الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب والقضاء الليبي ينتصران لحق الانسان في الحياة

سحر مهدي الياسري

2007 / 7 / 19
الغاء عقوبة الاعدام


لقد قال القضاء الليبي كلمته الأخيرة في حكم الإعدام الصادر ضد الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني في الجرائم المنسوبة إليهم بحقن أطفال ليبين بفيروس نقص المناعة ( الايدز) أثناء عملهم في أحد المستشفيات الليبية بإبدال عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد منتصرا لحق الإنسان في الحياة ,ومتعاليا عن ثقافة الثأر والانتقام, ومعبدا الطريق للإلغاء عقوبة الإعدام الذي رسمته الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير الصادرة عن المؤتمرات الشعبية والتي هي دليل البشرية نحو الخلاص النهائي في مجتمع يتمتع كل أفراده بالمساواة, واعتبرت حق الإنسان في الحياة مقدس ويجب الحفاظ عليه, وأن غاية المجتمع الجماهيري إلغاء عقوبة الإعدام,سائرا على نفس الطريق الذي ترسمه المعاهدات والمعايير الدولية للإلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها عقوبة بدائية ولا إنسانية تهدر حق الإنسان في الحياة وحرمة جسده الذي أوجبت جميع الشرائع الدينية والوضعية على احترامه والحفاظ عليه .
إن مبدأ القصاص يلبي حاجات المجتمع وينشر الطمأنينة وتحقيق العدالة, ولكن يبقى الحق في الحياة أصل كل حقوق الإنسان في الكرامة والحرية والأمان والمعاملة الإنسانية, وهو حق للفرد كما هو حق للجماعة لا يجوز التفريط به أو التنازل عنه, وهو حق طبيعي منبثق من طبيعة الأشياء وهو حق مقدس, إن عقوبة الإعدام تمثل منتهى الوحشية والقسوة والمس بالكرامة الإنسانية , وهي انتهاك فظ ومريع لحق الإنسان في الحياة.
لقد مورس قتل النفس البشرية في كثير من المجتمعات كعادة أو تقليد أو ثقافة, ولكننا اليوم نعيش عصرا آخر تقدس فيه النفس البشرية ويعتبر الحق في الحياة حقا أساسيا, كما أن تقدم مستوى التعليم وتطور الوعي الثقافي في المجتمع وسيادة مناخ التسامح والانفتاح على الآخر من العوامل التي ساهمت بشكل إيجابي في تعزيز الرؤى المنادية بالنظر إلى هؤلاء المجرمين بوصفهم في المحصلة النهائية بشر. أن استخدام عقوبة الإعدام و الحكم بها يذكرنا بممارسات باتت من الماضي مثل الرق والاستعباد والتعذيب المبرر اجتماعياً أو المسوغ قانونياً. لقد بينت المسيرة التاريخية للجنس البشرى زيف الدعاوى القائلة بأن عقوبة الإعدام "أو القتل القانوني " بإمكانها خلق مجتمع خال من جرائم القتل أو الجرائم المروعة.
أن عقوبة الإعدام أبشع من جريمة القتل، فالمحكوم عليه بالإعدام يكون عاجزا كل العجز عن القيام بأي شيء لمحاولة انقاد حياته في لحظة تنفيذ العقوبة.من جهة أخرى يقال أن إعدام القاتل مثلا أمر ضروري لكي يكون عبرة للآخرين، لكن أليس ثمة سبيل آخر أكثر إنسانية و أفضل من الإعدام لتعليم البشرية فداحة عمل القتل و هل عقوبة الإعدام قادرة على وقف تلك النوعية من الجرائم التي تهدد أمن المجتمع.
أن من أولى مقومات دولة القانون أن تكون العقوبة للإصلاح و التقويم لا للثأر والانتقام ولم تثبت الدراسات العلمية حتى الآن صحة المقولة التي تفترض أن عقوبة الإعدام تقلل من جرائم القتل أو تخفف من انتشار الجريمة في المجتمع أو أنها تشكل رادعاً للمجرمين. لا يمكننا اعتبار الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام دفاعا طيباً وساذجاً عن مرتكبي الجرائم الخطرة في المجتمع أو دعوة للتسامح معهم بقدر ما نعتبرها دعوة لتعزيز الدفاع عن الحق في الحياة لكل إنسان وهو الحق الذي يقع في القلب من منظومة حقوق الإنسان فحياة الإنسان هي أعلى قيمة يجب الحفاظ عليها والدفاع عنها.لقد كان قرار المحكمة الليبية العليا قرارا إنسانيا مؤكدا لقيم عصر الجماهير في حق الإنسان في الحياة, ومنارا يضيء الطريق أمام القضاء في منطقتنا نحو التوجه للإلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها إهدارا لحق الإنسان في الحياة .
لقد سجل الشعب الليبي في تاريخه الحافل بالانجازات انجازا حضاريا بتخليه عن ثقافة الثأر وأنتصر لقيم التسامح والمغفرة والقدرة على تجاوز الالام وأن يكون من الشعوب العربية السباقة لرفع راية حق الحياة لكل البشر بغض النظر عن جنسياتهم وديانتهم واعراقهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة


.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر




.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ