الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفجوة الغذائية في مصر

فتحى سيد فرج

2007 / 7 / 19
الادارة و الاقتصاد


يبدو أننا أصبحنا قادرين على تحويل قضايانا الكبرى إلى مجرد شعارات نلهى بها الناس ، ونكتفي بذلك بديلا عن الفعل والعمل ، فالمشكلة الغذائية في مصر أصبحت من أهم المشاكل التي كثر حولها الحديث وقل العمل ، فوفقا لما قاله د. مصطفي الجبلي وزير الزراعة الأسبق : في الأربعينيات كان هناك اكتفاء ذاتي – بل أكثر من الاكتفاء الذاتي – في معظم السلع الغذائية ، وفي أواخر الخمسينيات بدأ يظهر عجز محدود في بعض السلع ، وفي مطلع الستينيات بدأ الحديث بصوت منخفض عن هذا العجز .
ولكن المشكلة لم تكن قد أخذت إبعادها إلا في العقود التالية ، ثم أخذت تتفاقم في الفترة الأخيرة بشكل مضطرد، حيث تحولت مصر إلى دولة مستوردة لأغلب السلع الغذائية، مما تسبب في تزايد وتعميق ما يسمى " بالفجوة الغذائية " والتي تعني الفرق بين ما نستطيع إنتاجه من السلع والمواد الغذائية ، وبين ما يكفى الاحتياجات الأساسية لتوفير الغذاء لمجموع السكان .
ويرجع د. محمد سمير مصطفي الخبير بمعهد التخطيط القومي أسباب هذه الفجوة إلى ما يلي :
1. تدنى نصيب الفرد من الرقعة الزراعية لتصل إلى أقل من 12 % من الفدان .
2. الزيادة الكبيرة والمتوقعة خلال السنوات القادمة للسكان، مما يزيد من العبء الملقى على إنتاج الغذاء وتباين الفرق بين الإنتاج والاستهلاك .
3. تسارع معدلات التحضر وتغير أنماط الاستهلاك الغذائي .
4. أثر المحاكاة الذي يعنى أن أنماط الاستهلاك عادة ما تتأثر بالأذواق في البلاد الغربية .
ويمكننا أن نؤكد أنه منذ اندفع الإنسان وراء إغراءات الإنتاج من أجل السوق ولتحقيق أقصي ربح، فإن نبض الحياة خاصة في الغرب أتجه عكس الاتجاه الصحيح بتزايد واستنزاف الموارد، وأصبح الاستهلاك هدفا في حد ذاته، وخلقت وسائل الدعاية والإعلان حاجات مصطنعة وغير لازمة لحياة الإنسان، ولكنها أصبحت مجرد أنماط تنتقل بين البلاد بحكم التأثير والتأثر .
وباختصار نستطيع القول أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات الاستهلاك الغذائي نتيجة زيادة السكان، وتغير أنماط الاستهلاك، فأن معدلات النمو في مساحة الأراضي الزراعية لم تواكب التزايد الغذائي، ولكن ارتفاع معدلات إنتاجية اغلب المحاصيل في الأراضي الزراعية ساهمت في تخفيف حدة الفجوة الغذائية .
ومن المعروف أن تدهور أوضاع الأمن الغذائي تؤثر في القرار السياسي، وتزيد من فعالية استخدام الغذاء كسلاح من جانب الدول المصدرة له أو المانحة للمعونة الغذائية، وتاريخ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية تشير إلى أي حد تم استخدام الغذاء كأداة من أدوات النفوذ، أو كحافز لدعم نمط من السلوك السياسي، وذلك بسبب المعونات أو التهديد بسحبها كعقوبة سياسية ضد ما تعتبره الدول المانحة سلوكا ضارا وعملا عدائي ضد مصالحها أو مصالح حلفائها، وذلك كما حدث في مصر بعد يونيو 1967عندما وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على وقف اتفاقيات فائض الحاصلات الزراعية، كعقوبة بحجة قيام مصر بأعمال عدوانية ضد الولايات المتحدة وأصدقائها، وكما حدث أخيرا بتخفيض المعونة بمقدار 200مليون دولار كضغط لعدم التزام مصر بحقوق الإنسان .
مؤشرات الأمن الغذائي
• الرقم القياسي لنصيب الفرد من إنتاج الغذاء، وهو متوسط نصيب الفرد من الكمية المنتجة سنويا من الغذاء في بلد ما منسوبا لسنة الأساس .
• إمدادات السعرات الحرارية يوميا، أي صافي الإمدادات الغذائية في بلد ما مقسمة على عدد سكانه يوميا .
• نسبة الاعتماد على استيراد الأغذية، أي نسبة الواردات الغذائية إلى الأغذية المتاحة للتوزيع الداخلي .
• المعونة الغذائية من الحبوب، أي كمية الحبوب التي تقدمها البلدان المتبرعة والمنظمات الدولية، بما في ذلك برنامج الغذاء العالمي، والمجلس الدولي للقمح التي يتم الإبلاغ عنها في سنة محصولية .
وبصفة عامة فأن مصر تعتمد بنسبة عالية على استيراد الأغذية من الخارج، مما يؤدي إلى زيادة فاتورة وارداتها الغذائية باستمرار ويبدد مواردها من النقد الأجنبي اللازمة لتمويل وارداتها الرأسمالية من أجل توفير فرص العمل والحد من البطالة، كما أن ذلك يؤدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بما يتجاوز إمكانيات الأسر ذات الدخل المحدود والمنخفض .
مؤشرات التبعية الغذائية
وهى المؤشرات التي تقيس مدى اعتماد البلد على العالم الخارجي في تدبير احتياجاته الغذائية، وهى في نفس الوقت تقيس مدى تقدم البلد نحو تحقيق قدر متزايد من الاكتفاء الذاتي، وهذه المؤشرات هي :
• مدى التركز الجغرافي لمصادر الغذاء المستورد، لبيان ما إذا كانت الدولة المعنية تعتمد على دولة واحدة أو عدد محدود من الدول للحصول على نسبة كبيرة من وارداتها الغذائية .
• واردات الحبوب بآلاف الطن المتري، قيست الواردات من الغلال بمكافئات الحبوب بمقتضى التصنيف الدولي التجاري الموحد .
• نصيب الفرد من الحبوب بالكجم .
• المعونة الغذائية من الحبوب بآلاف الطن المتري .
• قيمة المعونة الغذائية بملايين الدولارات .
• نسبة اعتماد البلد على استيراد الأغذية .
• نسبة المدفوعات عن الواردات الغذائية إلى حصيلة الصادرات المنظورة وغير المنظورة .
وتعتبر الدولة التي تلتهم وارداتها الغذائية 30% أو أكثر من حصيلة صادراتها في وضع حرج، ومن ثم تقع في منطقة التبعية، وتعتبر الدولة التي تمثل وارداتها الغذائية اقل من 10% من حصيلة صادراتها داخلة ضمن منطقة الاستقلال .
وفي هذا الإطار تعتبر مصر دولة مستوردة للغذاء، وكذلك مستقبلة لمعونات الغلال سنويا، وتصل نسبة الاعتماد على الخارج لأكثر من 43% كما يرتفع نصيب الفرد من معونات الغلال فبعد إن كانت حوالي 30% خلال التسعينيات أخذت ترتفع سنة بعد أخري، كما أن مؤشر نسبة المدفوعات من الواردات الغذائية إلى حصيلة الصادرات تصل إلى 19% مما يجعلها تقع ما بين التبعية والاستقلال الغذائي .
وسنواصل طرح هذه القضية من خلال وجهات نظر أخري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر


.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل




.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و


.. قناطير مقنطرة من الذهب والفضة على ضريح السيدة زينب




.. العربية ويكند | 58% من الأميركيين يعارضون سياسة بايدن الاقتص