الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعبلّه

خليل مزهرالغالبي

2007 / 7 / 22
الادب والفن


لقد فاجئني ترجل الآخرين من السيارة، نعم كنت موغلا مع ذلك الهم الأبدي الذي أورثته لعبة الطغاة معـــــــــــي
كم ستدوم تلك الدوامة المرعبة بالبحث عن جثث موتانا ...إنها للعبة ِالتغيب أخر موديل تبتكره حكومات الدمٍ،،فكل من يعدمُ أو يمـــــــوت في السجن ِتسلمُ جثته لذويه ،فلماذا هذا الاستخفاف بالبشر انه استهتار مبعده أخر
كانت السماء على وشك أن تمطر وها نحن نسلك طريق ترابيً بعد أن تركنا السيارة قبل وقت ليس بالقليــــــل
الى حيث تجمهرَ عدد من الناس على حفرةٍ راحَ البعض بإخراج عدد ٍمن الجثث منها، ِكنت في الصف الاخير من الحشد الملتـــــف على الحفرة وما أن تصاعدت كلمات (الله اكبر الله اكبر)وأصواتٌ تتطايرُ من الجمع ِمحترقة بلوعة ِالحـــــــدث حتى وجدتُ لي فسحة لأطل على ما يحصل لأرى الرجلَ وهو يشيرُ إلى ذلك الجسد والذي ينم عن امرأة من خلال ِبقايا بعض الدلالات والمعالم المنبعثة من كتلة التراب المحيطة بذلك الجسد وهو ملتفا بتكويره فيها من الحنان المفجع على جسد أخر ٍصغيـــــــر.
نعم انه طفل ٍلا يتجاوز الثلاث سنوات ...لم يزل ملتصقا ًبجسد أمه التي ٍأورثته العناية والحماية والدلال والكركرات،آه ٍأيها الطفل أي حماية ٍ بقيت في زمن الاستهتـــــار والقتل
لقد كنتَ في زمن ِانحسار المعادلة الإنسانية وتقهقر المُثل أحسستُ بتمايلي وأوشكتُ على السقوط من الدوار الذي تصاعد في رأسي المهموم لولا تمسكي بالأجساد المولولة التي تزاحمني الفجيعة والمكان، نعم أنها أُمٌ و طفلها. لقد أيقنت المشهد... آه ٍأيها الطفل المدلل هل اندفعت إلى حضن أمك لتقيك الموت وأنت تختنق تحت تراب هذه الحفرة اللعينة ،ماذا ستفعل لق إنها لم تعد في باحة ِذلك البيت الذي يلمك واخوانك ومداعبات أبيك لتهرع إليك لا..لا..لا...إنها في مكان الاحتضار ولحظة هبوط المقصلة،، لكنها لا تتركك بعيداً عنها وحيداً في هول ِهذه الحفرة (فكلنا في مصير ٍواحد ياطفلي في استقبال هذا الموت ٍ...لكني سأضمك لي، لربما... لربما سأوزع شيء من بقايا أنفاسي اليك كي لا أرى موتك الملتصق بي ٍ...)
يا إلهي هل لهؤلاء أم، زوجة ،طفل ،هل لهم شرف.كيف يرسمون هؤلاء قبلة على خد اطفالهم بدون ان ينبعث الدخان منها ، كيف يحملون الفاكهة الى اولادهم بدون ان تتحول الى حجر ويزورون مرضاهم بدون ان يبقوا عندهم الموت الزؤام (هتلر ولا هم) صيحة انطلق هل من فمي المرتجف ام من رجل أخر....لا أعرف
كانت الأشجارُ على مسافة ٍوهي تطلقُ حفيفاً حزيناً يتلوى كأ لتواء ِأغصانها وتلوي هذه الأجساد المفجـوَعة ِوالمستديرة على الحفرة ِبنصف استدارة بعد أن صاح أحدهم بأن يفتحوا مجالاً لرفع ِالجثة ،حتى أزاحوا ذراعَ الأم ِالملتفِ حول الطفل ِ،فانتشل رجلٌ آخر الجسدَ الصغير وقام برفعه وما إن فعل ذلك حتى سقطت (دعبلة) من يد الجسد الصغير و الممسكة على (دعبلة) اخرى وكأنه لايريد ان يتركها غير داريا بنهايته ونهاية طفولته... ممسكا على لعبه ِوحنان أمه ِآه آه آه ..كم كنتم ملعونين ايها السفلة وانتم تدفعون بهذا الطفل للموت.....
تراجع قسم كبير من المحتشدين وراح كل منهم ينفرد مع ذهول وهول المشهد وما أصابهم من الم ونوع من الخوف صك على رأسهم
ساد صمت ثقيل تحت هذه الطائلة نعم لقد أخرسهم المشهد إلا تصاعد ذلك النشيج من امرأة وأخرى تعب التراب على ذلك الرأس النائح
لم اعرف هل انه وقت ليل ام نهار لم أرى شمس أو غيوم لم أتذكر هل الوقت صباحا أو ليلا فلقد رأيت الكرة الأرضية كل الكرة الأرضية تسقط من يد الطفل الميت... حينها سمت صديقي يقول( ان ألم في أحشائي بدء يتوالد فيّ وما عدت قادرا حتى على الجلوس )
ماذا علي أن افعل له وها انا لم أرى شيء غير تصدعي وذلك الجزع الذي يدق في روحي المتعبة فها أنا قد تمددت على الأرض وفي قبضتي صم من التراب رميته بوجه ذلك الأفق الذي اخذ بالانحسار خجلا من المشهد والأشياء ...لم يقتلوا الحياة في حفرتهم هذه فحسب فها أنت ترى قتلا للإنسان قتلا للأم والطفل وقتلا للطفولة وألعابها
في اليوم التالي وأنا في طريقي لزيارة الإمام علي (ع) مر موكب أمامي وبعد أن عرفت انه لضحايا تلك الحفرة هرعت للبحث عن ذلك الجسد الصغير كي استطيع ان احمله وحدي نعم اريد ان احمله وحدي حتى مثواه الاخير جريت خلف الموكب ودموعي هي الاخرى تجري باحثة عن ذلك التابوت الذي يتنكب بمشهد سيبقى يطاردني
..........................................................................................................................
الدعبلة--كرة زجاجية صغيرة يقتني الاطفال مجاميع منها للعب فيها لعبة مارسها اطفال العراق عن زمن بعيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟


.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا




.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل


.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل




.. الطفل آدم أبهرنا بصوته في الفرنساوي?? شاطر في التمثيل والدرا