الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجربة الصينية والتجربة العراقية

يحيى الشيخ زامل

2007 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


العراق والصين كلاهما من بلدان الشرق الأصيل ، الشرق الذي ينضوي تحته مختلف الحضارات والأمم ، تجمعها صفات كثيرة ومتنوعة ، إلا أن العراق اختارت له المشيئة الإلهية أن يكون أوسط هذا الشرق ، فيما كان الصين هناك بعيداً في الشرق الأقصى ، إلا بعد هذين البلدين عن بعضيهما يضمهم شرق واحد وهم واحد ، لم يمنعهم من الحؤل دون الوصول إلى الرقي والتقدم والحرية ، فشهدت الصين تقدماً كبيراً في التنمية الصناعية والتجارية والسياسية وبناء مؤسسات ضخمة ترعى المجتمع المدني لأنها تخلصت من الأنظمة الشمولية والاستبدادية قبلنا ، فيما بقينا نحن تحت طائلة استبداد هذه الأنظمة الشللية والعائلية فكانت أنظمة جمهورية بأثواب ملكية تتوزع هنا وهناك في شرقنا المعاصر .
وفي تجربة ( صينية ) مثيرة ومهمة من رحم هذا الشرق العريق ، نشرتها وسائل الإعلام مؤخراً حول مقاطعة صينية أسست لمشروع يقوم على أساسه ترقية المسؤولين وكفاءتهم للمسؤولية الإدارية التي يكلفون بها .
وعنوان الخبر يقول : ( مقاطعة صينية تشترط للترقية معاملة الوالدين بإحسان) .... فيما نصه يقول : (قالت وكالة أنباء الصين الجديدة(شينخوا) إن مقاطعة في وسط الصين تعتزم إجراء مراجعة متعمقة بشأن كيفية معاملة مسئوليها لآبائهم وأمهاتهم، وإعطاء أولوية في الترقية لهؤلاء الذين يحسنون معاملتهم. وأضاف التقرير إن محققين سيناقشون ما يصل إلى ( 500) من أفراد العائلات والأصدقاء والزملاء والجيران بشأن سلوك كل مسؤول من مسؤولي مقاطعة (تشانجيوان ) بما في ذلك القيم العائلية، أو أي عادات تتعلق بشرب الخمر أو لعب القمار.
وستأخذ النتائج في الاعتبار عند تحديد الترقيات، ونقلت (شينخوا ) عن ( ليوسين) الزعيم المحلي قوله: يجب على المسؤولين التحلي بالقيم الصينية من طاعة الوالدين والمسؤولية العائلية والتي تمثل أساس حياة مهنية ناجحة .
ويأتي هذا المشروع الإصلاحي للمعايير الأخلاقية نتيجة لقلق الزعماء الصينيون بشأن كيفية إعالة السكان المسنين ، واندفاع الأجيال الشابة شوطاً بعيداً وراء أحلامهم ، فيما يتناسون بذروة هذا الاندفاع المجنون من كان السبب في مجيئهم إلى هذه الحياة ، وما بذلوه من جهد وتعب بتربية جيل من الشباب هم اليوم عماد الدولة وسندها من العقول و الأيدي العاملة ، للاستفادة من ازدهار الاقتصاد الوطني ومضيهم الجاد بشكل يتناسب مع أعمارهم .
ويأتي هذا الخبر في وقت تتفكك فيه الأسر في مختلف البلدان سواء كان في الشرق الأقصى أو الأوسط أو الغرب أمريكا وأوربا ، مع أن معظم هذه البلدان قد قطعت أشواطاً بعيدة في الرعاية الاجتماعية والصحية والتربوية ، إلا أنها تشهد تراجعاً ملحوظاً في البناء الأسري الذي بدأ نسيجه في التهدم والتهشم لأسباب كثيرة ومختلفة .
وفيما نحن على أعتاب التغيير الكبير في بلدنا الذي تخلص مؤخراً من هذه الأنظمة ليقع تحت طائلة المحاصصة الطائفية والتي عرقلت الكثير من المشاريع المهمة والإستراتيجية .
وبدلاً من اختيار المسؤول الكفوء والوزير المتخصص أصبح الاختيار وفق حصة هذه الطائفة أو تلك حسب مقاعدها في البرلمان وعمقها التعبوي والجماهيري .
وقد يرى بعضهم أن مثل هذه المحاصصات لا ضير فيها مادامت هذه الطائفة أو تلك تختار الكفوء ليمثلها في حكومة توافقية واحدة ، ولكن الواقع أثبت خطأ هذه الرؤية إذ عجزت هذه التمثيلات عن أعطاء صورة ناصعة عن كتلها ومن يمثلها وفق تخصصها وكفأتها وحشرت نفسها في جيوب كتلوية وحزبية وإن كانت غير كفوءة وطالما أعلنت الكثير من هذه الكتل : ( أن الولاء عندها قبل الكفاءة ) .
وكل هذا يجرنا إلى تساؤل مهم : هل تحقق تلك المحاصصات تقدماً لبلدنا وهي بهذه الصورة ، وهو الذي خرج تواً من سطوة المحاصصة الكبيرة ـ في النظام السابق ـ تحت مسميات وطنية وقومية ؟
إلا يحق لنا أن نطالب قياداتنا للتخلص من هذه الآلية الغير مجدية ، خصوصاً ونحن على أعتاب تغيير وزاري كبير يأخذ بنظر الاعتبار الكفاءة والمسؤولية والإخلاص بعيداً عن ثوب الفئوية والكتلوية والحزبية الفضفاض .
إلا يحق لنا أن نطلق مشروعاً مشابهاً للمشروع الصيني عبر آلية جديدة يتم فيها اختيار المسؤول والوزير حسب كفاءته ووطنيته بعيداً عن التقييد بالطائفية وتوزيعاتها التيبوغرافية المقيتة ، بعد أن فشلت تلك الخيارات التي جعلتنا نراوح في نفس وكأننا قطعة من الماضي يعاد لصقها بمكانها السابق ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح