الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب: الملك يحير بين حكومة قصر تبحث عن مصالحها الشخصية وحكومة وزراء تغط في نوم عميق

عبداللطيف هسوف

2007 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


1- الملك سيدي محمد السادس:
الملك محمد السادس هو الحاكم الفعلي للمغرب. كل صغيرة وكبيرة تتلمسها يده الشريفة في عقيق سبحته المخصصة للسياسية الداخلية، أما السياسة الخارجية فباعه كبير فيها، إذ أنه لم يتخصص في القانون فقط، بل أنجز دكتوراه بنيس بفرنسا اهتمت بالعلاقات الدولية، وركزت بالأساس على العلاقات الاقتصادية والسياسية والقانونية والأمنية بين الاتحاد الأوربي والمغرب العربي. لهذا السبب يمكن أن نعتبره من بين المبشرين الأوائل بالعولمة وما تقتضيه من مد جسور التعاون إلى ما وراء حدود الدولة-الوطن.
الملك الذي لا يتكلم إلا لماما يعمل بجد ويتنقل كثيرا بين جهات المغرب مقتضيا بجده المولى الحسن الأول الذي لم ينزل عن صهوة جواده قط. إلا أن الفرق بين المولى الحسن الأول وسيدي محمد السادس، هو أن الأول كان يطوف المغرب لإقرار الأمن وجمع الضرائب، في حين أن الثاني يسعى جاهدا لفك العزلة عن جهات عانت من التهميش ردحا من الزمن.
لست هنا بصدد محاباة أو تقديم مدح مجاني لشخص الملك المغربي، بل إنني أرى من الواجب علي كمثقف يحمل فكرا حرا بعيد عن أي انتماء لحزب سياسي أو شلة مثقفة أو جمعية أي كانت... من الواجب علي أن ألملم واقع العمل السياسي في المملكة المغربية، وأن أطرح سؤالا مشروعا: إذا كان الملك في المغرب يعمل بجد وإخلاص، فلماذا لا يقلع المغرب اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا؟ لماذا لا؟
الجواب يكمن في المثل القائل: (يد واحدة لا تصفق).

2- حكومة القصر:
مع مجيء الملك محمد السادس للملك عمد إلى استقطاب نخبة من التكنوقراط والاقتصاديين والفاعلين الاجتماعيين من المقربين إليه (منهم من عرفهم خلال الدراسة). هؤلاء شكلوا النواة الصلبة لحكومة القصر خارج إطار حكومة الوزراء المشلولة. حكومة القصر هاته لا يمكن نعتها بحكومة الظل كما يذهب إلى ذلك البعض، بل هي الحكومة الحقيقية على الرغم من وجود نظام حكومي برلماني في المغرب. حكومة القصر هي التي تقود عملية صنع القرارات الأساسية ورسم التوجهات الكبرى بأمر من الملك المغربي طبعا. ولنا أن نقول: لقد نجحت حكومة القصر في مهماتها خلال السنوات الأولى، أو على الأقل أثبتت أن نظاما جديدا للحكم بدأ يرى النور بالمغرب. لكن، ماذا حدث بعد ذلك؟
أولا، اشتد الصراع على المناصب الكبيرة المقربة من الملك بين نخبة حكومة القصر ليكيل هذا لذاك في الخفاء وتبدأ الحرب الضروس التي ستفضي في فترة أولى إلى إسقاط بعض الرؤوس المعروفة، ثم يزج بها خارج أسوار القصر لتكلف بتسيير الشأن العام وتختلط بالجماهير المغربية عساها تفهم السياسة انطلاقا من القاعدة بعد أن أسقطتها مظلة المحسوبية في قمة هرم النظام المخزني المغربي.
ثانيا، سيظهر مع مرور الوقت أن المناصب وحدها لا تكفي كطُعم يستحق المنافسة، بل يجب استغلال النفوذ لتجميع الثروة. والحق يقال: من نحى هذا المنحى قد يكون على حق لأن المنصب المخزني لا يدوم بينما المال يصمد أمام العواصف السياسية الهوجاء، خصوصا إلى أودع بحساب سري بسويسرا. ومن ثم ستظهر رؤوس جديدة قابلة للحز لأنها استغلت قربها من الملك وتواجدها بالقصر لتستولي على المال العام وتترامى على أملاك الدولة المغربية.
ثالثا، هناك الشرفاء بالقصر يساعدون الملك بإخلاص ولا يستعجلون التغيير لأن الشعب نفسه بأحزابه ونقاباته وجمعياته... الشعب نفسه لم يتغير بعد. لكن من سيغير الشعب إن لم تكن قرارات الملك الحازمة في مجالات متعددة ترتبط أساسا بالقضاء على الأمية ونشر الوعي ورفع الحيف واستقلال القضاء...؟

3- حكومة الوزراء:
مما لا شك فيه أن الأحزاب السياسية المغربية أبانت خلال العقد الأخير عن فشلها الواضح وتقاعسها فيما يخص بلورة رؤية شاملة لحل مشاكل البلاد والعباد. وأقصى ما نجحت فيه هذه الأحزاب السياسية المغربية ينحصر في الجري المحموم وراء المناصب والكراسي في الغرفتين والسطو على الوزارات وتعيين عدد من أشباه الأميين كمستشارين وكتاب دواوين، حتى أضحت رواتبهم وامتيازاتهم تكلف المغاربة الشيء الكثير. وعموما، سارت مختلف الأحزاب والقوى السياسية المغربية خلال السنوات الأخيرة على درب الضعف والانتكاس والتدهور والتفتت المبرر وغير المبرر. أضف إلى ذلك تفريخ جمعيات المجتمع المدني التابعة لهذه الأحزاب هنا وهناك من غير طائل يرجى لأن همها الوحيد هو الحصول على الدعم المالي من أصحابها في السلطة. ومن ثم أصبح الكثير من المغاربة يرون أن المغرب لا حاجة له الآن لأحزاب سياسية، خصوصا إذا علمنا الثمن الباهظ الذي يكلفه دعم الدولة للأحزاب، ثم بعد ذلك رواتب البرلمانيين والمستشارين والوزراء وكتاب دواوينهم.

4- على سبيل الختم:
نستنتج إذن أن حكومة القصر تسعى لخدمة مصالحها الشخصية، في حين تغط حكومة الوزراء في نوم عميق مستخدمة الدولة عوض أن تخدمها، أما الشعب المغربي فإنه لم يفهم إشارات ملكه المتكررة بشكل كافي. نعم، لهذه الأسباب مجتمعة لا يلمس المغاربة المجهود الجبار الذي يقوم به الملك سيدي محمد السادس. ونعود لنقول: يد الملك لوحدها لن تصفق ما لم تتم تنقية حكومة القصر من الشوائب المزعجة، وما لم تفق الأحزاب من نومها وتتراجع عن توريث المناصب والوزارات، وما لم يفهم الشعب المغربي أن صوته يجب أن يسمع بقوة وأنه الوحيد القادر على محاسبة الخونة والمتنطعين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح