الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بولتون داعية سلام فاستعدوا للموت

محمد جمول

2007 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية




حين عاد الفلاح الطيب البسيط من المدينة إلى قريته ، عرف الجميع أن نكبة حلت به. سأله أحد جيرانه ما الخبر ؟
قال الرجل: لقد فقدت كل ما أملك من نقود.
سأله أحدهم: كيف؟
قال آخر: ضاعت أو سرقها أحدهم من جيبه.
فرد الرجل: أرجو الله أن تكون ضاعت ولم تسرق سرقة.
سأله ثالث: وما الفرق مادمت قد خسرتها وانتهى الأمر؟
قال الرجل: الفرق كبير. إذا كانت ضاعت يمكنني الانتباه في المرات المقبلة لمنع ضياع نقودي. أما في حالة السرقة، فمن سيحميني من هذا اللص الذي لن يتركني أهنأ بأي قرش بعد الآن.

في لقائه مع مجلة " الوطن العربي" ينصحنا الحمل الوديع جون بولتون بالحذر من إيران لأن مساعدتها على تحقيق أهدافها يشبه تقديم الطعام للتمساح. فهذا يهدئه لبعض الوقت . وفي النهاية سوف يأكل من أطعمه. هذا يعني أن نهايتنا محتومة, وعلينا الاختيار بين أن تكون نهايتنا إما في بطن التمساح الإيراني أو بطن الذئب الأميركي ـ الإسرائيلي. مثل هذا التحذير كان يمكن أن يكون أخويا وصادقا ومقنعا لو صدر عن أي شخص آخر غير بولتون الذي يفاخر بعدائه للعرب ويقف على يمين أقصى يمين المحافظين الجدد تطرفا ضد أية حقوق عربية ولصالح مزيد من العربدة الإسرائيلية في المنطقة.

لذلك من المهم جدا الإصغاء لنصائح بولتون لمعرفة الاتجاه الذي يجب أن نختاره، ليس بناء على ما ينصحنا به، وإنما لمعرفة ما يريده ألد أعدائنا وأكثرهم حقدا علينا. فقد تكون مصلحتنا في عمل ما يخالف نصيحته أو البحث عن خيار مناسب آخر خارج ما يوصي به بالتأكيد. فلم تكن مصلحة الخراف في يوم من الأيام هماً من هموم الذئاب. ومن هذا المنطلق لا بأس من استعراض بعض نصائح بولتون التي تتضمن " دعم حكومة السنيورة " في لبنان وضرب إيران وحزب الله وحماس لأن هذا هو الطريق الصحيح لحل النزاع العربي ـ الإسرائيلي وتحقيق السلام في المنطقة كما يؤكد بولتون. والسؤال هو: لمَ لم تعمل الإدارات الأميركية المتعاقبة من أجل حل هذا الصراع قبل أن تكون إيران على هذا الشكل الذي لا ترضى عنه الولايات المتحدة، وقبل أن يكون هناك تنظيمات أسمها حزب الله أو حماس ؟ والنصيحة الأخرى التي يقدمها لنا بولتون هو أن نكون منصفين و "معتدلين " فلا نطلب أن تكون يدا عبد الحليم خدام نظيفة نظافة يدي الأم تيريزا، وأن نغض النظر عن بعض "الأخطاء الإملائية " التي وقع فيها على مدى ثلاثين سنة لأنها لم تشوه النص ولم تشكل عقبة في طريق فهم هذا النص، ولم تمنع أحدا من الحصول على الشهادات العليا المشكوك فيها أو قيادة السيارات التي تحمل اللحوم الفاسدة و المواد الممنوعة.

بولتون يقول لنا : تعالوا كي أبتلعكم وإلا سيبتلعكم الإيرانيون . أضراسي وأضراس إسرائيل أكثر رحمة ونعومة من أضراس إيران. فهل نحن ذاك الفلاح الطيب العاجز عن حماية جيوبه ومنع اللصوص من السطو عليها؟ اللص بالنسبة لنا معروف وقد سرق آباءنا وهو مستمر في سرقتنا ونهب كل ما تطاله يده عندنا. وهو بولتون وأمثاله والمشروع الصهيوني الذي يتمدد ويزدهر بفضل دعمهم له.

لم يعد مقبولا أن نحب، ونقبل ونرفض حسب أوامر المخابرات المركزية الأميركية ونصائح الموساد الإسرائيلي وأهوائهما. يجب أن يكون لنا عقولنا التي نعتمد عليها في فهم ما يجري، وعواطفنا التي ترشدنا إلى ما يجب أن نحب وما يجب أن نكره. وإلى أن يكون لدينا القدرة الكافية للدفاع عن مشروعنا العربي الخاص بنا الذي يعيد لنا حقوقنا العادلة ،التي لا تسعى لظلم الآخر، ما المانع من التحالف مع من ينصر هذه الحقوق؟ وهل من العقل أن أتحالف مع اللص الذي يسرقني كي أسترد ما سرقه مني؟ فهل إيران مثل إسرائيل؟ وهل الصين أو روسيا مثل الولايات المتحدة؟ وفي النهاية، أليس كل طرف يعمل لخدمة مصالح بلاده العليا؟ فهل مصلحة العرب في التحالف مع إسرائيل وداعمتها وحاميتها الولايات المتحدة ؟وهل عرف التاريخ أحدا تحالف مع عدو يستهدف بقاءه ووجوده إلا وفقد هذا الوجود؟

على الرغم من هذا كله، هل نستغرب وجود من يستمع إلى نصائح بولتون؟ ربما يكون هذا مقبولا. وخصوصا لمن شدوا الرحال و قطعوا آلاف الأميال ليقدموا الأوسمة والتكريم لداعية السلام الجديد جون بولتون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة