الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين 14 تموز الزعيم والفقراء

وسام النجفي

2007 / 7 / 16
سيرة ذاتية


تحل علينا ذكرى ثورة الرابع عشر من تموزالخالدة التي أسست أول نظام جمهوري في العراق ، ساحقةً الحكم الملكي الفئوي الطبقي . وبالمناسبة فإن هذه الثورة تحتوي على الكثير من كلمة( أول ) فهي ليست أول ثورة تأتي بالحكم الجمهوري بل هي أول ثورة تولد من معاناة العراقيين وهي أول ثورة تجعل من فقراء شعبها هدف للتنمية وهي أول ثورة يكون قادتها نزيهين وليس سراق وهي أول ثورة لم تكن موالية لجهة خارجية وهي اول ثورة بكى على رحيلها الشعب العراقي وهي أول ثورة تختفي فيها الطبقية والطائفية طبعا في التاريخ العراقي ، وعندما نذكر اليوم ثورة 14 تموز لابد ان يقفز الى ذاكرتنا شيئان الأول : إسم إعتاد العراقيون على حبه الا و هوشخصية عبد الكريم قاسم والثاني هو الفقير العراقي .
فلم تكن ثورة تموز ثورة للتسلط والبطش والتنكيل بقدر ما كانت دولة للفقراء فقائدها فقير وليس من عوائل إقطاعية وبرجوازية ، فحب الناس لديه ينبثق من حبه للحياة والوطن وهنا قد تذكر الكثير من الروايات التي تدل على بساطة الزعيم عبد الكريم قاسم إضافة الى المنجزات التي تركها على الواقع بدءً من مدينة الثورة ( مدينة الصدرحالياً ) الذي يعود الفضل لعبد الكريم قاسم بتوزيعها للفقراء و المسحوقين والمتعبين إنتهاءً بتأميم شركات النفط والخروج من منطقة الإسترليني والتحالفات المشبوهه التي أورثها النظام الملكي في العراق ، ولقد سجل الشعب العراقي الكثير من الروايات والأحداث التي تخص شخص عبد الكريم قاسم والتي تشير الى بساطته المعهودة مثل حادثة (الصورة والصمونة ) وغيرها الكثير لكني سأورد حادثة أكتشفتها بنفسي وشاهدها مازال حياً .
كانت صدفة بان ألتقي بالحاج مجبل الساعدي وكاالعادة بدءت أسئلتي تنهال عليه كالمطر ليعود الحاج مجبل بذاكرته الى أربعين عاماً للخلف فكان أحد أسئلتي للحاج هل ألتقيت في يوم من الأيام بالزعيم ؟ إبتسم الحاج وقال قد لاتصدق ما سوف أقوله !!!
قال في أحد الليالي وأنا جالس في مكان عملي في حراسة محطة الوقود التي كانت قرب نصب الجندي المجهول القديم (ساحة الفردوس ) حالياً وبعد منتصف الليل جاء شخص يبحث عن البنزين فسخرنا منه انا وزميلي فقال ( يمعودين أني صلال سائق سيارة الزعيم والسيارة مابيهه بنزيين والريس كاعد بيهه ينتظر ) يقول الحاج مجبل فهرولنا مسرعين أنا وزميلي لنرى الزعيم ولنتأكد هل فعلاً سيارته توقفت لعدم وجود البنزين وحال وصولنا ترجل عبد الكريم قاسم من السيارة وصافحنا وأعتذر من هذا الموقف ، حتى بادرنا والكلام للحاج مجبل بدفع السيارة لإيصالها للمحطة وتعبئتها بالوقود والمفاجئة أن قام عبد الكريم قاسم بخلع سدارته وبادر بدفع السيارة معنا ( يقول الحاج مجبل وبدهشة كبيرة لم أستطيع من إستيعاب الموقف فقلت ( سيدي عوف السيارة احنة ندفعهه مو انته الزعيم وماترهم تدفع سيارة بالشارع ) فما كان منه رد سوى إبتسامة عريضة وأخذ يكمل المشوار معنا ، فوصلنا المحطة وتم تزويد سيارته بالوقود .
وقال كم المبلغ؟
فقلت له 600 فلس سيدي.
فوضع يداه على جيوبه .وقال لصلال كم معك من النقود ؟
فأجاب صلال سيدي دينار.
فقال أدفع للإخوة .
فدفع دينار وتم إرجاع ماتبقى من الدينار والذي يبلغ 400 فلساً .
فقال ياصلال إقسم الاربعمائة فلس بين الرجلين ويقصد الحاج مجبل وزميله.
ثم قال له صلال وكيف نفطر فلم يعد معي نقود !!!
فقال الزعيم موجهاً الكلام لنا هل لديكم ( جاي ) فكان جوابنا نعم وكعك أيضاً قال الزعيم ( ما تعزمونه ) يقول الحاج مجبل فتناولنا الفطور انا والزعيم وزميلي والسائق ثم ودعنا ورحل فجراً، حدثني الحاج مجبل بهذه الحادثة وهو يتألم كثيراً لرحيل هكذا زعيم من البلد .
هذه الرواية اريد أن إضيفها الى عشرات الروايات التي تبرهن على تواضع وطيبة عبد الكريم قاسم .
وبعد نصف قرن من الزمن ونحن نقف على ذكريات جمهورية 14تموز الخالدة وسيرة الزعيم المغدور ندرك الفرق الشاسع بين رجال الثورة وزبانية حزب العبث اللذين عاثوا بالعراق الدمار وما وصلنا اليه اليوم من ضياع ورعب وأحتلال هي باكورة منجزات قائد الضرورة .
عندما نلتفت اليوم لتاريخ ثورة 14/تموز ولزعيمها نجد إننا بأمس الحاجة لهكذا أناس لسبب قد يكون بسيط ولكنه كبير هو أن من يقود العراق عراقي مئة بالمئة حتى يجعل من الشعارات حقيقة وهذا ما جسده الزعيم بالرغم من وجود بعض الهفوات السياسية التي كان ضررها على شخص عبد الكريم نفسه قبل غيره فهذه الشخصية التي تحمل في داخلها طيبة العراقي ومعدن الأصالة والعفة والشرف وقفت ذات يوم لتقول لمن أراد قتلها ( عفى الله عن ما سلف ) حتى إقترن هذا القول بعبد الكريم قاسم وهذا ما يؤكد ويشير على دوافعه الطيبة حتى لخصومه اللذين أجزم كان ينظر لهم بمنظار واحد فقط هو منظارالوطنية العراقية التي أرعبت الكثيرين من دعاة القومية والعمالة لتجتمع كل أحقادهم ليجهضوا تجربة 14/تموز مستغلين طيبة القلب وحسن النية وشرف الخصام السياسي لذا لم يكن خصوم ثورة الرابع عشر من تموز يحملون ذرة من المصداقية والشرف فلقد إستعملوا كل الأدوات المشروعة وغير المشروعة لأجل إسقاط الرجل فلليوم لم يجد دليل واحد على :-
1. عمالة عبد الكريم قاسم ، لم يجرؤ أحد لاقبل ولابعد على نعت الزعيم بالعمالة .
2. سرقات عبد الكريم قاسم ، لم يجد إنقلابيوا شباط الأسود ما يدل على سرقة الزعيم لأموال الشعب او تبذيره لدينار واحد لمصلحته الشخصية .
3. الوحدة العربية : حتى الوحدة العربية التي إستعملها التيار القومي كورقة ضغط على الزعيم بدواعي رفضه للإنظمام للـ (لوبي ) الناصري نراها قد مزقت بعد رحيل الزعيم هذه الحقيقة التي أكدها حسن العلوي متوصلاً الى نتيجة ( كأن بموت الزعيم قد ماتت الوحدة العربية ) .
والنقاط كثيرة جداً التي تمنح الزعيم أوسمة بالشرف والوطنية والأمانة التي قل نظيرها في الحكومات التي توالت على حكم العراق ليكون بذلك هو الزعيم الأوحد والمتفرد على كل اللذين حكموا العراق ، هكذا خرج الزعيم من الدنيا ولم يكن لديه سوى بزته العسكرية و( سفرطاس) والدته التي كانت تعده له من أيام الكلية العسكرية حتى وصوله لأعلى مركز في الدولة ، وبعد كل هذا أجد من صبيحة 14تموز في كل سنة إستذكاراً للوطنية ويوماً مشرقأً ومشرفاً في تاريخ العراق ولا أجد أبلغ من البيت الشعري لعريان السيد خلف الذي قاله بحق الزعيم ...

واجهت المنية بهيبة الفرسان
لادورت حفره وعفنت بيهه
رحم الله الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه اللذين أخرجوا شمس تموز من أرض الرافدين ، ليعلنونها جمهورية للفقراء وحكومة وطنية لايراهن أحد على وطنيتها ونزاهتها . ولتبقى خالدة في قلوب وضمائر العراقيين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه