الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصلحة الأمريكية في تشويه الديمقراطية

اسماعيل خليل الحسن

2007 / 7 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعرف أمريكا أكثر من غيرها أن الأمم لا تنهض إلا بالرأي الحر و باختيارات الشعوب لأنواع من القادة تناسبها و تلتقي معها في الطموحات و الآمال. و تعرف أيضا أن شعوبنا في العالم العربي أو في الشرق الوسط كما يحلو للغرب أن يعـرّف هذه المنطقة, لا تنهض من كبوتها إن لم تمارس الخيار الديمقراطي, و لأن الديمقراطية قد تأتي بالقوى الأكثر جذرية و راديكالية, مما يفوت عليها " أمريكا” فرصة التهام ما تبقى من سيادة و ثروات. فإنها " أمريكا” تقوم بدور يضاف إلى أدوارها القذرة الكثيرة, مهمّـة تشويه الديمقراطية وتعطيلها. فعندما تقول أمريكا أن مهمتها هي نشر الديمقراطية في العالم, فعلى الديمقراطية أن تتحسس رأسها من ضربة موجعة قد تطيح به و تلقيه جانبا, و عندما يعلن الرئيس الأمريكي عن دعمه للديمقراطيين في بلد ما و أنهم ليسوا وحدهم, فعلى الديمقراطيين الموما إليهم ألا يناموا في بيوتهم تلك الليلة لان طامة خنفقيق ستحل بهم و بعائلاتهم.
لكنّ المرددين من الببغاوات أصحاب ردود الأفعال, يتحدثون عن "ديمقراطية بوش" بعضهم تبشيرا بها و بعضهم فزعا منها, هكذا ينسبون الديمقراطية إلى هذا الكائن, ويذهب الفكر الديمقراطي و أفلاطون وديمقراطية أثينا و جان جاك روسو و فولتير و ابن خلدون و ابن رشد والخليفة الخطّاب وسائر المناضلين من اجل الانعتاق من ظلامة الجور و الاستبداد, يذهبون طي الرمال, رمال الجهل و التخلف, فلو رفع الأمريكان يافطة العدالة و الاستقلال و الوحدة و نزع الاضطهاد عن الأقليات, لوقف الببغاوات عندنا مع الاستبداد و الجور و التقسيم و تذويب الأقليات, بحجة معاداة مخططات أمريكا, انه تنفيذ للدور الأمريكي بحجة العداء لأمريكا.
يلزم عالمنا كثير من المراجعات وكثير من الجرأة في نزع القداسة عن قيم لا تنتمي إلى حقيقة العقائد و جواهرها, و إن الأزمة لدينا هي أزمة فكرية في الدرجة الأولى, لقد قلنا الكثير عن الفكر ولكننا لم نقل شيئا, المصيبة كانت بتغليب السياسة حيث غلب الظن أن الأزمة سياسية, فأصبح كل شيء يخدمها بينما لم تخدم السياسة شيئا, انه الهروب إليها من الإجابة على أسئلة النهضة واللحاق بركب العصر.
لقد كان حصاد السياسة مرا, فقد قتلت الفكر و الثقافة و همشت المثقفين, و تطاولت على الاقتصاد و جيرته لصالح ألاعيبها, ووضعت الاقتصاديين في زوايا الإهمال, و سلمت البلاد و العباد للطغاة و الفاسدين. هذا غيض مما عملته ماكينة التسييس للفكر و الثقافة و الاقتصاد و الدين و كل شيء في الحياة, ففد أسلمت الأمور للطغاة و فرّخت الغلاة, ومهدت الطريق للغزاة, حتى ليقول الواحد منا للآخر: انج سعد فقد هلك سعيد.
لقد قتل التسييس السياسة نفسها, السياسة كعلم لإدارة المجتمعات, و أصبحت أداة لتقويض المجتمعات وتخريبها, انه البؤس حين يلبس ثياب السياسة, حيث استبعد و أقصى ثقافات, يمكنها أن تكون روافد للثقافة الوطنية, لمجرد أنها ثقافة أقليات, مما أورث الحقد بين مكونات المجتمع بدلا من أن تكون مجلى لإثراء حقيقي له.
ومن ادعى الصراع مع الامبريالية و الغرب الاستعماري فقد أداره صراعا سياسيا, مستقيلا من جوهر الصراع كفعل حضاري, ناسيا أن من ينتصر حضاريا سينتصر سياسيا, حتى لو أخرجناهم مرغمين فإنهم سيعودون من خلال استهلاكنا لمنتجات حضارتهم.
و بعد, هل بقي من مبرر للإجابة على سؤال ما هي مصلحة أمريكا في تشويه الديمقراطية؟
من يريد الجواب على هذا السؤال عليه أن يعود إلى قراءة المقالة من








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله