الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حاشية احلام الدمى

ازهار علي حسين

2007 / 7 / 16
الادب والفن


الحادي عشر من تشرين الأول ، مولدي الثامن والعشرون ، والخريف نبوءةٌ محترقه ، هو فقط من وقف وسط الشموع ، عيناه تجوسان في البعيد تفتش أسطح المنازل تهبط قيعانها .. إنهن هناك ، يقبعن في الزوايا ، قانعات يحتوين العبث ، وبذرة ، تنمو أو تموت ...
الشمس خلفه برتقالة ناضجه ، توشحت عباءة بنفسجيه ، وعباءته كيانٌ يسرح ، يمتد آفاقاً ، ينزلق شراييناً عنابيه تنبض ضحكاتٍ دامعه ، مابينهن وبينه .. بضاعته دمى نساء ، دمى من كل نوع ولون ، نساءٌ شقراوات ، فتيات مثيرات ، عجائز متشحات ، عاريات ، محجبات ، مذهبات لامعات ، وأخر متيبسات غبراوات ... دمى نساء ... دمى نساء ، وشعره الأشقر والشمس تنزلق كقبلة شارده ، خلف أستار النهر ، يعرش كروماً وعناقيد .. هو وحده من رآها سبابة إحداهن ، مثيرةٌ خجله ، تشير الى تفاحة فضية تدلت ... وهو وحده من أمسكها لتستطيل ... يده كانت لدنة رطبه ، يدها غضة شاحبه مثل شرنقة حرير ، ومعاً قطفا التفاحه ... وقال .. كل ما قال فيها ، وهو يقدم أوراق إستقالته ، سماوية شفافه ، تخطتها الحروف مبتسمه ، مستقله ، وخطا ليفترش عباءته أخيراً ...
النساء .. وجوهٌ كبثور حمراوات مقشوطه ، متورمه لزجه ، العيون ، نطف مرتجفه ، لامعه ، الشفاه ، دورات أكوان متولده ، صعبه ، ونزار وقف خلف الستار ، يتلصص من خرمٍ مزوي ، قلت ألملم أذرعاً ترص من حولي الطابوق ، مانحة للسور حرية الإرتفاع :
ـ متى يحين الوقت يا نزار....؟
عينا نزار تائهتان في فجوة من سراب ، ولا جواب ....
أعدت السؤال : ـ متى يحين الوقت يا نزار ...للحياة .... ؟
قدم لي وشقرة شعره تروي ما لا يرويه لسانه ، إحدى دماه ، مكفنة ببياض مصفر ، يشقه بجساره لامهادنه ، منقاران جسوران ، دائرتان زهريتان ، حلمتا ثدياها ...
عيناك نيسانان كيف أنا ......
أغتال في عينيك ..............
تناولتها الدمية ، والمسبحة الكهرب تطقطق بين أصابع أبي ، رتيبة ، ممله ، تك ... تك ... تك ... ، أتمتم وعيناي تتابعان خرزاتها ، صفرٌ كالعسل الصافي ، أغتال ... أغتال ... ، نزار يتمتم ، عيناه ترقب متفحصه ، نيسانا ... نيسانا ...
في الهواء تسبح آلاف الصرخات التي لم تذهب عبثاً ، وقولي ان للإنسان أن يصرخ أو يتضرع ، كان محض كذبة ، كذبة إدعيتها على نزار من أجل أن أبهره على قدري في مجاراته في الشعر والكلام ، من حولنا إنسدل ضوء شفيف ، عينا والدي بديا كرأسي دبوسين لامعين ، طقطقات مسبحته ، رتيبة ممله ، والضوء الأخضر ينسدل ، ونزار يتكرر ، يتكرر، يتكرر، مستنسخاً من حولي ، نزار ، نزار ، نزار ....
يحيطني نزار، أنكفيء على خوفي ، يبتسم ببراءة طفلٍ محبب...
( إن الرجال جميعهم أطفال )
أحاول تخبئته ، والدي يتكتك بحبات المسبحه ، عبثاً أحاول ، خائفة مصعوقة ، كمن يصحى على نفير بوق : ـ أين أنت يا نزار ...؟
جزء مني يتمرد متمغطاً ، وكمن يستسقي بقايا خيط نور ، يجبني نزار ، واثق ، مبتسم : ـ تدركين أين أنا يا سحاب ....!
أرفع رأسي لاأطيق النظر ، الأخضرمنسدلٌ بكآبة .
أتركب في جوف نفسي أجزاء ، أدرك أين هو فيها ، أدرك أين يقطن .. لكن وببساطة مخذولة وهمسٍ شحيح ، أكرر سؤالي : ـ أين انت يا نزار ....؟
نزار يضحك واثقاً ، والكلمات التي بقيت طرية الى الأبد تضحك معه ، ترتخي السدول ، تعمم المواقف ، وللأبد طرية هي الكلمات : ـ قل لي ولو كذباً ...
وكاذبا ، كاذباً كان نزار ، حين تنبأ ، كانت نبوءته مجرد خدعه تشرينيه ، وحدسه ، بله نيء ، وكل النبوءات القديمه ، خريف محترق ، لعبة أسى ، نصّف أشباحها وشابك خيوطها .
نزار إنسل لأمي مذ كانت بي حبلى ، دقّ على الوتر الحساس ، كانت تبكي وتنوح طوال حملها بي ، فبشارة بدء حياتي ، كانت مقرونة ، بإنتهاء حياة أهلها ، أضحت وحيدة وأنا ، تقدم منها ، جذب نظرها بإحدى دماه ، شقراء بعيني زجاجٍ عسليتين ، تستران آلاف النوارس المهاجره ، مقمطة بأوراقٍ ملونه ، تخطتها حروف وحروف ، وبهرت عينا أمي ....
اليوم ـ هنا ـ بينهم ، تبدو الدمية أكثر بلادة ، تسفر عن تفاصيل تفاهتها ، وتغدو أكثر قابلة للكسر ، الشموع ترسم إيماءاتٍ مبهمه ، تلوح مثل كفٍ مودعه ، تتلاشى في ضباب ، وضوءها الأخضر ما زال ينزُّ مثل عين ماء خجله ، في أول أطوار التكون ...
( من رحم واقعٍ مخذول تتكررأشياء عده )
الحلم مدى لاحدود له ، وأنا آليت على نفسي بتراكيب لاحصر لها ، ولوج ذلك المدى بعنفواني وبرائتي ، ادركت أن من قبلي مجاميع من اللذين تكرروا ، ومن اللذين تركبوا ، ولجوه ، عالم مبهر مجنون ، ولعل أول من خطاه كان نزار ، ولعلي أنا سأبدو ضئيلة ودميتاي النزاريتين ، دميتي ودمية امي الشقراء ، بعيني الزجاج الملون ، كانت إرثي منها والمرآة ، حيث رأيت نزاراً لأول مره ، مبتسم ، حنون ، ومزدحم بآلاف النساء ، يبرقن في حدقتي عينيه ، كشعلة بريق أبديه تتلوى ذؤاباتها ، هاربات ملونات ، كصبايا غجر ...
كان صامتاً وفي صمته ، إيماءة فكرة ، صوت فكره ، شقراء بعينين عسليتين ، تستران آلاف النوارس المهاجره ، في تلك اللحظه ، تلك اللحظه بالذات ، تتطلع لي الدمية الوحيده ، تتحسس في عيني براءتهما ، تتلصص في محاولة التأكد من صوت رؤيا ، قالت : ـ رأيته أخيراً ...
ومستقرة منتشيه ، ولم يخطر ببالي أن أجيب ، كنت ألملم شتات أوراق دفتري المهتريء الصغير ، وبقايا أقلامٍ متكسره ، وممحاة ثارت فتفجرت ، وحروف تأريخي المبعثره ، ً كنت دائماً أحاول سترها عن كل العيون ، بينما عينا نزار كانتا تلاحقاني ، كنسر رقيق الطباع ، إنقض يتفرسها بموده ، يكتشفها بأطراف أصابعه ، ولحسات لسانه ، شره ، واثق ، متأن أطلق حيائي ـ لأول مره ـ مجنوناً راقصا ،ً في مدى الحلم ، سهرنل ليالي معاً ، ضحكنا وبكينا ، أسفرنا وأفلنا وكل مرة كنا نختتم حلمنا ، بنبوءة حلمٍ وليد ..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رقم قياسي في إيرادات فيلم #شقو ?? عمرو يوسف لعبها صح??


.. العالم الليلة | محامية ترمب تهاجم الممثلة الإباحية ستوري دان




.. نشرة الرابعة | السعودية.. مركز جديد للذكاء الاصطناعي لخدمة ا


.. كل الزوايا - د. محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والسياحة يتحدث




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -شقو- في العرض الخاص بالفيلم..