الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جدا

ممدوح رزق

2007 / 7 / 15
الادب والفن


( 1 ) فقاعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أيتها البائعات الجالسات تحت شمس الظهيرة وراء أقفاص الخضروات والفاكهة .. الرجل الذي يهتف بأنواع الأسماك المختلفة .. الطبيب الذي يبيع الدواء داخل الصيدلية .. الشاب الواقف داخل الدكان الخشبي لبيع الخبز .. يا كل العابرين والمطلّين من الشرفات .. هناك امرأة عجوزتسير بينكم كل يوم تقريبا .. تحمل في يديها أكياسا سوداء بلون ثيابها .. تتبادلون معها التحية أحيانا .. لكنكم لم تلحظوا رعشة كفيها ، ولا حزن نظراتها المختبيء وراء عدستي نظارتها السميكتين .. لم تفكروا في السبب الذي جعل عينيها ملتصقتين دائما بمواضع خطواتها الثقيلة .
أيها الشارع الطويل المزدحم .. هناك امرأة عجوز ما عادت تسير بداخلك .. كما أنك لازلت مستمرا في صخبك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 2 ) كان
ـــــــــــــــــــــــــــــ

التاريخ كل حياته .. منذ الطفولة وبعد انتهاء الدراسة يقرأ ويكتب كثيرا عن الحضارات والشعوب والعصور الفائتة .. يبحث ويفكر ويرصد الأحداث القديمة للإنسان باستمتاع هائل وحميمية كبيرة .

* * *
في هذا المساء سوف يخرج من عيادة الطبيب بوجه شاحب وقدمين مرتجفتين .. وحينما يدخل بيته ويقف عند عتبة حجرة المكتبة المفتوحة .. سوف يتملى طويلا في كتب التاريخ المتراصة فوق الأرفف .. يتملى طويلا قبل أن يتحرك خطوة واحدة للداخل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 3 ) ذكرى
ــــــــــــــــــــــــــــ

أشعلت العجوز أعواد البخور وجلست لتتناول عشائها .. قطعة صغيرة من الجبن وكسرة خبز مبللة .. يتسلل الدخان إلى صدرها .. تسعل بقوة .. تتوقف قطعة الجبن في حلقها .. تشعر بالدوار بينما تختنق .. تسعل .. تسعل .. تقفز قطعة الجبن خارج فمها .. تسيل الدموع فوق تجاعيد وجهها .. تحاول أن تبتسم .. تسعل .. توزع نظراتها المنطفئة على الأشياء القليلة للحجرة التي تقتسم معها الوحدة والسكون .. تهمس بصوت مرتعش :
ـ لي طفل .. يحب إشعال أعواد البخور .
تزداد دموعها بينما يرتجف بشدة جسدها الضئيل المنكمش فوق الأريكة الصغيرة .. تقول :
ـ لي طفل .. طفل له ملائكة يشعلون الآن من أجله أعواد البخور التي يحبها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 4 ) نفس الحياة .. نفس الموت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا عدتِ .. سوف أعد فنجان قهوتي صباحا وأغسل أطباق طعامي بنفسي .. سأنظّم الأشياء المبعثرة في حجرتي وأزيل الغبار والعنكبوت .. سوف أمتنع عن التمدد فوق الأريكة القديمة وأدرّب قطتي على التبول والتبرز في دورة المياه بدلا من أرضية غرفة المعيشة .. سأمتنع عن التدخين والسهر والصياح في وجهك والإلحاح في طلب النقود وسرعة إعداد الطعام وأكواب الشاي كما سأجعلك تشاهدين القناة التليفزيونية التي ترغبينها دون أن أعترض .
إذا عدتِ .. سوف أجلس معكِ كثيرا لنتأمل صورا فوتوغرافية قديمة تجمعنا ونتحدث عن الذكريات .. سأسألك دائما عن أمنياتك وأحزانك وعن الذي تريدينه أن أفعله لتصبحي أكثر اطمئنانا .
صدقيني .. سأفعل كل هذا وأكثر .. لو كنتِ تستطيعين العودة .. لو كنت أستطيع أن أعود .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 5 ) طعام الملائكة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
... إلى ( سيزان )

في نهاية كل ليل .. يجلس رجل معها في الشرفة .. من أجله تفك الأزرار العلوية وتخرج بهدوء رقيق ثدييها الكبيرين .. يحتوي بين كفيه انتصابهما الساخن .. يوزِّع قبلاته عليهما بنهم ملتذ .. يتحسس وجهه نعومتهما السخية قبل أن يستكين بينهما طويلا .. تظل مغمضة العينين بابتسامة ترتعش .. هكذا .. يمر الليل .

* * *
الواقف في الشرفة العلوية يراقب كل ما يحدث .. حينما يتأكد أن شرفة المرأة صارت خالية .. يدخل إلى غرفته ليستكمل رسم اللوحة التي بدأها منذ فترة .. سلة كبيرة تحوي ثمرات متباينة الأحجام من التفاح والبرتقال بينما تحلق في الفراغ الممتد حولها ملائكة كثيرة .

* * *
في نهاية هذا الليل .. جلست وحيدة في شرفتها .. بعد وقت قصير .. بدأت تفك الأزرار وأخرجت ثدييها ، وبينما كانت تتحسسهما بيدين مرتجفتين وثقيلتين .. بدأت تتساقط دموعها فوقهما .. هكذا .. مر الليل ، وعاد الواقف في الشرفة العلوية إلى لوحته ليزيل جميع الملائكة المحيطة بسلة التفاح والبرتقال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال