الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


17 تموز 1968 امست نقطة سوداء فى تاريخ العراق الحديث

عبدالله مشختى احمد

2007 / 7 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم يكن انقلاب 17 تموز 1968 غريبا للعراق لسهولة معرفتهم برجالها ومنفذيها لانهم كانوا قد اختبروا هؤلاء القتلة والسفاحين بعد انقلاب 8 شباط 1963 عندما اطاح البعثيين بحكومة عبالكريم قاسم واصدروا البيان رقم 13 المشهور انذاك والمتضمن ابادة الحزب الشيوعى العراقى بحجة ملاحقة والانتقام من حركة عبدالوهاب الشواف فى الموصل عام 1959 وتحت تبرير ان الشيوعيين قد قاوموا الانقلابيين وساهموا لدحر حركة الشواف . وزجوا بالالاف من المواطنين فى السجون والاعتفالات ومارسوا ضدهم ابشع انواع التعذيب الجسدى والنفسى وكم من الرجال استشهدوا تحت التعذيب وكم اعدموا ، واطلقوا يد الحرس القومى والذى كان يقودهم منذر الونداوى فى فى العراق ليفعلوا ما يشاؤوا ومنحت لهم كل الصلاحيات فى التصرف كالمجرم على حسن المجيد الذى ادى نفس الدور بعد عقدين من الزمن .
لهذا لم يكن هذا الانقلاب غامضا لدى الشعب العراقى وان حاول الانقلابيون تحسين صورتهم المشوهة عند الشعب فى المرحلة الاولى ودعوا الى تناسى الماضى وانهم قد جاؤوا لتحرير العراق وشعبه وصنع الجنة والنعيم لهم وبناء عراق قوى عزيز متذرعين بانهم لن يعودوا لحقن الدماء وكيف انهم نفذوا ثورتهم على حد قولهم بدون اراقة قطرة دم واحد واعلنوها بالثورة البيضاء . وقد انخدع البعض من العراقيين بوعودهم الجميلة بتحفظ وتردد ، لانهم كانوا يتذكرون ايام انقلاب 1963 واطلقوا الوعود الشفافة للشعب وسادت لهجة الانسانية والحقوق المدنية فى كل احاديثهم وخطبهم وكانت كمرحلة اولية لتثبيت اركان حكمهم ولكن المثل يقول بان الثلج لن يترك عادته ، وان صغير الذئب هو الذئب بعينه حيث لم يحالفهم حظهم او لم يتمكنوا من اخفاء نواياهم لفترة طويلة لانهم لم يكونوا قادرين على ذلك وكانوا كالذئب فى جلد الخروف فلم يمر اسبوعان الا وقادوا انقلاب تصفية بين رفاقهم الذين ازروهم بالامس وازاحوهم بالقوة ، وتابعوهم فى ديار الغربة وتم تصفية معظمهم ، واعقبها حملة اخرى من التصفيات فى بداية عام 1970 بحجة التامر على حكمهم من قبل الراوى وغيرهم .

اما فيما يخص القضية الكردية فقد بادروا لاعلان حسن النية واعلنوا بانهم يودون ويرغبون فى حل القضية على اسس علمية وسلمية وينهوا القتال والمعاناة وفعلا كانوا بحاجة لاستراحة زمنية لتصفية مناوئيهم وتثبيت اركان حكمهم فكانت نتيجتها اتفاق ال11 من ادار عام 1970 بين الحكومة وقيادة الحركة التحررية الكردية والتى كان يقودها البارزانى الخالد . ولكن النية الحقيقية للحكم لم يكن حل القضية بل تدمير قيادة الثورة وعزل الكرد عن قيادتهم فكانت المؤامرات الواحدة تلو الاخرى ضد قادة الكرد ومن ضمنهم البارزانى الخالد . ومرت الاربع سنوات المتفق عليها الجانبين لانهاء القضايا المعلقة ومنح الحكم الداتى للكرد ضمن منطقة كردستان المتضمنة محافظات السليمانية وكركوك واربيل ودهوك ولكن عندما تكون النيات غير صافية فتتعقد القضايا وكانت نيتهم الهاء الكرد للقضاء على قياداتهم ومن ثم جعلهم كعبيد لديهم . فاصدروا من جانب واحد مشروعا هزيلا لما كان يسمى الحكم الزاتى لمنطقة كردستان رغم انه كان مكسبا كبيرا للكرد لانه كان وللمرة الاولى ان ينطق ويعترف حكومة عراقية بالحقوق القومية الكردية ، وبدلا من ان يلجئوا الى الرضوخ للواقع والمنطق تصالحوا مع الد اعدائهم نظام الشاه المقبور فقط من اجل القضاءعلى الكرد ومنح الشاه مقابل تلك الصفقة جزءا من مياه العراق فى شط العرب وهو المعروف بخط تايلوك وجزءا من الارض البرية . وعندها اتضحت النيات الخبيثة لهم عندما اعلن رئيس العراقى فى تلك الفترة المرحوم احمد حسن البكر بمناسبة انهيار الثورة الكردية والتى كانت تدعمها ايران ، بعد ان سدت كل الابواب امام الكرد فتخلوا عن السلاح لفترة من الزمن حرصا على حقن دماء الكرد قال الرئيس العراقى فى خطابه بتلك المناسبة ان من كان يتحدث عن مسالة كردية فان ما يسمى بالمسالة الكردية قد انتهت والى الابد .
وكان المرحلة الثانية من استراتيجيتهم بتدمير الكرد الا وهو ترحيل سكان المنطقة الجبلية الى مجمعات قسرية تشبه المعتقلات والبدء بزرع ثقافة البعث فى عقول الاطفال والشباب الكرد كمحاولة لصهر الكرد فى البودقة القومية العربية ،
لكنهم لم يشبعوا بما اراقوا من الدماء فى داخل العراق لمعارضيهم فاشعلوا نيران الحرب لمدة 8 سنوات مع الدولة الايرانية والتى كانت مجزرة حقيقية لشعبى العراق وايران وفقد حوالى المليون من شباب العراق فى الحرب عدا هدر الاقتصاد العراقى والتى كانت فى مصاف الدول الغنية امست تحت طائلة الديون الحرب ، وكانت دول الخليج تخشى من طموحات النظام وخاصة بعد تولى رئاسة الدولة فكانوا يريدون ان تبقى العراق منشغلة فى الحرب لئلا تفكر بهم وراحوا يمدونه بالمال لتمويل واستمرار الحرب وكان حربا بلا مبرر وكانت نتائجها كارثية للطرفين ولكن للعراق كانت بمثابة تدمير حيث خرج النظام من الحرب والعراق مثقل بمئات المليارات من الدولارات الغربية والعربية واقتصاد مدمر وبلد لا تتمكن ان تنتج شيئا ، فكانت مغامرته الاخيرة هى اجتباح دولة الكويت الجارة للعراق ، علما انهم كانوا يدعون بانهم يحاربون ايران من اجل الدفاع عن دول الخليج ، وتسبب بمغامرته تلك بتدمير ما تبقى للعراق فى حرب الخليج وما تلا ها من قصف جوى مستمر لمنشأت العراق الاقتصادية والحيوية ومرافق الحياة العامة للدولة العراقية .
ويمكننا ان تقول بان الخمسة والثلاثين عاما التى حكم خلالها نظام حزب البعث وصدام حسين كانت سنوات عجاف وسنوات تدمير وتخريب وماساة وكوارث للشعب العراقى عامة من البصرة والى زاخو انها مرحلة كانت مرحلة فظيعة من مراحل تاريخ العراق ان لم تكن افظعها . لقد جعل صدام ونظامه العراق الغنى بثرواته المعدنية وخاصة النفط وبمياهه الغزيرة واراضيه الخصبة وبتراثه الكبير وثقافته القديمة وحضارته العريقة وعقول ابناءه النيرة وبعلمائه بلدا من افقر بلدان العالم ودمر القيم الاصيلة التى كان يتميز بها الشعب العراقى ، ودمر المروث الحضارى الضخم واصبح يستجدى لدول كانت تعيش على خيرات العراق والعراقيين ، وقد قال صدام مرة لو تركت العراق ساتركها ارضا مدمرة وقد صدق بقوله فى تلك العبارة فقط ، انه رحل والعراق مدمر من كل نواحيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال