الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية التي ضحى الشعب العراقي من اجلها

ابتسام يوسف الطاهر

2007 / 7 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



لا يمكن إنكار الفرح الذي عم الناس الذين حوصرت قلوبهم وكممت افواههم لعقود مظلمة، وكان املهم بعد سقوط النظام الصدامي البعثي، ان الامور ستتحسن وسيعوض الله صبرهم خيرا!
فالحرية التي ترقبوها لم تكن منحة من قبل الامريكان كما يدعون، بل الحقيقة ان الامريكان ساهموا بتاخيرها وبالحرمان منها او تاجيل اكتسابها، حتى صار النظام البائد، حليفهم، لاجدوى منه، وتاكدوا من ضعف الشعب العراقي بعد الحصار المرير لاكثر من اثنى عشر عام، اعلنوا الحرب التي ادعوا انها من اجل تحرير الشعب العراقي.
ولم تكن الحرية منحة او (مكرمة) من هذا الحزب او تلك السلطة، بل هي من تضحيات جسام قدمها الشعب العراقي بكل فصائله وفئاته، بتداءا من الام التي صبرت وكابرت لتحمي اولادها ولتربيهم وتواصل ارسالهم للمدارس بالرغم من مضايقات المعلم الذي يطالبها بدفع المبالغ لكي ينجح ابنها، بعد ان صارت الرشاوي ضاهرة مالوفة وعمت كل قطاعات الحياة، فلا يمنح الطالب شهادته الا بدفع المبالغ الطائلة، بعهد القيادة البائدة.
والحرية دفع ثمنها الشباب الذي رفض الانصياع للاوامر الرعناء التي ميزت تلك القيادة مما عرضهم للاعدام الذي كان ينفذ من قبل جهة واحدة واليوم ينفذ بالابرياء من قبل اكثر من جهة حاقدة وامام الكامرات!
ودفع ثمنها الجنود الشجعان الذي رفضوا احتلال الكويت ليتعرضوا للتشويه بعد ان قطعت تلك القيادة الهمجية اذانهم!؟ والذين المفروض بالقيادات الكويتية تبادر لمعالجتهم تثمينا لموقفهم البطولي ذاك.
ودفع ثمنها غيرهم ممن هُجّروا وتغربوا وجاعوا ولم يبيعوا ضمائرهم. بلى كان الثمن غاليا ذلك الذي دفعه الشعب العراقي من اجل حريته بعد عقود من الخوف والحرمان من ابسط الحقوق واولويات الحياة.
من حقهم ان يفرحوا وهم يروا الصحف يُكتب بها مالم يجرؤا عليه من قبل، او يشاهدوا مذيعا يخاطب وزيرا بلا خوف ولا القاب يضطر يسطرها قبل النطق باسمه.. بل البعض من المذيعين صاروا يتلبسون شخصية شرطي المخابرات حين يكون الوزير معهم مهذبا ولطيفا!
وصار لكل واحد موبايل، بعد ان كان حكم الاعدام ينتظر كل من يجرؤ على اقتنائه من غير حاشية القائد الضرورة. صار كل بيت يملك ستلايت ويقدر ان يتنقل بين الفضائيات دون خوف ورعب من اقتحام الشرطة لبيته واعتقاله لو ضبط متلبسا بجرم امتلاك ذلك الصحن.
والكمبيوتر، صار من حق كل واحد اقتنائه، بعد ان كان امتلاك الة طابعة يدوية يعتبر من الجرائم التي تعرض صاحبها للاعدام! الذي صار اليوم علنيا على يد كل من يحمل سلاح من الجهلة الحاقدين.
نعم صارت الصحف اكثر من الهم على القلب كما يقولون، والفضائيات تزاحم النجوم كل يغني او يلطم على ليلاه ببرامج لا طعم لها ولا رائحة.

ولكن ما جدوى الفضائيات والكمبيوتر بلا كهرباء، ما جدوى الصحف وانت لاتقدر ان تبعث ابنك ليشتريها لك، فالقتل والخطف طال حتى الاطفال الموزعين للصحف!
ليكتشف المواطن العراقي ان الحرية التي انتظرها عقودا وقدم من اجلها التضحيات، صارت حرية للقتل والخطف والتخريب، بلا وازع انساني او قانوني، بلا خوف من عقاب . وبعد ان كان التهديد واحد، صار متعدد الاذناب ومن كل الاتجاهات.
فهل من المنطق ان نقعد مكتوفي الايدي؟ نلعن امريكا ومن اتى بها.. وندين الحكومة مادامت عاجزة عن حمايتنا، وندين الميليشيات التي توزع تهديدها للحكومة مرة وللشعب المتعب مرات. لابد من تكاتف الجميع شعبا واحزاب وحكومة لابعاد كل اعداء العراق بكل اصنافهم وتنقية السلطة من كل الذين ولائهم لغير العراق. ودعم الحكومة للاسراع باتخاذ الاجراءات اللازمة لانهاء مبدأ المحاصصة والتقسيم الطائفي للسلطات، واعتماد ذوي الكفاءة والاخلاص للوطن والشعب وابعاد ذوي الولائات الطائفية والعنصرية او القومية. وهنا نشد على يد رئيس الوزراء المالكي بدعوته لتشكيل حكومة بعيدا عن المحاصصة الطائفية. وذلك لايتم الا بانتخابات حرة حقيقية لايسمح برجال الدين التدخل بها، او أي اطراف تلجأ لوسائل غير قانونية وغير ديمقراطية. هذا لوضع حد لانهاء حالة الفوضى واستمرار العمليات الارهابية.
وعلى الدولة الاسراع بحل الميليشيات بخطة تدريجية وإعادة تأهيل عناصرها مدنيا.. ومنع مظاهر التسلح بكل اشكالها. وهذا لايتم الا بتعاون الجميع .
كذلك ضبط الحدود والتعاون مع للأمم المتحدة وقواتها للقيام بذلك وتحميل الدول المجاورة المعنية مسؤوليات أيّ خرق..
و العمل على تحسين خدمات الكهرباء والماء باسرع وقت لرفع بعض الاعباء المرهقة التي ينوء المواطن العادي تحت ثقلها ولتمكنه من تحمل الاوضاع المزرية الاخرى ، ولمنع عصابات القتل والخطف والسرقة من ممارسة جرائمهم .
والاسراع بتشكيل أجهزة حماية لكل المؤسسات خاصة التي تتعرض للانتهاك من قبل الارهابيين او الميليشيات، مثل الأكاديميات والجامعات ومؤسسات البحث العلمي والمؤسسات والمراقد الدينية كافة، فضلا عن مؤسستي النفط والمؤسسات الثقافية خاصة مايتعلق بالآثار والمكتبات ودور السينما والمسرح...
حتى لو تطلب الامر الاستعانة ببعض الخبراء او مؤسسات الدول ذات الخبرة (من غير الامريكان) لتحقيق مثل تلك المطالب. لعل المواطن بعدها يعرف مذاق الحرية الحقيقية .

تموز 2007









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا