذا.
فقضية هذا العالم الكبير ما انفكت تشغل الناس على مدار العصور. ولذلك فيمكن القول بأنه حوكم مرات عديدة لا مرة واحدة حتى تمت تبرئته مؤخرا على يد البابا يوحنا بولس الثاني عام 1992.
ولكن هل كان عالم بحجم غاليليو بحاجة إلى تبرئة الكنيسة التي أهانته وحاكمته قبل أربعة قرون تقريبا؟ ألا يحق له هو أن يحاكمها؟ على هذا السؤال يجيب الكتاب كله بصفحاته العديدة.
قبل أن ندخل في صميم الكتاب يستحسن بنا أن نعطي فكرة مفصلة عن فصوله ومحتوياته. في البداية هناك مقدمة عامة بعنوان: قضية غاليليو من ديكارت وحتى يوحنا بولس الثاني: لمحة تاريخية عامة عن المصادر، والوقائع.
والمشاكل المطروحة.وهنا يعرض المؤلف مشكلة غاليليو على النحو التالي: في عام 1633 وعلى إثر محاكمة طويلة وصاخبة أعلن الفاتيكان إدانة غاليليو بالهرطقة لأنه قال إن الأرض تتحرك وإن الكتاب المقدس لا يشكل مرجعية علمية. وقد صدرت هذه الإدانة عن محاكم التفتيش في الفاتيكان، وهي مشكلة من كبار الكرادلة ورجال الدين المسيحيين المنتمين إلى المذهب الكاثوليكي.
وزاد هؤلاء قائلين: إن الكتاب المقدس (أي التوراة والإنجيل) يقول إن الشمس هي التي تدور حول الأرض، وإن الأرض ثابتة لا تتحرك. فكيف يحق إذن لهذا المدعو غاليليو أن يناقضها؟ ألم يخرج على الدين المسيحي إذا فعل ذلك؟ ألم يصبح زنديقا وهرطيقيا ينبغي إنزال أشد العقاب به؟
ثم يردف المؤلف قائلا: بالطبع فإن غاليليو تراجع عن موقفه في نهاية المطاف. وهكذا نجا بجلده من الحرق أو القتل ولم يحصل له ما حصل لذلك العالم الآخر جيوردانو برينو الذي قطعوا لسانه وألقوه طعمة للنيران لأنه قال بنفس نظرية كوبرنيكوس التي يعتنقها غاليليو...
بعدئذ يتحدث المؤلف بالتفصيل عن حيثيات إدانة غاليليو عام 1633 في الفصل الأول من الكتاب. وأما الفصل الثاني فمخصص لكيفية انتشار خبر إدانة غاليليو في كافة الأوساط العلمية الأوروبية بين عامي 1633 ـ 1651.
ففي ذلك الوقت لم يكن الخبر ينتشر بالسرعة التي ينتشر بها اليوم. كان يلزم عدة أشهر أو حتى عدة سنوات لكي يسمع الناس بخبر كهذا. بالطبع فإن العلماء المختصين سمعوا به بسرعة ولكن عموم البشر لم يسمعوا به إلا بعد زمن قد يطول أو يقصر. عندما نقول بسرعة فذلك يعني خلال أسابيع على الأقل
ثم يتحدث المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب عن ردود فعل بعض الفلاسفة والعلماء الكبار على إدانة غاليليو. نذكر من بينهم على وجه الخصوص رد فعل الفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت. فمعلوم أنه خاف جدا بعد أن سمع بالنبأ وسحب كتابه من المطبعة فورا. وهو الكتاب الذي يؤيد فيه نظرية كوبرنيكوس أيضا مثل غاليليو.
ثم يتحدث المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب عن ردود فعل بعض الفلاسفة والعلماء الكبار على إدانة غاليليو. نذكر من بينهم على وجه الخصوص رد فعل الفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت. فمعلوم أنه خاف جدا بعد أن سمع بالنبأ وسحب كتابه من المطبعة فورا. وهو الكتاب الذي يؤيد فيه نظرية كوبرنيكوس أيضا مثل غاليليو.
ومعلوم أن كوبرنيكوس كان قد قال منذ قرن بأن الأرض تابعة للمجموعة الشمسية وأن الشمس هي مركز الكون لا الأرض، وأن الأرض هي التي تدور حولها على عكس ما توهمنا المظاهر الخادعة عندما نرى الشمس تشرق من الشرق وتغرب في الغرب ونراها وكأنها تتحرك بالفعل. ولكنها في الواقع ثابتة.
ولا نحس بأن الأرض تتحرك أبدا. على العكس نشعر أنها ثابتة تحت أقدامنا وصلبة. والسبب هو أننا نعيش عليها ولا نراها من بعد كما يحصل لنا مع الكواكب الأخرى. وبالتالي فالحواس خادعة وينبغي أن نشتبه بها إذا ما أردنا أن نشكل صورة علمية عن ظواهر الكون.
ثم يضيف المؤلف قائلا: لقد اتهم بعضهم ديكارت بالجبن لأنه سارع بسحب كتابه من المطبعة خوفا من أن يحل به نفس العقاب الذي حل بغاليليو. ولكن هل التهور شجاعة؟ من كان يستطيع أن يواجه آنذاك سيف الكنيسة الكاثوليكية؟
كانت تسيطر على الأرواح والعقول وتستطيع أن تسفك دم أي شخص كان إذا ما أرادت. كانت هيبتها لا تناقش ولا تمس. يضاف إلى ذلك أن ديكارت كان يريد أن يواصل بحوثه حتى النهاية لإفادة شعبه والبشرية. وبالتالي فلو تسرع وقتلوه لكان قد توقف عن الإنتاج ولكانت البشرية قد حرمت من ثمار عبقريته قبل الأوان
فهل هذا ما نريده يا ترى؟ أما كنا خسرنا معظم كتب ديكارت: أقصد الكتب العظيمة التي ألفها بعد عام 1633؟ ولهذا السبب فإن الكثيرين يدافعون عن موقف ديكارت الحذر هذا ولا يتهمونه بالجبن.
على العكس فإنهم يشكرونه لأنه حافظ على نفسه من أجلنا: أي من أجل أن يقدم لنا مؤلفاته الفلسفية الرائعة التي لا تزال تدهشنا حتى اليوم. ومن أهمها كتابه: تأملات ديكارتية.
ولكن البعض الآخر يقول بأن ديكارت بالغ بالخوف بعد سماعه بخبر إدانة غاليليو من قبل الكنيسة المسيحية. فقد أرسل الرسائل إلى أصدقائه في باريس لكي يقولوا بأنه ليس من جماعة غاليليو ولا كوبرنيكوس. وبالتالي فقد بالغ في الحذر وأخذ الاحتياطات العديدة.
مهما يكن من أمر فإن محاكمة غاليليو الشهيرة أرعبت معاصريه. وأصبح بقية العلماء يعدون على العشرة قبل أن يكتبوا حرفا واحدا في الموضوع. ويرى بعض المؤرخين أن تشدد الكنيسة الكاثوليكية تجاه العلماء عائد إلى أسباب تاريخية أيضا، بل وبالدرجة الأولى. وبالتالي فينبغي أن نضع الأمور ضمن سياقها الصحيح لكي نفهمها على حقيقتها.فلا ينبغي أن ننسى أن المحاكمة جرت في أوج حرب الثلاثين عاما. وهي الحرب المذهبية التي اجتاحت أوروبا ودمرتها. وكانت قد جرت بين أتباع المذهب البروتستانتي وأتباع المذهب الكاثوليكي.
وعندما كانت المحاكمة جارية كانت الجيوش البروتستانتية لملك السويد تجتاح ألمانيا وتهدد الكثير من المواقع الكاثوليكية في أوروبا. ضمن هذه الشروط ما كانت الكنيسة الكاثوليكية بقادرة على إظهار التسامح مع الفلاسفة والعلماء. وبالتالي فقد اضطرت إلى إظهار التشدد والحزم حفاظا على العقيدة المهددة من قبل الأعداء
ومعلوم أن العدو الأساسي للفاتيكان أو للمذهب الكاثوليكي كان الإنسان البروتستانتي: أي أتباع مارتن لوثر. وبالتالي فالتسامح كان مستحيلا في مثل هذه الظروف. وهكذا دفع غاليليو ثمن شيء يتجاوزه كليا: أي ثمن الأحداث التاريخية العصيبة التي كانت تعصف بأوروبا آنذاك.
ثم يردف المؤلف قائلا: وبعدئذ تطورت الأمور في أوروبا على مدار العصور وخفّت إدانة غاليليو أو قل لم تعد قوية كما كان عليه الحال في السابق. فبسبب تطور العقليات راح الناس يكتشفون تدريجيا أنه كان على حق والكنيسة على باطل
وجرت عندئذ معارك فكرية عديدة بين التيار العلماني أو الليبرالي من جهة، والتيار الأصولي المتزمت من جهة أخرى. وهذا ما يدرسه المؤلف بالتفصيل من خلال الفصل الرابع من كتابه القيم.
ونلاحظ أنه يقسم العصور التالية إلى فترات أو شرائح زمنية محددة بدقة.فالاستقطاب بين التيارين السابقين حصل بين عامي 1633 ـ 1661. ولكن يمكن القول بأنه اخترق كل تاريخ الحداثة الأوروبية: أي منذ عهد غاليليو وديكارت وحتى يومنا هذا
وهناك فترة التسوية أو المصالحة بين الطرفين على يد الفيلسوف الألماني لايبنتز.
وقد حصلت بين عامي 1654 ـ 1704. ثم يتحدث المؤلف بعدئذ عن الفترة التي صنعت فيها أسطورة غاليليو على يد باسكال وفولتير وديدرو والموسوعيين (1657 ـ 1777) ثم ازدادت هذه الأسطورة اتساعا وقوة في القرن التاسع عشر عندما انتصرت الحركة العلمية والصناعية الصاعدة على الكنيسة الكاثوليكية والفاتيكان.
وعندئذ انتقم غاليليو منها بعد ثلاثة قرون من موته أعظم انتقام. وأصبح معظم الأوروبيين علمانيين يكرهون التزمت الكاثوليكي ومحاكم التفتيش. ولهذا السبب اضطر البابا يوحنا بولس الثاني عام 1979 وعام 1992 إلى الاعتذار عن الفتوى اللاهوتية التي أدانت غاليليو بدون حق. وأعاد له هيبته الدينية واحترامه.

رحيم العراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين