الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الشاعر الكنعاني محمود درويش....

يونس العموري

2007 / 7 / 19
القضية الفلسطينية


أن يقرأ الدرويش شعره على الكرمل بحيفا، فذاك مشهد اعتقد أن له كل الدلالات والمعاني... وان يعتلي فارس الكلمة الشعرية، صهوة حيفا، ليعلن عن الموقف الوطني، بلغه الشعراء الفلسفية لتتحول إلى بيان سياسي، بليغ فصيح واضح المعنى فذاك أيضا له كل الدلالات والمعاني... وان تأتي الكلمة الفصل من هذا المطوع للكلمة، خدمة لجمالية الألم وسط كل مشاهد الخراب والتخريب للذاكرة الوطنية الجمعية، فلذلك أيضا الكثير من المعنى الكامن في الذات، منذ أن أصبحت الخيانة وجهة نظر، والقتل مباحا مستباحا، من اجل أن تعلو كلمة حراس المعبد الجديد على الأرض....

حاول هذا القادم.. العائد... إلى الحيفا.. أن يتمنطق بمنطق الفرسان النبلاء العائدون إلى حضن الأم... بعد أن كان لابد من أن يغادره ليكون اللقاء أكثر حميمية.. فكثيرة هي الأشياء التي لابد من الإمعان بصناعتها، وتقدير مواقفها، والعمل على خلق ولادتها، لتكون أكثر جمالية والأكثر إبداعا للخلق...

درويش كان لابد له من أن يغادر كي يعود كما كانت عودتة إلى الكرمل مغنيا للكلمة ومطوعا للحرف لينحت الموقف المعبر عن الذات المؤمنة بعبقرية صناعة اللوحة الجمالية بعبقرية هذا الرحيل الأول ليلمس شكل وطبيعة طريق العودة إلى الوطن وكونها الأجمل من الوطن ذاته فالطريق إلى الوطن لا شك أنها الأجمل والأنقى ولربما أيضا الأبهى... وربما أيضا كان لابد من فعل الرحيل ليكون اللقاء كما نشتهي... وهو الذي حاول أن يعتبر أن يكون اللقاء طبيعي في سياق طبيعة الأشياء ومنطقها الفيزيائي... وحيث أن لفلسطين منطق حسابات أخرى مختلفة عن كل الحسابات الإنسانية فمن الطبيعي أن يتحول الحدث في اللقاء الدرويشي شأنا عاما واحتفاليا... وأوليس القادم في حضرة الكرمل من ترجل منه ليعود على صهوة الخيل منذ أن بدأ خطواته نحو طريق العودة مجددا حاملا معه كل إبداعات الكلمة والموقف والجمل المعبرة عن ذواتنا المبعثرة بكل الأمكنة....؟؟ وليكون الصعود للكرمل وقد اكتمل النص جمالا وإبداعا وليصبح على هذه الأرض ما يستحق الحياة....؟؟ ودون أن نجهد أنفسنا بالسؤال المعتاد لماذا كان النزول عن الكرمل يوما..؟؟ نقول وبلغته أيضا حتى يكون الصعود بالموعد القادم... فلا يمكن أن يكون صعودا دون أن يكون نزولا.... وحتى لا تفقد اللغة حضنها ومرجعيتها كان لابد من الصعود مجددا نحو قبلة السماء حيث اللغة الوحيدة القادرة أن تعلو وان تسمو وان تحاكي رب عرش السماوات تضرعا وحبا وتحنانا... ولا مكان للتضرع، والأقرب إلى الرب.. سوى كرمل الحيفا الأقرب إلى سماء ملتحما بزرقة البحر لتتشكل لوحة ربانية من جديد...
ليس من الحق أو الخيار أن يختار من يعتقد أن المنافي قد تخلقه من جديد أو من يتحكم بمصير فعله الشعري أو اللغوي أو الإنساني وليس من حق هؤلاء جميعا أن يستكينوا للحدث إلا إذا أعلنوا أن تمردهم وإصرارهم على الحياة وسط الدمار ممكنا وان المنفى جزء من مشهدية الوطن وفيها يتشكل الوطن أكثر وضوحا والرؤية تصبح أكثر نقاوة وتتضح المعاني حينما نضع النقاط على الحروف فالمنفى أيضا جزء من الوطن... وان للحب فسحة أمل وسط الأحمر القاني... حينها... وحينها فقط من حقك أن تصعد الكرمل وان تغني شعرك وترتجل قولك كلاما فصيحا بليغا جميلا.... فهنا كانت البدايات ولابد من تتواصل الكلمات... ومن هنا كانت التكوينات لرحلة المغامرات خارج تشكيلات جغرافيا المكان... وذاكرة المكان تختزن الكثير من خبايا الأحلام المتطايرة على شواطىء الحيفا...
هو التاريخ الذي لابد من صناعة أبجدياته من جديد ليستوي مع ما نريد من مسيرة لربما تكون عكس مسار الواقعية الجديدة وأنصارها.. وأنت من عاكس مسار واقعيتهم حينما تمرد على كل القوانين بما فيها قوانين ممانعة الوطن في لحظات التوق للإنعتاق من كينونة المكان والزمان وكنت أن أبحرت غربا وشرقا وحينما جاء الريح الشمالي وجدناك هنا بالكرمل... كان لابد من أن تستكين على سفوحه ولو للحظة وتحط ترحالك لتلقي علينا البيان الأتي حتى نعي ونفهم ونتوازن مع الذات في لحظات الصدمة... فأنت جزء من هذا التاريخ المتواصل والمستمر بإحداث صدماته بصرف النظر عن مكامن الخلل فيه....
كنا بحاجة وما زلنا الأكثر حاجة لأن تصدمنا كلمات مزاميرك وتفسر لنا شيئا من عبثية كوابيس الفعل المجنون على الأرض وكانت أن أتتنا تلك البلاغة حينما قلت... (...لكن كوابيسنا لم تزج بغزة في هذا المشهد إلى أن صحونا من الغيبوبة على علم ذي لون واحد يصرع علما رباعي الألوان وعلى محاولة انتحار المعنى علانية في الشوارع وعلى أسرى بزي عسكري يسوقون أسرى عراة إلى كاميرا النصر....) كنا بحاجة إلى قراءة من هذا النوع حتى نتوازن ولو قليلا ولنفسر الأشياء بتفسيراتها الصحيحة وحتى نضع النقاط على الحروف.. إذن كان لابد لك من أن تصعد إلى الكرمل وتلقي علينا تعويذة تحمينا من شرور وشرود أفكار الكفر المعششة في أعماقنا....
فقد صار لنا إمارة هناك وحاكمية هنا... ولنا أن نختار مابين أن ننتصر أو ننصر ذواتنا بشيء من وهم فعل فرسان الانتصار ونجرب ولو لمرة معنى السجود في حضرة هتافات التكبير على أعتاب وبوابات القلاع المهزومة....

مرة أخرى نحاول مجتهدين أن نفسر حقائقنا سيدي الشاعر الكنعاني الناطق بالضاد العربية لنستوعب أهات الظلم فينا وكيف لها أن تحرق دساتير تراثنا المتقوقعة بالنص الخرافي بأننا ملائكة هذا الزمان، فكنا أن فوجعنا بشكل المرايا حينما انعكست صورنا على شكل بشر تائهون باحثون عن معانينا... وتكون أن تأتينا أخبارنا لنكتشف زيفنا وان من منا من يمضي بصومعته متطرفا حتى يحتكر المعبد منصبا نفسه سيد سدنة الجنة والنار.... ومنا من يمضي بلهوه ولعبه... ممعنا بالتخريب حتى يقدمنا قرابين على مذابح رؤيته الواقعية السياسية الجديدة... كنا بحاجة لقراءة مزاميرك من جديد حتى نصحو من وهم امتلاكنا لحقيقة ذواتنا... واعتقد أن ابتهالاتك على الكرمل قد جاءتنا بيانا فصيحا بليغا.... كافيا شافيا... ولابد لهذا الشعب من أن يمسك بزمام فعله ومصيره من جديد....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السنوار لا يعلم عدد الرهائن وأماكنهم.. وإسرائيل تقتل إثنين م


.. الملف النووي الإيراني.. إلى تصعيد جديد مع الغرب




.. روسيا تسقط 87 مسيرة أوكرانية.. وبوتين يحدد الشروط -غير المنط


.. واشنطن بوست: أمريكا كثفت منذ بدء الحرب جمع المعلومات الاستخب




.. مراسل الجزيرة: تقديرات إسرائيلية بانتهاء العملية العسكرية في